وإذ تَظهر الكُرة الآن في ملعب السعودية التي يتعيّن عليها إعلان الموافقة الرسمية على ما تمّ التوصّل إليه، وإلزام الحكومة اليمنية الموالية لها به، فإن مصادر مطّلعة تقول، لـ«الأخبار»، إن اهتمام الرياض يكاد ينحصر الآن بإيجاد «تخريجة» مناسبة للاتّفاق تقيها الظهور بمظهر المتنازل، لافتةً إلى أن المملكة تَعرض نفسها كوسيط في هذه المفاوضات لا كطرف أصيل، كما أنها تتمسّك بنيْل ضمانات تتعلّق بأمن حدودها الجنوبية مع اليمن. وفيما تذكّر المصادر بأن «هذه الأفكار السعودية دائماً ما كانت حاضرة في جميع مراحل التفاوض السابقة إلى اليوم»، فهي تؤكد أنها «لم تكن هي التي عرقلت الوصول إلى اتّفاق في السابق، كما أنه ليس من المرجّح أن تعرقل الإعلان عن الاتّفاق حالياً». وعلى رغم التكتّم الذي يحيط مضمون التسوية التي يَجري الحديث عنها، إلّا أن معلومات حصلت عليها «الأخبار» تفيد بأن التفاهمات ستَمنح صنعاء نسبة من مبيعات النفط الخام لصرف مرتّبات الموظفين في المناطق الواقعة تحت سلطتها، مقابل تراجُعها عن قرار منْع تصدير النفط من المحافظات الجنوبية والشرقية.
تَظهر الكُرة الآن في ملعب السعودية التي يتعيّن عليها إعلان الموافقة الرسمية على ما تمّ التوصّل إليه
وكان غروندبرغ، الذي يزور صنعاء للمرّة الأولى منذ انتهاء الهدنة من دون تمديد مطلع تشرين الأوّل الماضي، قد أجرى، خلال اليومَين الماضيَين، جملة لقاءات مع الجهات المسؤولة في العاصمة اليمنية، وحثّ على ضرورة استمرار التهدئة، متحدّثاً عن مؤشّرات كبيرة تؤكد إمكانية تحقيق السلام في اليمن هذا العام. وأشار غروندبرغ، خلال إحاطته التي قدّمها أمام مجلس الأمن الدولي من صنعاء، إلى أنه أجرى «مناقشات إيجابية وبنّاءة مع القيادة في صنعاء»، وأعرب عن تطلّعه إلى مواصلة هذه المحادثات، مضيفاً إنه «أجرى مناقشات مثمرة في الرياض ومسقط أيضاً»، تركّزت «على خيارات تأمين اتّفاق بشأن خفض التصعيد العسكري، وتدابير لمنع المزيد من التدهور الاقتصادي، وتخفيف تأثير الصراع على المدنيين».
وبالتزامن مع الحراك الدبلوماسي الذي تشهده صنعاء، أجرى سفراء بريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي لقاءات مكثّفة مع أعضاء «المجلس الرئاسي» في الرياض، في ظلّ تكاثُر التساؤلات في الأوساط الموالية للأخير عن سبب تغييبه عن مباحثات تمديد الهدنة، والمخاوف من إلزامه باتّفاق لا يكون هو جزءاً منه. وفي هذا الإطار، قال رئيس تحرير صحيفة «أخبار اليوم»، سيف الحاضري، في سلسلة تغريدات، إن الأطراف الموالية لـ«التحالف» تدفع ثمن خلافاتها، معتبراً ما يُنسج من تفاهمات مع صنعاء بمعزل عن مكوّنات «الشرعية» «مجرّد تسليم لثروات اليمن للحوثيين». وفي الوقت الذي يترقّب فيه الشارع إعلاناً أممياً جديداً بتمديد الهدنة لستّة أشهر، قال مسؤول في الأمم المتحدة، لوكالة «أسوشييتد برس»، إن السعودية طوّرت، بضوء أخضر من الولايات المتحدة، خريطة طريق مرحلية للتسوية في اليمن، قدّمت بموجبها عدداً من الوعود الرئيسة لصنعاء، لافتةً إلى أن الأخيرة طالبت «التحالف» والحكومة الموالية له بدفع رواتب جميع موظّفي الدولة، بِمن فيهم العسكريون، من عائدات النفط والغاز، وفتْح المطارات والموانئ. وتحدّثت الوكالة عن «محاولة سعودية لصرف المرتبات من دون ربْطها بمبيعات النفط، وسط رفض من قِبَل "أنصار الله" لذلك، وتمسّكها بضرورة صرْف المرتّبات من عائدات النفط الخام».