حل «حزورة لبنانية»

صحيح ما أجاب به بعض المعلقين والقراء: حرف الميم هو قاسم مشترك بين مولد الكهرباء، مجلس الإنماء والإعمار، المقاومة وآل المقداد، لكنه ليس وجه الشبه المقصود في الحزورة السابقة.

وفعلياً، عثر كثير من القراء الأعزاء على الجواب او على بعضه، وفي هذا ما يطمئن الى أن الوعي اللبناني، وعي هؤلاء القراء على الاقل، أصبح «واعياً» على نحو كاف للب مشكلتنا الوطنية، ولو انه غير قادر على حلها. فأوجه الشبه بين مولد الكهرباء ومجلس الانماء والاعمار والجناح العسكري لآل المقداد والمقاومة، هو انها كلها نشأت كبديل عن الدولة المستمرة الغياب لأنها عاجزة عن ان تولد. حبل مستمر منذ ايام سايكس بيكو ولا ولادة. هذا ليس حبلاً، هذا ورم.
هكذا يصبح المولد، ومجلس الانماء والاعمار والجناح العسكري لآل المقداد والمقاومة، حلولا «فردية»، ابتكرها المواطنون، كل في مكانه وزمانه، في كل مرة احتاجوا فيها إلى دولتهم، فإذا بهم لا يجدونها.
ولنأخذ الفكرة الأصغر، أي مولد الكهرباء. إن دوام استخدام المولدات وتكاثرها في الأسواق، لا بل نشوء مهن مرتبطة باستدامة غياب التيار الكهربائي، المفترض أنه «طارئ» منذ عقود، وطريقة تعاطينا مع المشكلة، لعقود، أدت جميعها الى ثبات المولّد كضرورة في حياتنا اليومية. هكذا، وباستمرار الحل المؤقت، تماماً مثل «حلّ» السيارة الخاصة بدلاً من النقل العام، لم يعد من مصلحة فئة كبيرة من اللبنانيين أن يعود التيار او النقل العام المشترك. فعودة التيار ستقطع أرزاق كثيرين، ليسوا كلهم (بالطبع) من اصحاب المولدات. فالمولّد هو تتمة الخيارات الخاطئة التي «اتخذناها»، في التعاطي مع مشكلة الكهرباء. فالمحاصصة الطائفية، وإن كهربت البلد، الا انها لا تمتّ الى العلم بصلة برغم معادلتها الشهيرة 6 و6 مكرر. يعني، ليس هناك من طوائف 110 وطوائف 220، كما يتردد في هذين اليومين، تماما كما انه لا علاقة للكهرباء بالمصاهرات العائلية، هي لا يهمها الأمر ولا يؤثر على قوة فولتيتها..ربما لقصور ما في بنيتها، لكن هذا هو الواقع.

كل خياراتنا «المؤسساتية» تجاه مشاكل كينونة الدولة تؤكد خيار الجناح العسكري لآل المقداد: فالج لا تعالج، اتكلوا على أنفسكم.

اما مجلس الإنماء والإعمار؟ فهو ليس الا «الاسم الفني» لاحتلال وزارة التخطيط والأشغال العامة. اعتراف من الدولة التي أنشات المجلس( الدولة المحتلة من ميليشيات اقليمية متفرقة) بأنها، هي نفسها، غير جديرة بأداء مهماتها. وبدلا من ان يكون الحل باصلاح المرفق العام، وتطهيره من الفساد الوظائفي وغيره، ها هي «الدولة» تعوّض اللبنانيين عن غياب وزارتهم، بتلزيم مهماتها للقطاع الخاص جداً جداً جداً. ما اسم هذا التصرف؟ نقد ذاتي مخصخص؟ ربما.
أما المقاومة، فمن نافل القول إنها جاءت لتعويض غياب الجيش الممنوع من الصرف اميركيا واسرائيليا، وخاصة تجاه حدودنا الجنوبية. فقد واظب الاسرائيليون على التفظيع بالجنوب لعقود وعقود، مطمئنين الى ان العقلية المتحكمة في بيروت، لا مشكلة لديها في تعرض أراضيها ومواطنيها للقتل والخطف والاحتلال طالما ان الكازينو «ماشي، والشغل ماشي ولا يهمك».
هكذا، كان لا بد لأهل الجنوب أن يخترعوا المقاومة: بدأوا يساراً، لكن سرعان ما طغت الاتجاهات الجديدة الأوسع اقليمياً، على الخيارات الداخلية، وفرضت المقاومة الاسلامية نفسها لتصبح، هي الاخرى ولاستدامة العطب، ضرورة لا بد منها، وللمفارقة، لبقاء .. هذه الدولة.
أما بالنسبة إلى الجناح العسكري لآل المقداد، فأظن ان الفكرة اصبحت واضحة: ما ذنب ابن المقداد اذا كانت دولته ضعيفة فيما عشيرته قوية؟ ما الذي يحدث حين تركب هذه المعادلة؟ يحدث تحديداً ما حدث، على الأقل.

