صنعاء | على رغم تباطؤ خطوات تنفيذها العام الماضي، تتّجه «صفقة آذار» المُوقَّعة بين الأطراف اليمنيين بشأن تبادل أكثر من 2223 أسيراً، نحو الحسم في مشاورات جنيف التي انطلقت مطلع الأسبوع الجاري برعاية الأمم المتحدة. المفاوضات التي يشارك فيها أيضاً ممثّلون عن «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، وآخرون (ثلاثة قيادات رفيعة) عن الجانب السعودي، حقّقت، وفقاً لمصدرَين أحدهما في صنعاء والآخر موالٍ لحكومة عدن، تقدّماً يمكن أن يَدفع نحو توافق نهائي. ويبيّن المصدران أن الاختراق الجديد تَمثّل في تبادل القوائم النهائية بشأن 200 أسير، وتبادُل كشوفات 2023 آخرين، لافتَين إلى أنه تَجري حالياً مراجعة الكشوفات تمهيداً للموافقة النهائية عليها، بعد التأكّد من خلوّها من الأسماء المكرَّرة أو الوهمية أو تلك التي لا تنطبق عليها شروط التبادل، وفقاً للآلية المتّفق عليها في الجولة السادسة التي انعقدت في العاصمة الأردنية عمّان في أيلول الماضي. وكانت تلك الآلية ألزمت صنعاء بالإفراج عن 800 أسير من القوّات الموالية لحكومة عدن، إضافة إلى 16 أسيراً من الجيش السعودي و3 أسرى سودانيين، وعدد من كبار القادة العسكريين الذين أُسروا مطلع عام 2015، وذلك مقابل الإفراج عن 1400 أسير تابعين لها. وبينما ذكرت الأوساط الإعلامية التابعة لحركة «أنصار الله»، أن التفاوض يَجري مع السعودية مباشرة بوصفها المتحكّم وصاحب القرار الأوّل والأخير في هذا الملفّ، أفادت مصادر ديبلوماسية مقرّبة من حكومة عدن بأن هناك اتّفاقاً مبدئياً على تبادل 2000 أسير حتى الآن، موضحةً أنه اتُّفق على الإفراج عن شقيق الرئيس المُقال عبد ربه منصور هادي، ناصر منصور هادي، ووزير الدفاع السابق، محمود الصبيحي، وقائد المنطقة العسكرية الرابعة سابقاً، فيصل رجب، فيما لم يتمّ حسْم النقاش بشأن أسماء أخرى. وبحسب المعلومات، فإن الجانب السعودي يحاول إضافة اسم نجل طارق محمد عبد الله صالح، فيما يسعى حزب «الإصلاح» إلى إدراج أسماء غير متوافَق عليها سابقاً، وهو ما قد يتسبّب بتعثّر الصفقة مجدّداً.
أفادت مصادر ديبلوماسية مقرّبة من حكومة عدن بأن هناك اتّفاقاً مبدئياً على تبادل 2000 أسير حتى الآن


وفيما سيعكف الطرفان، طيلة 11 يوماً من المفاوضات، على مراجعة وتصحيح 100 اسم من أسماء الأسرى المتوقَّع إطلاق سراحهم، يومياً، يَتوقّع مراقبون حدوث انفراجة كبيرة في هذا الملفّ خلال شهر رمضان المقبل، معتبرين أن الهدوء الذي صاحب هذه الجولة يدلّ على أن هناك رغبةً لدى مختلف الأطراف في إنجاز الاتفاق، فضلاً عن أن المملكة التي حسمت أمرها بشأن أسراها في تشرين الأوّل الماضي، تنتظر إمضاء صفقة التبادل للإفراج عنهم بعد أن رُبط إطلاق سراحهم بتنفيذ الصفقة بشكل كامل من دون تجزئة. أيضاً، اعتُبر وجود تغييرات في وفد حكومة عدن، لناحية استبعاد رئيس الوفد التابع لحزب «الإصلاح» هادي هيج، وتعيين العميد يحيى محمد كزمان بدلاً منه، من بين العوامل التي قد تُسهم في تجاوز العقبات السابقة.
ويرى محافظ عدن التابع لصنعاء، طارق سلام، في حديث إلى «الأخبار»، أن «هناك مؤشّرات انفراجة في ملفّ الأسرى»، معتبراً أن «جولة المفاوضات الحالية تختلف عن سابقاتها في ظلّ التقارب الإيراني - السعودي، والاتّفاق على مجمل بنود الملفّ الإنساني والاقتصادي بين صنعاء والرياض»، مضيفاً أن «نتائج هذه المفاوضات ستكشف صدق نوايا الرياض في اليمن من عدمه». وكان المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، دعا، أثناء افتتاحه جولة المفاوضات بشأن الأسرى والمعتقلين، مساء السبت، الأطراف اليمنيين، إلى بذل المزيد من الجهود للتوصّل إلى اتّفاق ينهي معاناة الآلاف من الأُسر اليمنية التي تَنتظر عودة أبنائها منذ فترة طويلة، وحثّ أطراف الصراع على إبداء الجدّية والحرص على إطلاق أكبر عدد ممكن من الأسرى والمحتجَزين.