القاهرة | «في استطلاع لـ«بي. بي. سي، 82% من المصريين: جبهة الإنقاذ خراب». خبر تصدّر مانشيت صحيفة «الحرية والعدالة» الناطقة بلسان النظام الإخواني في عددها الصادر أمس. وكانت الصحيفة قد نقلت الخبر عن «وكالة أنباء الشرق الأوسط» التي نشرته ظهر أول من أمس، قبل أن تخرج هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) لتنفيه جملة وتفصيلاً! النفي أثار موجة من الدهشة في أوساط المراقبين الإعلاميين بسبب تدني المستوى «الذي وصلت إليه طريقة استغلال الأخبار المفبركة في الصراعات السياسية». حقيقة الأمر أوضحتها المؤسسة البريطانية في بيان رسمي أصدرته أخيراً، وأكدته مديرة مكتبها في القاهرة نجلاء العمري في مداخلة هاتفية مع برنامج «مانشيت» عبر قناة «أون. تي. في». باختصار، لم تجر المؤسسة الإعلامية التي تتمتع بصدقية كبيرة في الشارع المصري أي استطلاع للرأي حول شعبية «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة، وهي ليست من تخصصها أساساً.
«هل تعبّر مطالب «جبهة الإنقاذ» عن تطلعات غالبية المصريين؟». سؤال طرحه الإعلامي محمد عبد الحميد يوم الجمعة الماضي خلال حلقة «نقطة حوار» عبر قناة «بي. بي. سي عربية»، ليستقبل بعدها مداخلات هاتفية وأخرى عبر برنامج «سكايب»، إضافة إلى تعليقات عبر صفحات التواصل الخاصة بالبرنامج. واتضح في النهاية أن 82% من الجمهور المشارك صوّت بـ«لا». ووفق العمري، فإن عدد المشاركين لم يتجاوز 37 شخصاً، وهو رقم «لا يعبّر عن عيّنة بالمعنى العلمي لاستطلاعات الرأي المطابقة للمواصفات المتعارف عليها عالمياً»، مشددةً على أن «بي. بي. سي» لم ولن تكون طرفاً في الاستقطاب الكبير الحاصل في مصر. مجدداً، فتحت هذه الواقعة الكثير من النوافذ على كيفية إدارة الإعلام المنحاز إلى النظام المعركة ضد المعارضة، ومدى توخي وسائل الإعلام الدقة في نقلها للمعلومة. «وكالة أنباء الشرق الأوسط» على سبيل المثال نشرت الخبر أول من أمس، أي بعد ثلاثة أيام على عرض حلقة «نقطة حوار» من دون التأكد منه، والتدقيق في تفاصيله. أضف إلى ذلك أنّه جرى تحريف الصيغة الأصلية للسؤال، لأنّ «عدم تعبير الجبهة عن رغبات المصريين» لا يعني أنها تمثّل «الخراب». ورغم أنّ كل الصحف التي نشرت الخبر نقلاً عن الوكالة بداية عادت وسحبته بعد اكتشاف زيفه، إلا أن جريدة «الحرية والعدالة» نشرته بالصيغة الخاطئة في اليوم التالي كأن شيئاً لم يكن!