من هو حسان دياب، ومن أين نبع؟ السؤال ضجت به أروقة وزارة التربية لحظة إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة. دقائق معدودة تمر قبل أن تنشط الاتصالات في أوساط التربويين وتبدأ رحلة البحث عن الوزير «الغريب» عنهم. هم، على الأقل، لم يسمعوا باسمه يُتداول ضمن بورصة التأليف لتولي حقيبة «التربية». لكن سرعان ما يكتشف هؤلاء بعد «الغوغلة» أنّ وزيرهم «أكاديمي وابن الكار، لكن من الجامعة الأميركية».خلفية دياب وحدها كانت كافية لإصدار تعليقات مسبقة: «أكيد سيهتم بالتعليم الخاص وينسى التعليم الرسمي، الجامعات الخاصة عندو أهم من الجامعة اللبنانية». في المقابل، هناك من قال: «وماذا فعل ابن الجامعة اللبنانية للجامعة اللبنانية؟».
الرد على التعليقات يأتي من البروفيسور الذي لا يزال متربعاً في جامعة أعطاها 26 عاماً من عمره. هناك في مكتب نائب رئيس الجامعة الأميركية للبرامج الخارجية والإقليمية، المجاور لبوابة الكليات الطبية، كان اللقاء.
يختار الوزير العتيد التعريف عن نفسه بأنّه «لبناني يحب وطنه إلى حد رفضه عشرات الفرص للهجرة، ولا سيما في السنوات الثلاثين الأخيرة، خلال الحرب وبعدها، إلى أميركا أو أوروبا أو المنطقة العربية».
آثر، كما يقول، لبنان على أية حياة أخرى بديلة ومريحة «لأنّني شعرت، وهذا ليس كلاماً فضفاضاً، بأنني أنتمي إلى وطني وسأعيش فيه وأخدمه». الشعور نفسه ينقله دياب إلى أبنائه الثلاثة الذين، وإن تابعوا بعض الدراسات في الخارج، سيعودون حتماً إلى هنا.
سنوات قليلة غاب فيها وزير التربية عن البلد. فتخرجه في عام 1976 من مدرسة برمانا العالية التي تتبع المنهج الإنكليزي سمح له بمتابعة دراساته في إنكلترا حيث حاز بكالوريوس هندسة اتصالات (رتبة شرف) من جامعة ليدز في بريطانيا. وفور نيله الدكتوراه في هندسة الكومبيوتر في عام 1985 عاد أدراجه، وكان الوضع الأمني لا يزال غير مستقر «والرجعة مش سهلة».
في تلك السنوات، كان يتشوق للملمة الأخبار عن لبنان «لأنو السمع شي والشوفة شي تاني».
اللافت أنّه منذ العودة وحتى اليوم، لم يعمل دياب إلا في مؤسسة واحدة، هي «الجامعة الأميركية في بيروت» التي دخلها أستاذاً مساعداً في قسم الهندسة الكهربائية والكومبيوتر، ثم راح يترقى في السلم الأكاديمي، ليصبح بعد ست سنوات أستاذاً مشاركاً فبروفيسور، وهي أعلى رتبة في القمة الهرمية الأكاديمية. نالها في عام 1997، وكان أصغر أستاذ في الجامعة يحظى بهذه الرتبة؛ إذ لم يكن عمره يتجاوز 38 عاماً.
شغل الرجل منصب رئيس القسم نفسه لمدة 3 سنوات قبل أن تنتدبه الجامعة، وهذا المكتب بالذات الذي يجلس عليه اليوم رئيساً مؤسساً وعميداً لكلية الهندسة لجامعة ظفار في مدينة صلالة في سلطنة عمان القريبة من الحدود اليمنية، وذلك لمدة سنتين. وفي عام 2006، عيّن نائباً لرئيس الجامعة للبرامج الخارجية والإقليمية.
كيف ذلك، وما العلاقة بين الجامعة الأميركية وجامعة ظفار؟ يشرح دياب أنّ «مكتبه» يمثل الذراع الاستشارية للجامعة الأميركية، ومهمته الاستفادة من خبرات الطاقم الأكاديمي في «AUB» في تأسيس جامعات في الخارج هي مؤسسات مستقلة بذاتها وليست فروعاً من الجامعة. لكن دور هذا الطاقم «توقيف مثل هذه الجامعات على رجليها عبر وضع برامجها وقوانينها الداخلية ومعايير توظيف وتدريب الهيئتين التدريسية والإدارية».
