إتصَلَ بي «البهلول» أواسط شهر كانون الثاني ١٩١١ عفواً ٢٠١١، إنّ العمل ضاغط جداً هذه الفترة في الجريدة فحرية التعبير والغرافيتي بلغت مراحل غير مسبوقة من التجاذب بين أبي صعب (باريس) معقل الغرافيتي وأبو صعب (دبي) حيث قائد الشرطة ض. خلفان مستنفرٌ ضد الإخوان فكيف بالغرافيتي؟ بحسب صفحاتنا للميديا: «مع الضاحي (دبي) تجَمُّع، تعبير حرّ، غرافيتي: !No way». في هذه الأجواء وعندما اتصل بي «البهلول» من الفُجيرة على مرمى حجر نفّاث حيث يجثم مضيق هرمز شخصياً، كان حديثه على الهاتف أشبه بالشيفرة، وصراحة لم أفهم لماذا كان محتاطاً الى هذه الدرجة.
فهو سوري منذ هاجَرَ (واستقرّ!) متنقّلاً بين الإمارات المتحدة، أهو كان يخشى الاستخبارات الوطنية السورية أم أنه خائف من إمارات الاستخبارات عفواً استخبارات الإمارات، الجوّ مضغوط فعلاً.
كان يقول كلمة معيّنة فينقطع الخطّ فيعاود الاتصال ويسألني «ماذا حدث برأيك؟»، هو الأقدم منّي في إقامته في الامارات. فأجاوبه حائراً: «ربما يراقبون الخطوط بسبب الربيع العربي، ما رأيك؟» فيعاجلني مجيباً: «وهل بإمكان الروس مراقبة خطوط الإمارات من طرطوس برأيك؟» فأطمئنه قائلاً: «الروس؟ مستحيل يا رجل، أسهل عليهم أن يراقبوك حيث أنت من كازاخستان، ثم لمَ يراقبك الروس أنت بالذات؟»، فيجيب كما في كل مرّة: «لأنهم حلفاء الخميني»، فأبلّغه: «إن لفظ اسم خميني على شركة اتصالات برأيي أصعب من أن يراقبك الروس المتحالفون مع السوريين، عفواً الشبّيحة، رهيب هذا النهار». فيقفل الخطّ بدون سبب وينتظر يوماً أو يومين ليتأكّد أنه لم يُعتقل وهو فعلياً لم يُعتقَل لذا يعاود الاتصال.
وفجأة، أواخر شهر آذار ٢٠١١، وكنتُ قد انتقلتُ من بيروت الى أبو ظبي إتصلتُ به «من كلّ قلبي» بعدما استفسرتُ من الفندق كم تبعد الفجيرة عن أبو ظبي، فأجاب على الهاتف: «إي سعيد شو عاد صار معك؟» (على أساس أن كلّ مواطني الهلال الخصيب المقيمين في أبو ظبي أو دبي يُدعَون: سعيد... مرعوب وسعيد... مهاجر ومستقرّ ومرعوب وسعيد... متنقّل مرعوب وسعيد ومهاجر ومستقرّ!!!) فإلى اللقاء يوم الجمعة المقبل، لأن «البهلول» أتلف خطّه الخليوي الثابت والمستقرّ والمهاجر والسعيد بعدما سمعني أقول له: «أنا زياد ولستُ سعيد». (يتبع ربما).