خلال الساعات الماضية، أُعلِن الاستنفار في صفوف حزب الله والحرس الثوري الإيراني. بالتأكيد، الاستنفار لا يشمل جميع الوحدات العسكرية التي رُفِعَت جاهزيتها تحسباً لأي «جنون إسرائيلي» من خارج السياق، لكن من رُفِعَت درجة استنفارهم إلى الحد الأقصى هم أولئك الذين خبروا سبل تهريب الأسلحة من سوريا ولبنان وإيران والسودان (وغيرها) إلى قطاع غزة. من الموانئ الإيرانية والسورية إلى السودان. ومن السودان إلى مصر، سيناء تحديداً، ومنها إلى قطاع غزة. هذا هو الطريق المعروف. لكن لدى أولئك الناشطين «على هذا الخط» سبل أخرى لإيصال ما يجب أن يوضع في أيدي المقاومين في غزة.
خلال الساعات الأولى من العدوان على غزة، جرى التواصل بين المقاومة في لبنان وفصائل المقاومة في غزة، وخاصة حركة حماس، لتحديد حجم الأذى الذي لحق بمخازن الصواريخ البعيدة المدى التي أعلنت قوات الاحتلال عن تدميرها في الغارات التي تلت اغتيال القائد الجهادي أحمد الجعبري. وبغض النظر عما إذا كانت الغارات قد أدت فعلاً إلى تدمير مخازن «وهمية» او حقيقية، بدا أن المقاومة الفلسطينية استفادت من عِبَر العداون على غزة عام 2008، والحرب على لبنان عام 2006، ما أدى إلى الحفاظ على عدد لا بأس به من المخازن التي تُصَنّف تحت خانة «الاستراتيجي». ورغم ذلك، اتخذ قرار عاجل باستنفار وحدات المقاومة اللبنانية والفلسطينية والحرس الثوري الإيراني العاملة في مجال إمداد المقاومة في غزة بما يمكن نقله إلى القطاع، تحسباً لطول أمد المعركة. وبحسب المعلومات المتوافرة في هذا المجال، يجري التركيز على نقل كميات كبيرة من الصواريخ البعيدة المدى. ووصلت بالفعل إلى قطاع غزة كميات «لا بأس بها مما توافر» من هذه الصواريخ.
والذين يُدركون طريقة عمل المقاومة في لبنان وفلسطين، يجزمون بأن خطوط الإمداد لن تتوقف، لا خلال العدوان، ولا بعد انتهائه، تماماً كما كانت الحال خلال عدوان عام 2008 وبعده. ورغم أن جهود نقل الأسلحة إلى القطاع أصيبت بانتكاسة كبيرة نتيجة «تحييد» سوريا، التي كانت تمثّل المحطة الرئيسية في عمليات تسليح الفصائل المقاومة منذ ما قبل اندلاع الانتفاضة الثانية، إلا ان قرار إيران وحزب الله «لا عودة عنه»، لناحية السعي إلى استمرار تدفق الأسلحة.
تهريب حزب الله وإيران وسوريا السلاح إلى فلسطين المحتلة مر بعدة مراحل، أبرزها في تسعينيات القرن الماضي. حينذاك، أنشأ حزب الله وحدة جهادية مختصة بهذا الشأن. كان السلاح يُهرّب «بالقطّارة»، نظراً إلى التشدد الأمني في كل من الأردن ومصر. كان إيصال قذيفة هاون من العيار الخفيف إلى الضفة الغربية يُعد إنجازاً نوعياً، لكن قوات الاحتلال استشعرت باكراً هذا الخطر. سعت استخباراتها ليل نهار إلى ملاحقة المقاومين النشطاء في هذا المجال، وتمكنت من اغتيال عدد كبير منهم: علي ديب (أبو حسن سلامة)، جهاد أحمد جبريل، علي صالح، غالب عوالي، العميد (في الجيش السوري) محمد سليمان، وغيرهم. بعض المقاومين في حركة حماس اغتيلوا في سوريا وخارجها في هذا السياق أيضاً. وآخر شهداء الحركة النشطاء في عمليات نقل السلاح إلى فلسطين المحتلة هو محمود المبحوح، الذي اغتالته الاستخبارات الإسرائيلية في دبي عام 2010. حتى اغتيال القائد الجهادي عماد مغنية يأتي، ولو في جزء منه، في إطار الحرب الإسرائيلية على شبكة نقل السلاح إلى فلسطين المحتلة.
بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005، اتخذ قرار على مستوى فصائل المقاومة، بتفعيل سبل التسليح، التي ارتقى مستواها خلال الانتفاضة الثانية. الصعوبات الأبرز التي واجهت تنفيذ هذا القرار، كانت هي ذاتها التي سبقته: النظامان المصري والأردني الممسكان بالحدود الأطول مع فلسطين المحتلة. أقيمت قناة رباعية، تألفت من مندوبين عن كل من الحرس الثوري الإيراني والجيش السوري وحزب الله وحركة حماس. كذلك شملت قنوات اخرى عدداً من فصائل المقاومة الفلسطينية، كحركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وبعض مجموعات كتائب شهداء الأقصى وألوية الناصر صلاح الدين والقيادة العامة. ومنذ عام 2005، أدى عمل الوحدات الناشطة في هذا الإطار إلى إمداد فصائل المقاومة بكافة انواع الأسلحة التي يمكن نقلها: من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وصولاً إلى مدافع الهاون والصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى، فضلاً عن الذخائر والمواد التي يمكن استخدامها لصناعة الصواريخ والقذائف. كذلك جرى العمل على نقل مئات المقاتلين من غزة إلى سوريا وإيران، حيث خضعوا لبرامج تدريب على التكتيكات العسكرية، وعلى استخدام أسلحة نوعية، سواء منها المضاد للدروع أو المضاد للطائرات.
في المحصلة، ترى المقاومة في لبنان (وداعموها) أن الحرب الدائرة على غزة في هذه الأيام تستهدفها أيضاً. ومن أجل ذلك، لن توفّر أي جهد لإيصال كل ما تيسّر من سلاح إلى حيث يجب أن يصل.
19 تعليق
التعليقات
-
لايفك الحديد الا الحديدقال المرحوم الشاعر الكوتي يابني العرب انما الضعف عار اي وربي سلوالشعوب القويه كم ضعيف بكي فراحت لبكاه تقهقه المدفعيه لغة الحديد والنار هيه الفصحي وحظ الضعيف منها المنيه
-
جسر صاروخيارجو ان تتقبل مني النقد اني ارى ان خيالك واسع انت شاب وتعيش في القرن ال21 لقد انتهيتا من هذه الخرافات
-
ايه اعطيهم من قلبك يا حسنايه اعطيهم من قلبك يا حسن عليق... يا مخزقهم
-
ما شي جديدليللي معترضين انو في معلومات سرية افشيت، في يدلني ويني هالمعلومات؟ انا ما قريت شي جديد!! ولا في تفاصيل عمليات ولا أسماء في مقدمة ورجعة للتاريخ وتأكيد انو في امداد من المقاومة لغزة ! يعني لتكون الصواريخ من غزة عم تنزل بالوحي الملائكي؟؟؟
-
العمل السري اصبح علنيا؟!!!منذ متى يعلن حزب الله عن اساليبه واستراتيجياته القتالية وبهذا الوضوح؟!!!!هل هذا أسلوب جديد؟!!! هذا مقال غريب وعجيب زمنا ومضمونا. كل ما نستخلص منه أن المقاومة تحاول تحسين صورتها بعد ما لحق بها من أذى بسبب موقفها من الأزمة السورية، وذلك من خلال غزة، أي بتوظيف الورقة الفلسطينية! بصراحة وصدق هذا كل ما يفهم من المقال ومن نشره في هذا الوقت.
-
شكرا سيد حسنشكرا سيد حسن يا سيد مقاومتنا العربية وحفيد رسولنا دمت لنا. لن ننسى ولن تنسى فلسطين من وقف معها ودمها ينزف. نقبل رأسك العالي أبدا يا حبيبنا. شكرا
-
احسنت اخ حسن فليعلم العالماحسنت اخ حسن فليعلم العالم بان ايران وسوريا والمقاومة لن يتخلوا عن قبلة المسلمين الاولى ولو تخلى. عنها اكثر العربان.
-
الحرب الاعلاميةشكراً، لأنك بهيدا الحكي ستحبط عزيمة الاسرائيليين والجمهور العربي معترض ع سوريا وايران وحزب الله. نوع آخر من الجهاد.شكراً استاذ حسن.
