8 آذار... «هيداك»

أنستنا مجموعتا 8 و14 آذار أن للتاريخ الأول، أي الثامن من الجاري، موعداً آخر لا علاقة له بالتوأم «السيامي» السياسي لدينا، المتمدّد إقليمياً بالتحالفات وبقرارات الجامعة العربية التي لا يساوي غباءها اليوم إلا عجزها الدائم الذي أوصل دول المنطقة من بين أسباب أخرى إلى «اليوم».

فيوم المرأة، لم يبد لي يوماً أنه لنا نحن النساء، فعلاً. شيء مفتعل في احتفالية هذا اليوم، الذي تنشط فيه الجمعيات النسائية (وبعضها له دور أساسي في حشو المناسبة بفولكلور مصطلحاتها المترجمة كالجندرة (ورزّ؟) ووصول النساء إلى مراكز القرار)..
كيف أصف ذلك؟ كأنه عكس العيد الكبير مثلاً، حيث تحسّ ببهجة حقيقية تهبط على الجميع.. كأنه تماماً عكس ما وصفه لي الزميل الراحل جوزف سماحة مرة، حين حدّثني أنه شهد المناسبة عينها في اليمن الجنوبي أوائل السبعينات.
لا زلت أذكر تعابير وجهه وهو يخبرني بحماسٍ وشغفٍ معدٍ اشتهر به، كيف يحتفل اليمنيون هناك بيوم المرأة.. كان يقول «بتشوفي النسوان كلن، صبايا.. ختايرة.. زغار، بيلبسوا أحلى ما عندن، وبيتزيّنوا بأجمل زينة ـ واليمنيات جميلااااات ـ (يهزّ برأسه كمَن هزّه الطربُ) وبيطلعوا يتمشّوا بهالشوارع.. بيغنوا وبيرقصوا، والرجال بيساعدوا نسوانن بالبيت بهاليوم: بينظفوا وبيطبخوا وبينتبهوا للولاد حتى تقدر النسوان ترتاح.. بهجة حقيقية. شي كتييير حلو». ثم يضيقّ عينيه كمَن يحرص على تذكّر أصغر التفاصيل، ويردف: «من أجمل المشاهد اللي ممكن تشوفيها بحياتك.. أهمّ أهمّ أهمّ وأحلى وأنبل شراكة ممكن تشوفيها بين الرجال والمرا.. يا عين..»، ثم يضحك كأنما ليسخر من غلوّه في الوصف، مضيفاً جملته المعروفة: «زهرة شباب شعبنا».
أين نحن اليوم من هذا الوصف؟ أين اليمن اليوم من هذا الوصف؟ وعندنا؟ احتفال يكاد يقتصر على تخصيص الجرائد ملحقاً للحديث عن المناسبة وبعض النشاطات التكريمية لنساء مناضلات.. ونقطة. نعود في اليوم التالي إلى حياتنا العادية: «دوبل» مسؤوليات على النساء العاملات: في البيت وفي العمل، وفي المكانَين هي مظلومة ومنهوبة الحقوق. لا أريد أن «أنق»، ولكن...
ثم إن يوم المرأة، كما هو معروف، لكل النساء، يجمعهن فيه الحديث عن حقوقهن وهمومهن. فهل مورا كونيللي، مثلاً، السفيرة الأميركية وأنا، في الخندق ذاته؟ هل فعلاً نصبح في هذا العيد مجرد أخوات تحتفلن بيومهنّ؟ وإنْ جمعت بيننا وحدة الجنس أو «الجندرة» حسب المصطلح العجيب الذي درّجت موضته منظمات «المجتمع المدني المترجمة »، فهل ننتمي فعلاً إلى الخندق ذاته المسمّى حقوق المرأة؟ صعب. ليس لأنها أميركية، حاصلة على الكثير من حقوقها (وفي هذا نقاش ضخم) وأنا لبنانية اخترت العزوبية لأفلت من براثن الذكورية المتحكّمة بمجتمعنا كإحدى الآفات، بين آفات كثيرة، بل لأنها محتل (بدون تاء مربوطة) وأنا محتلة.. هذا هو الواقع. مورا كونيللي تسرقني(نا)، وأهل السلطة عندنا، هم شركاؤها وصنوها. فكيف نكون في الخندق ذاته؟ كونيللي، في جوهر كينونتها السياسية.. ذكر لا أنثى. في طبيعة دورها، في أسلوبه، في رؤيته.. فعندما تتبع النساء أسلوب الذكور في الوصول إلى السلطة وطريقة ممارستها، هل نستطيع الكلام عن نساء في السلطة؟ تأنيث السلطة يكون بابتكار أسلوب مناهض للسائد والتقليدي في تعاطي الشأن العام. النساء في السلطة يعني: أن يكون الوطن بيتاً والمواطنون سواسية كالأبناء، أن نعطي البلد أحلى ما فينا، كما نعطي أولادنا، النساء في السلطة يعني حروب أقل. النساء في السلطة يعني «أمومة ما» بدل روح التنافس الديكي المميّز لسلطة الذكور، أن نعلّم الأولاد، والمواطنين، كيفية طرح الأسئلة.. لا الفوز على الآخرين وسحقهم.

