صنعاء | بعد أيام من حديث وكالة «رويترز»، نقلاً عمّا سمّتهما «مصدرَين مطّلعَين»، عن عودة المحادثات عبر الإنترنت بين الرياض وصنعاء برعاية عُمانية، أكدت مصادر في صنعاء وجود ضغوط أميركية وبريطانية على السعودية، بهدف إزالة العوائق التي تحول دون تحقيق تقدّم في تنفيذ بنود الهدنة، إضافة إلى حلحلة أزمة صرف رواتب الموظفين والانقسام النقدي والمالي بين صنعاء وعدن. ووفقاً للمصادر، فإن واشنطن ولندن تشدّدان على ضرورة «خلْق بيئة ملائمة للإسهام في تحويل الهدنة إلى وقف شامل لإطلاق النار»، فيما بدا لافتاً إعلان السفارة البريطانية في اليمن دعمها إنهاء معاناة موظّفي الدولة، واحترام استقلالية البنك المركزي، وجهود إرساء الاستقرار الاقتصادي. وإذ أبدت مصادر قوى محسوبة على التحالف السعودي - الإماراتي انزعاجها من الحديث عن عودة المفاوضات المباشرة، بوصْف ذلك التفافاً على مهام «المجلس الرئاسي»، الذي كُلّف في السابع من نيسان الماضي بفتح خطوط تواصل مع صنعاء والترتيب لمشاورات معها، فقد أعلن «المجلس الانتقالي الجنوبي»، من جهته، رفضه أيّ مشاورات غير معلَنة بهدف إعادة نقل البنك المركزي إلى صنعاء، ليردّ الأخير ببيان حادّ اتّهم فيه «الانتقالي» باستهداف البنك ودوره في الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي، قبل أن تدْخل السفارة البريطانية على الخطّ، باعتبارها تصعيد الخطاب ضدّ «المركزي» «مثيراً للقلق».
بدا لافتاً إعلان السفارة البريطانية في اليمن دعمها إنهاء معاناة موظّفي الدولة

وفي السياق نفسه، ذكرت مصادر ديبلوماسية أن السعودية وضعت، خلال لقائها سفيرها لدى اليمن محمد آل جابر السفير الأميركي الجديد ستيفن فاجن، شرطاً جديداً لصرف المرتّبات في المناطق الواقعة تحت سيطرة صنعاء، متمثّلاً في استثناء العسكريين منها. ويأتي ذلك في وقت كشف فيه المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غرودنبرغ، عن ترتيبات لجولة من المفاوضات بشأن الملفَّين الاقتصادي والأمني، بما يشمل مسألة صرف المرتّبات، والتي كان رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبد السلام، اقترح حلّاً لها متمثّلاً في «توحيد إيرادات النفط والغاز الواقعة تحت سيطرة الأطراف الأخرى مع إيرادات ميناء الحديدة». وسبق أن دعا الاتحاد الأوروبي، حكومة معين عبد الملك، لدى لقاء سفرائه بوزير المالية في تلك الحكومة ومحافظ البنك المركزي في عدن مطلع الشهر الجاري، إلى وضع حدّ للفساد، ودفع رواتب الموظّفين المتوقّفة، وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين»، مبدياً استعداده لـ«دعم إدارة أفضل للموارد والنفقات». وفي الوقت الذي لا تزال فيه صنعاء تتدارس مقترح غروندبرغ بشأن فتح الطرقات في تعز والمحافظات الأخرى، شدّد «المجلس السياسي الأعلى» على ضرورة قيام الأمم المتحدة بدور فاعل في إنهاء معاناة موظفي الدولة، عبر «الضغط على الطرف الآخر لتوريد كلّ الموارد من الثروات النفطية والغازية والرسوم الجمركية والضريبية إلى حساب المرتّبات، بدلاً من نهبها وتوريدها إلى الحسابات الخاصة».
وحتى الربع الأول من عام 2015، كانت الموازنة العامة للدولة تعتمد على الإيرادات السيادية، بالإضافة إلى المِنح والمساعدات وفائض الأرباح. وحينها، كانت عائدات النفط والغاز تمثّل 55% من الإيرادات، فيما تغطّي المساعدات والهِبات والمِنح الدولية 11%، وإيرادات الضرائب والجمارك 25%، وفائض أرباح الشركات والمصانع التابعة للدولة 6%، فضلاً عن إيرادات أخرى بقيمة 3%. وعلى رغم تعرُّض عدد من فروعه للتدمير في غارات طيران «التحالف»، والحملات التي تعرّضت له قيادته السابقة، إلّا أنه ظلّ يصرف رواتب موظفي الدولة في مختلف المحافظات من دون استثناء، كما تمكّن من الحفاظ على سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، واستطاع تغطية فاتورة الواردات الأساسية بالعملات الصعبة، إلى حين اتُّخذ القرار بإقحامه في الصراع، وتحويله إلى أداة حرب بيد اليمنيين.