«من الباب إلى المحراب»، يقول دياب الذي يبدو مزهواً بجامعته ومسترسلاً في الحديث عن إنجازاتها الكثيرة. بل إنّ الوزير الجديد لا يرى سبباً آخر لاختياره في هذا المنصب سوى «هذا السجل الحافل من الإنجازات». يسارع إلى التأكيد «لستُ حزبياً ولست سياسياً، بل من الوزراء التكنوقراط القلائل الذين لا يتجاوز عددهم في هذه الحكومة أصابع اليد الواحدة».
ومع ذلك، فوصول الرجل سببه «علاقة الصداقة التي تربطني برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي ألتقي به في مجلس أمناء الجامعة الأميركية مرتين أو ثلاثاً في العام الواحد، وربما أعجب بالتقارير التي تعكس إنجازاتنا في رفع مستوى التعليم العالي في كل المنطقة العربية».
يردف دياب بثقة:
«التربية مجالي واختصاصي، لا لأني أستاذ جامعي فحسب، بل لأنني أشغل هذا المنصب بالذات، ولدي فكرة واضحة عن المطلوب وما هي المشاكل».
ماذا عن الملفات التربوية العالقة؟ «عم بتعلّم»، يقول مشيراً إلى أنّه «كأي مواطن لبناني آخر يسمع بقضايا التوظيف والامتحانات والمستوى التعليمي في المدارس الرسمية وواقع التعليم المهني والتقني وهيكلية مؤسسات التعليم العالي، وطبعاً... الجامعة اللبنانية اللي فيها مشاكل كثيرة».
لكن دياب سيعكف، بعد حفل التسليم والتسلم على دراسة الملفات المعقدة في محاولة لاستغلال الفترة التي تسبق جلسة الثقة، واعداً بالمضي في مشروع «إنقاذي».
الفرصة الذهبية، برأيه، لنجاح مشروعه هي الهبة التي قدمتها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية للوزارة بقيمة 75 مليون دولار «وشاءت الصدف أن تكون الجامعة الأميركية من ضمن 5 مؤسسات تعمل في المشروع». يضيف: «الحكم استمرار، وسنكمل ما بدأ به الوزير حسن منيمنة، ولا سيما بالنسبة إلى إعداد مشروع قانون تنظيم التعليم العالي ومشروع إنشاء الهيئة الوطنية لضمان الجودة».
هل هناك من أولويات أخرى؟ يقول: «طبعاً هناك ملفات ملحة لم تعد تحتمل التأجيل، منها تعيين عمداء ورئيس للجامعة اللبنانية».
يبدو واثقاً من أنّه سينجح في وضع خريطة طريق للمشاكل المزمنة، فيما يتمنى أن يقارن الناس كيف تسلم الوزارة وكيف سلّمها.
7 تعليق
التعليقات
-
المساواة بالتعليمان قضية التعلم والتلعليم يجب ان تاخذ قسم كبير من اهتمام الحكومة لانه متعلق بجميع فئات الشعب. اريد ان الفت اهتمام معالي الوزير انه توجد مدارس في لبنان لا يعرفون اية انواع من المختبرات والتجهيزات بالرغم من ان بعض الاشئلة تطرح في الشهادة المتوسطة تتعلق مباشرة بالمواد المخبرية هل هناك عدل يا معالي الوزير ما ذنب الطالب الذي يسكن في مناطق بعيدة عن المدينة اليس هو من لبنان اليس له الحق بالتعلم كم يجب وان هناك مدارس لا تعرف حتى اليوم الهاتف الثابت ولا الكامبيوتر ولا ية معنى للتقدم والتطورالعلمي.
-
الجامعة اللبنانية يا معالي الوزير !مبروك للوزير حسان دياب تسلّمه وزارة التربية..عسى أن يكون توليه هذا المنصب فاتحة خير في حقل التربية في لبنان... نرجو أن يهتمّ بالجامعة اللبنانية، التي تعاني ما تعانيه من مشاكل عالقة ومُزمنة...الجامعة اللبنانية بمختلف فروعها، تستنجد به...فهي بحاجة حقا إلى الخلاص...الخلاص من الإهمال الرسمي المجحف بحقّها...! نحن نضع بين يديه آمالنا وأحلامنا، التي لم نسمح لأنفسنا أن نتخلى عنها وأن ندفنها في مقبرة النسيان، لأنّ الأمل سلاحنا في وطن يحتاج إلى أملنا به..وبتحسّن أحواله...!