في البداية قلت إنّ 8 و14 أنسونا يوم المرأة. لكن، الحقيقة أن مَن سرق بهجة هذا اليوم هو مَن ساهم عبر السنين في جعله ما أصبح عليه: مناسبة محشوة بالفراغ والتواطؤ على تجاهل هذا الفراغ. وهذا هو الأمر المحزن حقاً.
ولهذا ربما، «أثلجت صدري» دعوة الهيئات النسائية والشعبية والحزبية هذه السنة إلى إلباس هذا اليوم ثوب «حداد وطني على كل الإساءات التي تلحق بالمواطنين نساءً ورجالاً على حد سواء» يوم السبت المقبل.
في كل حال، كل سنة والبلد بخير لكي نكون جميعاً، ذكوراً وإناثاً، بخير. ولا ننسى أن عيد المعلّم، صنو النساء في مظلوميته الاجتماعية، و«الضلع القاصر» في المنظومة الذكورية، يقع أيضاً في هذا اليوم. لذلك كل 8 آذار وأنتم بخير.. « 8 آذار مش هيدا.. هيداك».

التعليقات
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/9/2013 10:24:00 PM

يصبح هذا اليوم حشواً فارغاً عندما لا يكون النقد بناً ومساهماً في العمل على تحقيق العدالة بكل مفاهيمها. أما رواية المؤامرة التي تطالعني في كل لحظة فأنا لا أرى منها طائلاً أبداً لا في تحقيق مطالب المعلمين ولا النساء ولا الفلسطينيين. قد نكون متفقتين في النهاية لو كنت أنا أسأت فهم ما قرأت ولكن يبقى أنني لا أرى أي داعٍ للسخرية من هذا النضال وأنا أدعوك إلى الدخول في حوارات أكثر مع النسويات والنسويين المعنيين ببناء وعي جدي لقضايا الجندر بلا "رز"

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/11/2013 11:07:45 AM

عفوا انا بالطبع مستعدة للنقاش. ولا اقول ان النضال النسوي الذي اوصلنا الى ما نحن عليه اليوم: سيدات مستقلات نعيش لوحدنا ونختار مصيرنا هو فارغ! من قال ذلك؟ انا اقول ان "الاحتفال باليوم" بمضمونه وبنجومه "المعتادين" وعبر السنوات كان فارغا لأن النسوة اللواتي فعلا ساهمن بتحريرنا، وبالفعل؟ مغيبات . ومن يحتل صدارة المشهد اولئك الساعين والساعيات الى الظهور باي ثمن وذلك بالرغم من فراغهن او فراغهم..اما حديث المؤامرة؟ فلم افهم من اين اتيت به؟ بكل مودة ضحى شمس

