صنعاء | لم تخفّف المبادرات التي أعلن عنها عدد من أطراف الصراع في اليمن، من معاناة اليمنيين الناتجة عن إغلاق الطرق والمعابر سواء في تعز أو في المحافظات الأخرى. وفيما بدأت صنعاء في تأمين طريق الخمسين - الستين الذي يربط جنوب مدينة تعز بشرقها، اكتفى الأطراف الموالون للتحالف السعودي - الإماراتي بالإعلان عن فتح طرق مغلقة من قِبَلهم، من دون القيام بأيّ إجراءات جدّية على الأرض. وعلى رغم إعلان عضو «المجلس الرئاسي»، طارق صالح، الخميس الماضي، فتحَ الطريق الرئيسة الرابطة بين تعز والمخا من مفرق الوازعية، والتي تسيطر عليها ميليشيات موالية للإمارات، إلّا أنها لا تزال مغلقة. وبالمثل، لا تزال طريق الضالع - قعطبة، الرابطة بين المحافظات الشمالية والجنوبية والتي تسهّل حركة المواطنين والنقل الثقيل من ميناء عدن، مغلقة، على رغم إعلان «المجلس الانتقالي الجنوبي» فتحها، الأسبوع الماضي. ويؤكد هذا الواقع أن تلك المبادرات لم تكن سوى مناورة، ردّاً على المبادرة التي أعلنها «المجلس السياسي الأعلى» في صنعاء، الأربعاء الماضي، في شأن فتح إحدى طرق تعز.وأفاد مصدر محلّي في مدينة تعز، «الأخبار»، بأن إعلان ميليشيات طارق صالح فتحَ طريق تعز - المخا، جاء في ظلّ تحسُّن علاقة هذا الأخير مع حزب «الإصلاح» في المدينة، وبعد موافقة حاكمها العسكري التابع لـ«الإخوان»، سالم فرحان، على زيارة سبق أن تقدّم بها ما يسمّى «مكتب المقاومة الشعبية» التابع لصالح. وقال المصدر إن الزيارة التي قام بها هذا الأخير إلى عدد من المديريات الغربية المطلّة على باب المندب بصفته عضواً في «الرئاسي»، والتي حرص فيها على استعراض قوّته، أتت بعد يومين من قيام ميليشيات موالية له بمهاجمة منطقة الشمايتين والتمركُز في جبل بيحان في قرية القضاة. وهي تحرُّكات تأتي، وفق المصدر، «في إطار الاستعداد لتفجير الأوضاع في تعز»، خصوصاً وأن صالح دعا، أثناء لقائه قائد محور المدينة الموالي لـ«الإصلاح» في منطقة التربة، إلى الاستعداد لجولة حرب جديدة.
وفي السياق نفسه، قالت مصادر محلية إن إعلان القياديَّين المواليَين للإمارات، طارق صالح وعيدروس الزبيدي، عن فتح طرق معيّنة عشية العيد، كان بمثابة محاولة لامتصاص الغضب الشعبي الناتج عن رفض «الإصلاح» مبادرة صنعاء، للتأكيد على أن الموالين لأبو ظبي داخل «الرئاسي» أكثر مرونة من «الإصلاح»، فيما تُشير الوقائع إلى غياب أيّ نيّة للدفع في هذا الملفّ نحو الحلّ.
إعلان صالح والزبيدي عن فتح طرق معيّنة عشية العيد، كان بمثابة محاولة لامتصاص الغضب الشعبي


وجاءت هذه التطورات في أعقاب ترحيب واشنطن وباريس والأمم المتحدة، بموافقة الأطراف اليمنيين على تثبيت الهدنة، فيما رأى مراقبون أن أيّ تقدُّم في ملف فتح الطرق من شأنه أن ينهي معاناة اليمنيين وقد ينزع فتيل الحرب. وفي ظلّ تعثُّر تنفيذ هذا البند، جدّد المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، دعوته إلى أطراف الصراع اليمنيين للتعاطي الإيجابي مع المقترحات الجديدة المعدّلة التي قدّمها مكتبه أواخر الأسبوع الماضي، في العاصمة الأردنية، مشيراً إلى أنه شارك في وضع مقترح معدّل حول فتح الطرق على مراحل، بعد جولات أوليّة من المفاوضات في عمّان ونقاشات ثنائية لاحقة. ويعتمد المقترح الجديد على التدرّج في فتح الطرق والمعابر في تعز والمحافظات الأخرى، إذ تشمل المرحلة الأولى أربع طرق في تعز تضمّ طريقاً اقترحها المجتمع المدني. وتشمل المرحلة الثانية التزام الأطراف كافة بفتح طرق رئيسة في محافظات تعز ومأرب والبيضاء والجوف والحديدة والضالع.
وتصاعدت أهمية فتح الطرق والمنافذ خلال أيام عيد الأضحى، خصوصاً في ظلّ الاختناقات الحادّة التي شهدتها بعض الطرق نتيجة قطعها واضطرار عشرات الآلاف من الأُسَر اليمنية للجوء إلى طرق فرعية وعرة في محاولة للوصول إلى ديارهم.