-
العجلة يا وزير التربيةاستوقفتني عبارة"عم يتعلم" الوقت لا يتسع للتعلم وكان حريا بالوزير ان يطلع على الملفات بمجرد "أن يستمزجه"رئيس الوزراء بالمنصب الملفات باختصار متعاقدون في الأساسي ينتظرون وفاء بوعد المباراة.متعاقدون في الثانوي أكل الهم عليهم وشرب.أساتذة ينتظرون إقرار 4.5.جيش من المتعاقدين في المهني ينتظر تعيينه.شباب من المعهد العالي المهني يئسوا من المطالبة بالتعيين.والأهم من ذلك كله هو التعيين لا"التوظيف" يا وزير التربية. العجلة من الشيطان ولكن السرعة مطلوبة لأن التعليم الرسمي مخنوق.
-
وزارة التربية في لبنانالسلام عليكم تعاقب على وزارة التربية في لبنان أسماء وشخصيات منها من كان له صلة بالشأن التربوي واخرى لم يكن لها علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بهذا الشأن. ولعل الحسابات السياسية والحصص الطائفية والمذهبية في تعيين الوزراء كان العائق الأكبر في عدم تولي هذه الوزارة شخصيات لها الخبرة اللازمة في المجال التربوي من أجل تسيير أمور لبنان التربوية. إن فكرة الاهتمام بالتعليم الرسمي في لبنان تنبع من أن هذا القطاع موجه ويستفيد منه أصحاب الدخل المحدود، أي العائلات التي لا تستطيع أن تدفع قسطاً مدرسياً قدره أكثر من 2500 دولار للولد الواحد، فكانت المدرسة الرسمية الملاذ الوحيد لتعليم هذه الطبقة الكبيرة في لبنان، ومن هنا نقول بأن كل من تسلم مسؤلية هذه الوزارة في لبنان لم يكن همه ولو من بمقدار ذرة أن ينظر نظرة رأفة أو رحمة بالكادحين بل كان همه كيف يستطيع أن يزيد من رأسمال المؤسسات الخاصة التابعة لحزبه أو احزاب من يواليهم. ولهذا نقول بأن طريق النجاح في هذه الادارة هو أن يكون أول إهتمامات الوزير تطوير القطع الرسمي لما لهذا القطاع من دور في تربية الطبقة المتوسطة والفقيرة في لبنان وما أوسعها من طبقة على إمتداد الوطن . نحكم على عمل هذا الوزير من خلال ما يقدمه لهؤلاء الناس التي لم تلحظ لهم الحكومات المتعاقبة دوراً ولا وجوداً بل كانوا بالنسبة لهم أعداداً للاحصاءت المتراكمة في أدراج الحكومات. والسلام .
-
بدنا نشوف الوطنية شو رح تفيدبدنا نشوف الوطنية شو رح تفيد الجامعة اللبنانية الوطنية والمؤسسات التعليمية الرسمية. لان الوزير اللي من قلب هيدي المؤسسات أنجأ عم يعمل شي.
-
التعليمبحب قول كلمة قالها كميل شمعون لما كان وزير اذا التعليم الرسمي ما رح يكون على مستوى الخاص بدي سكر كل المدارس الرسمية. وين التعليم الرسمي اليوم سكروا مدارس التنابل وقليلي العلم يروحو يدبروا مصلحة يشتغلوا فيها اشرف او اعملوا شي يشرف و يعطي التلميذ فتحة امل لمستقبل على الاقل ما يكونوا مسلحين لاحقين الزعما متل الخواريف للذبح.
-
عِلم وثقافة لكل لبنانيكوزير تربية لازم يفرض ويشجّع الشعب اللبناني ان يتعلّم حتى لو كان الواحد كبير بالعمر. بدون عِلم لن نصل الى ديموقراطية حقيقية ولا الى حرية واستقلال. العِلم هو خبز الحياة. يجب القضاء على الاميّة في لبنان. الثقافة والعِلم للفقير والغني للصغير والكبير للمرأة والرجل، هكذا نبني وطن لكل اجيالنا.