صنعاء | سَجّل سعر صرف العملة اليمنية في المحافظات الخارجة عن سيطرة حكومة صنعاء، أخيراً، انهياراً تاريخياً هو الأوّل منذ قرابة 60 عاماً. إذ تجاوَز سعر صرف الدولار حاجز الـ1000 ريال في مدينة عدن خلال اليومين الماضيين، ليقود إلى ارتفاع موازٍ في أسعار المواد الغذائية والأساسية، وذلك بعد وصول شحنات نقدية من العملة المطبوعة في روسيا إلى ميناءَي عدن والمكلا جنوبي البلاد خلال الأسابيع الفائتة. ويعزو مصدر اقتصادي في عدن، في حديث إلى "الأخبار"، الانهيار الجديد في سعر الصرف إلى "غياب أيّ سياسة مالية ونقدية لدى حكومة عبد ربه منصور هادي وبنك عدن المركزي، وقيام تلك الحكومة بالسحب على المكشوف من المركزي منذ مطلع العام الجاري، فضلاً عن لجوئها إلى طباعة تريليون ريال يمني من دون غطاء في شركة جورناك الروسية لسداد العجز في موازنتها"، بعدما تنصّلت الرياض من وعود قطعتها لـ"حكومة المناصفة" بين "الشرعية" و"المجلس الانتقالي الجنوبي"، قبيل تشكيلها أواخر العام الماضي. ويسخر المصدر من تبرئة مصدر مسؤول في بنك عدن، أول من أمس، حكومة هادي والتحالف الذي تقوده السعودية، من الوقوف وراء ما وصفها بـ"الكارثة الاقتصادية التي ستضاعف معاناة الملايين من اليمنيين في المحافظات الجنوبية"، وتبريره تدهور سعر العملة بتراجع الاحتياطي الأجنبي لليمن نتيجة تراجع المساعدات والمنح الدولية وتحويلات المغتربين اليمنيين في الخارج، ونفاد الوديعة السعودية المُقدَّمة مطلع عام 2018، وإغفاله الحديث عن عائدات تصدير أكثر من 18 مليون برميل من النفط سنوياً، تُقدَّر بقرابة مليارَي دولار، تساوي الوديعة السعودية التي تدّعي حكومة هادي أنها حافظت على استقرار سعر الصرف خلال العامين الماضيين.
ترافق التدهور الأخير في سعر الصرف مع ارتفاع موازٍ في أسعار المواد الغذائية والأساسية

حكومة صنعاء، التي اتّخذت أواخر الشهر الماضي إجراءات مشدّدة لمنع تسلّل الطبعة الجديدة من العملة المطبوعة أخيراً بتاريخ قديم يعود إلى عام 2017، والمنتمية إلى فئة الألف ريال، والمتشابهة مع حيث الحجم والمواصفات الفنّية مع الفئة النقدية نفسها المتعامَل بها في صنعاء، حمّلت حكومة هادي و"التحالف" مسؤولية انهيار الريال في المناطق الخارجة عن سيطرتها، مُتّهمة السعودية، في بيان صادر عن "اللجنة الاقتصادية العليا" في صنعاء أول من أمس، بنقل شحنات من العملة المطبوعة إلى مطار سيئون، وتوزيعها بشكل مباشر، من دون تقييدها في البنك المركزي في عدن أو المكلا. وأرجعت اللجنة، في بيان، "الانهيار الأخير إلى الطباعة المفرطة للعملة من دون غطاء نقدي، بما تجاوز خمسة تريليونات ريال"، داعية "المواطنين والتجّار ورجال المال والأعمال إلى العزوف عن التعامل بتلك العملة، ونقل رؤوس أموالهم إلى صنعاء للحفاظ عليها من التآكل، كون سعر الدولار في صنعاء لم يتجاوز حاجز الـ600 ريال". وحضّت أبناء المحافظات الجنوبية على التحرّك لـ"إيقاف السياسة التدميرية للعملة الوطنية، وإيقاف عمليات تهريب العملات الأجنبية إلى حسابات قيادات الشرعية في الخارج"، مُجدّدة دعوتها إلى "تحييد الاقتصاد اليمني"، "بما يفضي إلى إنهاء معاناة المواطنين في المناطق المحتلة، واستقرار أسعار الصرف، ودفع مرتّبات موظفي الدولة في كلّ أنحاء البلاد".
وفي ظلّ تصاعد المخاوف من ردّة فعل شعبية غاضبة جرّاء انهيار سعر الصرف، حمّل "المجلس الانتقالي الجنوبي"، الموالي للإمارات، حكومة هادي، مسؤولية هذا الانهيار، الذي حذّر من أنه "سيُدخل البلاد في مجاعة لن تُحمد عقباها". وطالب المجلس، في بيان أمس، بـ"التعجيل في تنفيذ الشقّ الاقتصادي من اتفاق الرياض"، داعياً "التحالف" إلى "الإسراع في اتّخاذ الإجراءات الرامية إلى وقف هذا التدهور المتسارع، وتداعياته الكارثية على الوضع الإنساني"، مشدّداً على "ضرورة إعادة حكومة هادي إلى مدينة عدن للوفاء بالتزاماتها والاضطلاع بمسؤولياتها المتّصلة بتنفيذ الاتفاق". وبعدما تراجعت السعودية عن موافقتها على وضع وديعة جديدة في بنك عدن المركزي قدرها مليارا دولار مطلع تشرين الأول الفائت، تقدّمت حكومة هادي، وفقاً لمصادر سياسية، بطلب رسمي إلى دولة الكويت مطلع نيسان الفائت، لدعمها مالياً تحت ذريعة إعادة تفعيل المؤسّسات وسداد نفقاتها، لكنّ الكويت لم توافق على طلبها حتى اليوم. وعلى رغم إدارة السعوديين الظهر لتلك الحكومة، أطلق رئيس مجلس الشورى الموالي للرئيس المنتهية ولايته، أحمد عبيد بن دغر، أمس، نداء استغاثة لقيادة المملكة، لـ"إنقاذ اليمن من المجاعة نتيجة انهيار سعر صرف العملة وتجاوزه حاجز الألف ريال"، داعياً الجانب السعودي إلى "التعاطي الأخوي" مع طلب هادي تقديم مساعدة عاجلة لوقف تدهور العملة.