العقبة الرئيسة أمام خطّة الإمارات لتقسيم اليمن صارت الآن تتمثّل في السعودية
وبغضّ النظر عن تأييدها أيّ مشروع انفصالي جنوبي من عدمه، في الماضي أو في الحاضر، فإن السعودية تَعتبر المشروع الإماراتي استهدافاً مباشراً لها، ومحاولة مكشوفة لتعميق ورطتها اليمنية، وهو ما يعكس مرّة أخرى عمق الخلافات بين رئيس الإمارات، محمد بن زايد، وشريكه السابق في الحرب وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، والتغيّر السعودي الكبير في مقاربة القضايا الإقليمية، بحيث لم تَعُد تناسب حكام أبو ظبي. إلّا أن السؤال الأساسي يدور حول الموقف الأميركي، وما إذا كانت واشنطن ترغب فعلاً في نسف المفاوضات لإنهاء حرب اليمن، أم أنها لا تمانع فتح الطريق أمام حلّ يمني يريح السعودية، وهو ما يدفع اللوبي الإماراتي في واشنطن إلى الترويج، عبر بعض الإعلام الأميركي، لنظرية تقول إن انفصال اليمن الجنوبي يصبّ في مصلحة الولايات المتحدة، ومن ثمّ استخدام ما ينشره ذلك الإعلام للضغط في اتّجاه الانفصال.
وفي الوقت الذي يستمرّ فيه البحث عن تسوية للأزمة، وتتتابع الإجراءات المتبادلة بين الرياض وصنعاء، تتصرّف الإمارات في المناطق الجنوبية التي تتواجد فيها كقوّة احتلال، فتبيع نفط وغاز شبوة لألمانيا بصورة غير شرعية، وتطلق عصاباتها للنهب وفرض الخوّات، كما حدث في مدينة المخا في محافظة تعز التي أغلقت المحالّ التجارية فيها أبوابها في إطار إضراب ضدّ ممارسات تلك العصابات، ونهب مساحات شاسعة من أراضي المواطنين بالقوة المسلّحة والزجّ بالملّاك المعترضين في السجون. ولعلّ واحداً من المعوّقات الكبرى التي تواجهها أبو ظبي، ظهر خصوصاً في اعتراضات الكثير من الجنوبيين، سواءً من القوى السياسية والفصائل العسكرية، أو من المواطنين العاديين، على تغريدة عبد الخالق عبد الله، والتي اعتبروها تدخّلاً في شأن داخلي ليس له الحقّ فيه.
ويمتدّ رفض الجهود الإماراتية لتقسيم اليمن إلى كلّ الخليج، الذي لا يَحتمل في المرحلة الراهنة تغييراً بحجم إنشاء دولة منفصلة في اليمن، لا سيما وأن ذلك قد يثير احتمال العودة إلى الصراعات العسكرية بين الشمال والجنوب، كالحرب الأهلية التي وقعت عام 1994. فالإمارات وحدها من بين دول الخليج التي يعتاش نظامها على الحروب، وهذا ما يفسّر جهودها المستمرّة منذ سنوات، وصرفها أموالاً طائلة، واستقطابها آلاف الشخصيات سواءً من اليمن أو خارجه لدعم الانفصال الذي ترى فيه منافع كبرى لها سواءً اقتصادية أو جيواستراتيجية، لكن المشكلة التاريخية لغزاة اليمن أن هذا البلد مثّل عسر هضم لكلّ من حاول ابتلاعه. وما يجعل المشروع التقسيمي الإماراتي محكوماً بالفشل، هو أنه إلى جانب احتمال أن يثير حرباً أشدّ، فإنه أيضاً قد لا يقتصر على تفتيت اليمن، وإنّما يمثّل تحرّشاً بدول خليجية أخرى مِن مِثل سلطنة عمان، باعتبار أن الدولة المنفصلة المفترضة ستضمّ محافظة المهرة التي تُعتبر منطقة نفوذ حيوي للسلطنة، ولذلك فإن الردود على مشروع الإمارات، شملت تذكيرها بأنها هي نفسها جزء من السلطنة، حيث كانت تسمّى قبل توحيدها عام 1971 «إمارات الساحل العماني المتصالح»، وكان لسلطان عمان نفوذ كبير عليها وخاصة على أبو ظبي ودبي. ونشر أحد النشطاء، ضمن سياق الجدل، صورة قديمة لسلطان عُمان، تيمور بن سعيد، مع شخبوط آل نهيان وراشد آل مكتوم، عليها تعليق يقول: «السلطان العماني كان يتفقّد رعاياه في أبو ظبي ودبي».