هذا هو الجواب. فهل انتهت الحزورة؟ ابداً.

السؤال الآن والأهم هو: لمَ، يا أصدقائي إذاً، وبالنظر الى أوجه الشبه جميعها بين كل ما تقدم، لم تسطَّر استنابات قضائية إلا بحق آل المقداد؟
بالطبع، هناك «استنابات دولية» بحق المقاومة، لكن، في النهاية هناك اعتراف لبناني بموقعها وغطاء رأي عام لوجودها ولو كره الكارهون.

لمَ إذاً؟ هذه هي الحزورة التالية.

التعليقات
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 9/27/2012 2:55:45 AM

لا أعتقد القصد هو أسئلة معقّدة تطرحينها بانتظار جواب !ولا هو اختبار للوعي اللبناني ,وطالما لديك الإجابة مؤجّلة إلى عدد قادم فقط ,فهو ليس أكثر من أسلوب صحفيّ تفاعليّ مع القارئ وقد يكون فضولا صحفيّا لمعرفة كم من القرّاء يمكن أن يفكّر مثلك مثلا ولديه ذات أجوبتك .. ومع ذلك لديّ الرغبة لجواب الحزّورة الثانية :هو المنطق ذاته الذي دفع آل المقداد أنفسهم يفعلون مافعلوه,ولنبدأ من الدائرة الصغيرة في المجتمع "الأسرة " فالأقوى فيها يسنّ القوانين وصاحب القوّة اقتصاديّة كانت أو ذكوريّة أو عسكريّة أو أيّ شكل آخر , بتوسيع الدائرة لتطال حدود الوطن ينطبق ذات القانون وصولا لحدود الكرة الأرضيّة وفيما خصّ مقال اليوم فينطبق عليه الاتّجاه المعاكس أيضا غياب أيّ سلطة أعلى سوف يعطي المجال للسلطة الأدنى .. وطالما هناك غطاء رأي عام يغطّي وجود المقاومة يبقى في أمل ...إيـه في أمل قدّيش بتعطيني علامة ع الجواب ؟ قولك هيفاء هنّي طيّروا خانة الاسم عمدا ؟ فعمد المعلّقون لحلّ إبداعي بوضع اسمهم مع التعليق (:

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 9/28/2012 4:29:28 PM

معقول جدا..طلع عن جد في امل! ضحى

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 9/27/2012 2:34:03 PM

قولك إذن أن لا نشغل أنفسنا باجتراح "حلول إبداعيّة" للتكيّف مع بعض النواقص في "الأخبار"، وأن نعمد فورا إلى الثورة؟! :) جميل! ثورة على جريدة، ولكن كيف تكون ثورة كهذه؟ هيفاء

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 9/30/2012 12:25:09 AM

هل أصابتك عدوى الثورات هيفاء !! أبدا لم أقصد حرق المراحل للانتقال للثورة ,بل من المهم جدّا إعمال العقل لأنّ الثورة تأكل أبناءها أوّلا .. وردة

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 9/26/2012 5:43:41 PM

دولتنا الكريمة تطبق المثل المصري : ’’ما يقدرش عالحمار يتشطر عالبردعة’’ ..

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 9/26/2012 4:39:00 PM

"الحماية المعنويه" لآل المقداد تبخرت فور عبورهم السياج الطائفي ومسسهم بغني من غير طائفتهم. المنحدر زلق و حزب الله لا يتذكر "أشرف الناس" الذين سبقوه.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 9/26/2012 1:28:48 PM

الحلّ بسيط وسهل وواضح! المنتفعون من بقاء "الظاهرتين" غير المشمولتين باستنابات قضائيّة محلّيّة أو دوليّة هم من ذوي الوزن الثقيل والمؤثّر. والكلام هنا طبعا ليس عن البسطاء الّذين يتدبّرون أمورهم اليوميّة بمثل هذه "الحلول". على فكرة يا ضحى: ثقافة "التأقلم" مع غياب الدولة عن واجباتها في إنصاف مختلف مواطنيها (لا سيّما غير ذوي السلطان منهم) ليست حكرا على لبنان. "فضيلة" الصبر هذه واختراع الحلول "الإبداعيّة" هي ما يحول دون التوجّه السريع نحو طريق اسمه "الثورة"! فهل سمعت بنظام يشجّع على الثورة عليه؟! إذن لا بدّ لكلّ نظام راشد من أن يساعد في "دعم" هذا النوع من "الإبداع"، كاسبا فوق ذلك صورة الحكم الرؤوف! تحيّاتي هيفاء ذياب

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
شاركونا رأيكم