-
أنا ما بفهم كيف تعتبر وسامأنا ما بفهم كيف تعتبر وسام الحسن شهيد وبدك صدق انك مع المقاومة ، كلامك في مقال اليوم مشكوك فيه ويخيف ،لماذا هذا التفصيل الخطير؟
-
هكذا الصحافة في لبنان ... دول هكذا الصحافة في لبنان ... دول العالم الثالث صحفافتها يعملون كادوات كلهم دون استثناء ... ولكن الاخ عليق هنا يقصد بالتأكيد الخير لقوى المقاومة ويريد ان يصوب البوصلة بأن المقاومة يجب ان تتعالى وتتحالف وتنسى الخلافات وهكذا يمكن الاستمرار ويريد ايضاً ان يشير الى الدور الاساسي والكبير لسوريا بشار الاسد في دعم وتدريب الفلسطينيين وفتح ابوابها سوريا لهم بشكل لم يفعلها احد عبر تاريخ القضية ... نعم مضمون المقال ممتاز وهذا هو المطلوب اي التكاتف وتوحيد الصفوف واعداد العدة وجمع الاخوة المستضعفين في لبنان وسوريا وايران وفلسطين ... اما بخصوص اشارته الى الكيفية التي ترسل بها الصواريخ الى غزة فالاسرائيلئ يعرفها جيداً ففقط نحن الناس العاديين لانعلمها
-
الى الحرب درلا افهم ماذا ننتظر الى الان , كنا في عهد مبارك نسمعه يهددنا بشكل غير مباشر ايه انتو عايزين الحرب وكانه يقول انتو قد الحرب وويلاتها , هل نحن في لبنان وفلسطين و سوريا و مصر والاردن والسودان واليمن وتونس وليبيا و المغرب نعيش برغد و سلام ام اننا نحيا بالقطارة من ازمة الى اخرى ومن حرب الى اخرى ننتظر دورنا الاتي حتما في معركة قادمة لا محالة , فالى متى ننتظر دورنا ولما لا نبادر , واذا كانت المقاومة واحدة و اذا كانت الازمات تاكل اوطاننا فلما لا نشعل كل الجبهات و لتكن حرب واضحة مع عدو واضح بدل ان تاكلنا حروب الفتن المذهبية والاثنية , ليت احد يجيبني ماذا ننتظر ؟ ان تسقط سوريا او تضعف اكثر وبالتالي تخنق المقاومة في لبنان , او ان يستفرد ب غزة و يستنفذ مخزونها او ان نغطس في الفتنة المذهبية التي وعدنا الغرب بها و نحن سائرين اليها بخطى المغفل , اليست الحرب الشاملة هي الرد الحاسم على كل هذه الازمات ؟ فالى الحرب در , الى الخلاص من حالة المراوحة والله لقد طفح الكيل والله ان اي نتيجة لتلك الحرب اهون من ما نحن فيه , والله حتى الهزيمة لا سمح الله اهون من تقسيم بلادنا و مناطقنا و قرانا وصولا الى بيوتنا , ماذا ننتظر الا نرى كيف ندفع الى الجاهلية دفعا كالجهلة , ماذا ننتظر الم نشاهد صور الجيش الذي لا يقهر وحالة الرعب من نار غزة المتواضعة و المحاصرة , فالى الحرب الشاملة در
-
تحيةتحية لسوريا يللي عضت على جرحها وتحية لإيران التي تعاملت مع أهل غزة بأخلاق أهل البيت عليهم السلام
-
توسع الحرب في غزة سيأكل منتوسع الحرب في غزة سيأكل من الأزمة السورية .. لأنه لن يكون في مقدورهم تبرير حرب على سورية وتهدئة في غزة ..فاما حرب في سورية وفي غزة وهذا محال لأن اسرائيل ستتأذى . ان مغامرة اسرائيل في غزة تشبه صعود النمر في رواية (ارنست همنغواي) الى الأعالي خلف رائحة خاطئة استدرجت اليها فتركت سهول الربيع العربي وطرائده الوفيرة ..واذ بها تجد نفسها في برد وصقيع مواجهة الأقدار .. وان المعارضة السورية نفسها تلحق برائحة خاطئة وتتعقب هدفا يستدرجها الى ذرى عالية لتواجه موت الصقيع والبرد .. عندها سيعثر صياد دولي على جثة النمر وعلى مقربة منه جثة حمار وحشي مخطط اسمه (الائتلاف السوري)
-
من كل وادي عصاعندما لا يكون عندك ما تكتبه ليس بالضرورة ان تكتب. مثل انكلوسكسوني
-
تعليقمش وقت تشبيح يا حسن ! ارحموا غزة !
-
هكذا يكون العون والمساعدة.. في لحظات العدوان الاْولى كنت مطمئناً الى الوضع الفلسطيني ويقيننا"نموت وقوفاً ولن نركع".راقبت بعض الفضائيات يخيم عليها الوجوم والترقب.لم تكن معنا اْو ضدنا.والذين وقفوا معنا إعلامياً اناس عرفوا واجبهم فقدموه ولله الحمد والمنة ونشكرهم. واليوم"وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى"فإذا بتلك الضائية تهلل وتكبر تلك المذيعة التي راْيت الحقد الاْسود في وجهها راْيتها اليوم مقاومة اْكثر من المقاومة وكاْن القصف على راْسها. اْما الاْخ حسن بما كتبت فقد اْدميت الكثير من القلوب الممتلئة حقداًوشماتة وكرهاً واختم بقوله جل شاْنه"والذين جاهدوا فينا لنهدينم سُبلنا" ملاحظة:بعض تعليقاتي لا تنشروها لا تسيىْ الى اْحد كما انها تصيب كبد الحقيقة.وهذا التعليق قد يكون غير مناسب.والصحيح الصحيح ان الكلمة في محلها قنطار..والسلام.
-
إلي أين تذهب لبنان باريس العربالله يحمها ونصرها دائما