أثّرت الحرب العسكرية التي يشنها التحالف السعودي منذ نحو 11 شهراً على أطفال اليمن بصورة خاصة، فيما بدأت آثارها تشغل المنظمات المحلية والدولية، ولا سيما أن هناك بوادر لكارثة قد تهدد مستقبل الأجيال الآتية.
فبين الاستهداف المباشر وغير المباشر من قبل العمليات الجوية للطيران السعودي، يدفع أطفال اليمن الثمن على جميع المستويات: الحياة والصحة والتغذية والتعليم.
في الإحصائيات الرسمية الأخيرة، تحدثت وزارة الصحة اليمنية عن مقتل 1358 طفلاً وإصابة 2234 آخرين، جراء الغارات الجوية، كما أشار التقرير إلى ظهور إصابات بسرطان الدم بين الأطفال بسبب استخدام «التحالف» أسلحة محرمة دولياً في قصف المدن والأحياء السكنية في مختلف المحافظات. في مقابل ذلك، يؤكد المتحدث باسم وزارة الصحة، تميم الشامي، عدم قدرة المراكز الطبية والمستشفيات على مواجهة هذه الإصابات الخطيرة بسبب غياب الأدوية والأجهزة الطبية، نتيجةً للحصار المفروض من كل الجهات.
وأوردت منظمة الأمم المتحدة لحماية الطفولة «اليونيسف» إحصائيات خاصة بها بعد مسحها المحافظات اليمنية، حيث أكد المتحدث باسم المنظمة في اليمن، محمد الأسعدي، في حديث إلى «الأخبار» أن عدد القتلى من الأطفال حتى نهاية العام الماضي وصل إلى 747 قتيلا، بينما وصل عدد الجرحى إلى 1108 جرحى، مع تأكيد المتحدث بأنها أرقام «متواضعة» مقارنة بحجم الحرب واتساع رقعتها في معظم المحافظات.
يحتاج 9.9 ملايين من الأطفال إلى مساعدات إنسانية عاجلة

وأشار الأسعدي إلى تزايد عملية تجنيد الأطفال واستخدامهم في الحرب الداخلية، حيث بلغت حالات التجنيد عام 2015 أكثر من 724 حالة، وهو ما يعادل أربعة أضعاف حالات التجنيد المرصودة عام 2014 التي بلغت 156 حالة فقط.
ويؤكد الأسعدي وجود كارثة إنسانية حقيقية في البلاد، حيث يحتاج 21.2 مليون شخص، منهم 9.9 ملايين من الأطفال إلى المساعدات الإنسانية العاجلة. ويضيف أن الحرب الدائرة قد أدت الى أمراض تصيب الاطفال، إذ ان أكثر من 1.8 مليون طفل معرضون للإصابة بالإسهال، و1.3 مليون آخرين لخطر الالتهابات الرئوية، وما يزيد على المليون معرضون لسوء التغذية. وأمام كل ذلك، يؤكد الأسعدي موقف منظمة «اليونيسف» الرافض لانتهاك حقوق الأطفال واستهداف المدارس والمستشفيات تحت أي ظرف كان.
من جهته، وجه برلمان الأطفال اليمني، وهو جهة مدنية غير حكومية، نداءات متكررة للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية للسعي في وقف الحرب التي تعود بآثارها الكارثية على الأطفال بالدرجة الأولى. وخلال حديثه مع «الأخبار»، أكد النائب الأول لرئيس البرلمان، علي الصغير، أنهم نظموا لقاءات مع المسؤولين في منظمة «اليونيسف» لبحث العمل المشترك بين البرلمان والمنظمة الدولية، بما يعود على حماية حقوق الأطفال خلال الحرب. ونظم أعضاء البرلمان زيارات لجبهات الحرب الداخلية لحثّ الأطراف المتقاتلة على إنهائها على نحو سريع. وبالتزامن مع ذلك، يشير الصغير إلى قيام البرلمان بأنشطة ميدانية لجمع المعلومات والبيانات حول الضحايا من الأطفال، وكذلك توعية المجتمع لخطر إقحام الأطفال في الصراع الدائر.
ولم يكن التعليم بمعزل عما تتعرض له البلاد من تدخل عسكري خارجي. فقد تحوّلت بعض المدارس إلى مقار للنازحين، فيما توقفت العملية التعليمية ولم يستكمل العام الدراسي إلا بطريقة شكلية، بعدما حُرم ما يقارب مليونا طفل من البقاء على مقاعد الدراسة عقب إغلاق نحو 3600 مدرسة أبوابها في المدن التي شهدت عمليات قصف كثيف من قبل الطيران السعودي. واعتمدت وزارة التربية والتعليم على ما درسه الطلاب في الفصل الأول مجريةً لهم الاختبارات النهائية على وقع النار في بعض المناطق، بما في ذلك طلاب الشهادتين الأساسية والثانوية.
وعلى خلفية الوضع الصعب الذي يعيشه أطفال اليمن، بدت النشاطات الإغاثية البسيطة مقارنةً بحجم الآثار والأضرار في ظل وجود منظمات إغاثية معدودة، أبرزها «اليونيسف» التي عملت منذ بداية الحرب.
وتقول المنظمة إنها عملت على الاستجابة للاحتياجات الحساسة للأطفال في مختلف أنحاء البلاد، وتوفير الخدمات الضرورية لإنقاذ الأرواح بما فيها توزيع المياه الصالحة للشرب لقرابة ثلاثة ملايين من سكان عشر مدن رئيسة وعلاج مئات الأطفال من سوء التغذية والإسهال والحصبة والالتهاب الرئوي، ودعم السلطات التربوية للترتيب لامتحانات الشهادتين العامة الأساسية والثانوية التي استفاد منها مئات الآلاف من الطلاب والطالبات.
وتعاني المنظمات العاملة في الإغاثة والمساعدات الإنسانية من نقص التمويل لمواجهة الاحتياجات الهائلة. فمنظمة «اليونيسف» مثلاً، لم تحصل على تمويل إلا بما يغطي 16% فقط من نداء المنظمة للتمويل، بحسب ما صرحت به في السابق، في وقت بلغت فيه القيمة الإجمالية للاحتياج الذي رفعته المنظمة 182.6 مليون دولار حتى الآن، إذ يعد اليمن واحداً من أكثر حالات الطوارئ التي تعاني شح التمويل، من ضمن حالات الطوارئ المختلفة التي تتصدى لها «اليونيسف» حالياً في العالم.