صنعاء | تعثّرت المساعي الأممية في تحقيق أيّ اختراق في ملفّ الطرق والمعابر الإنسانية في محيط مدينة تعز، والمحافظات اليمنية الأخرى. فالمقترحات المقدّمة من جانب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إلى أطراف الصراع اليمنيين، لن يُكتب لها النجاح من دون موافقة السعودية، صاحبة القرار الأوّل في هذا الشأن. كذلك، تبيّن التحرّكات على الأرض أن تمديد الهدنة لم يحصل بفعل رغبة الرياض في الانتقال من حالة الحرب إلى حالة السلم، على رغم مطالب العديد من الدول الأوروبية بتحويل الاتفاق إلى فرصة لإعلان وقفٍ دائم لإطلاق النار، في ظلّ استمرار الحرب الروسية - الأوكرانية التي كان لها دور في فرض الهدنة والدفع نحو تمديدها.ولم تَعُد صنعاء تُبدي تفاؤلاً إزاء نيّة الطرف الآخر تنفيذ بنود الهدنة، والمضيّ في تنفيذ خطوات بناء الثقة، خصوصاً بعد رفض التحالف السعودي - الإماراتي منْح طيران «اليمنية» تراخيص هبوط في مطار صنعاء. وفي هذا الإطار، حذّر رئيس «المجلس السياسي الأعلى»، مهدي المشاط، من مغبة التلاعب بالاتفاق، معتبراً أن استنزاف الوقت من دون التخفيف من معاناة اليمنيين «أمر غير مقبول»، فيما دعا الأمم المتحدة إلى الضغط على الطرف الآخر لتحويل كافة موارد الدولة من الثروات النفطية والغازية والرسوم الضريبية والجمركية إلى حساب المرتّبات، لإنهاء معاناة موظّفي الدولة.
تُجري الجماعات الموالية لـ«التحالف» ترتيبات عسكرية في جبهات عدّة تعكس غياب أيّ نوايا لوقف الحرب


ويرى مراقبون أن تعليق الرحلات التجارية من مطار صنعاء، ما هو إلّا محاولة ابتزاز جديدة تتعرّض لها حركة «أنصار الله» للقبول بالحلول الموجودة لملفّ الطرق والمعابر، بعدما فشلت الجهود الأممية، لغاية الآن، في تحقيق أيّ اختراق على هذا المستوى. لهذا، أصبحت مؤشرات انهيار الهدنة الإنسانية واردة، في ظلّ تصاعد خروقات اتّفاق وقف إطلاق النار في جبهات عدّة. وفي ما يخصّ ملفّ الأسرى والمعتقلين، توكد صنعاء أن هناك تعمُّداً لإطالة أمد معاناة هؤلاء، على رغم اتفاق أطراف الصراع، مطلع آذار الماضي، على تنفيذ صفقة تتضمّن الإفراج عن مئات الأسرى والمعتقلين من كل طرف. وعلى رغم المماطلة، يرى مراقبون أن هناك رغبة سعودية مؤقّته في تأجيل التصعيد إلى حين انتهاء زيارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى الرياض، والتي تمّ تأجيلها حتى مطلع الشهر المقبل.
على المستوي الميداني، تُجري الجماعات الموالية لـ»التحالف» ترتيبات عسكرية في جبهات عدّة تعكس غياب أيّ نوايا لوقف الحرب. فبالتزامن مع تحركات عسكرية كبيرة تمّ رصدها، خلال اليومين الماضيين، في محافظات البيضاء وشبوة والضالع ومأرب، تلقّى المئات من العناصر السلفية المتطرّفة تعزيزات من الساحل الغربي إلى منطقة يافع الواقعة على خطّ التماس مع مديرية الزاهر في البيضاء، وهو ما يؤكد أن هناك مخططاً للتصعيد نحو البيضاء من عدة مسارات، يضاف إلى التصعيد في جبهات الضالع لتحقيق تقدُّم في اتجاه محافظتَي إب وتعز. وفي ظلّ الاستعدادات التي تجرى في محيط مأرب، هناك استعدادات للدفاع عن المدينة خشية تعرّضها لهجوم كاسح من قِبَل قوات صنعاء في حال انهيار الهدنة. وقال زعيم حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، خلال لقائه أبناء تعز أواخر الأسبوع الماضي، إن التهديد العسكري لا يزال مستمراً، وإن الأعداء يعدّون العدّة للتصعيد في المرحلة المقبلة، متهماً تحالف العدوان بمحاصرة اليمن ومحاصرة تعز، ومؤكداً استعداد الحركة لفتح الطرق من طرف واحد.