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/12/2013 9:45:11 PM

٣- يوم المرأة العالمي هو يوم يجمعني مع تيارات عديدة من الحركات النسوية التي تشبهني في نضالها ويجب في هذا المجال ألا ننسى أن الاتجاهات النسوية متعددة وليست واحدة ولا مفهوم موحداً لها حتى في الغرب. ومن الأمثلة على ذلك مثلاً حركة black feminism التي تتقاطع فيها قضايا التمييز الجندري مع مشكلات التمييز العنصري بمفاعيله الرجعية الطبقية والاقتصادية والجغرافية، والنسوية الراديكالية التي وصفتها نوال السعداوي أنها نضال المرأة العربية في التقائه مع النضالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتاريخية وغيرها ٤- أعتقد أن المشكلة الحقيقية في الهوة التي تصفينها بين "بعض الجمعيات النسائية" التي أسميها أنا سيدات الصالونات هي تحديداً في الفارق الطبقي بين هؤلاء النساء وبين المرأة التي لا تملك القدرة الاقتصادية على المحاربة من أجل حقوقها والاستقلال مثلما فعلت أنت. أنا أوافق على أن إجلال هذه المناسبة هذه السنة في اعتبار هذا اليوم للحداد على كم القوانين المنصفة للمرأة والتي لا تزال السلطات الدينية والطائفية تتحكم بمنع وصولها إلى مرحلة المصادقة. لذا أرى أن توجيه الحديث بشكل أوضح إلى هذا النوع من الفوارق قد يكون حائلاً دون الوقوع في سوء الفهم واعتبار جميع المناضلات والمناضلين في سبيل حقوق المرأة ومن بينهن الكثيرات ممن يتحدثن عن مفهوم الجندرة مساهمات في حالة الحشو الفارغ

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/9/2013 3:10:35 AM

كل هيداك و انت بخير . حقل الاسم و العنوان البريدي مخفي انا واحد من هيدوليك.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/8/2013 8:46:46 PM

عشت و سمعت مناضلة نسائية تقولوا .... لا فض فوك ضحى عربي سلفي

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/8/2013 6:02:46 PM

يعني كأنما الذكر في لبنان أفضل حضاً! كلنا نساء في الظلم يا عزيزتي!

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/8/2013 7:09:34 AM

ليك وين بعدك ،،،،،،،،،يا ضحى

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/8/2013 6:30:25 AM

العزيزة ضحى يوما كنا ضحايا الغباء المعمم والمعوم، كنت في الخندق نفسه مع "رفيق" وكان سلاحه من عدوي الذي أتصدَّى له وإياه.فهل هذا شواذ القاعدة أم القاعدة شواذ. يا ابنة قلبي ما يجمعنا رائحة ورد تحت "العريشة" وباقة بنفسج و "الضلع القاصر" لن يكون هناك لأن الورد لا يميِّز من يتنشقه فهو للكل، وأنت بهذا الروع ـــ من الروعة لا الخوف ـــ للكل فكوني كما أنت واسلمي. أخوك: سمير شمس

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/12/2013 12:52:35 PM

لاحظ صحافي غربي تبدل غير عادي في إحدى العادات الاجتماعية الافغانية,وذلك إثر دخول الجيش الامريكي كابول. فقد كانت النساء تمشي خلف الرجال و الآن اصبح الرجال يمشون في الخلف. مندهشا من سرعة التطور الايجابي - الغربي ,سال الصحافي احد الرجال الافغان عن السبب فاجاب - - ليس في كل البلاد,فقط عندم نشك بان المنطقة فيها الغام .ا.بدري

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 3/7/2013 6:25:41 PM

مورا كونيلي في منصبها تساعد في كسر مسلمات معينة، أولها: الرجال قوامون على النساء. يمكنها أن تكون مصدر إلهام لشاباتنا ليؤمنوا بقدرتهن على سحق العبودية. دعونا نستخدم كونيلي لمصلحتنا وقضيتنا المقدسة: تحرير المرأة. عيد سعيد

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
شاركونا رأيكم