بدأ المفوض السياسي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين الدكتور انطونيو غوتيريس جولة على المنطقة، وضمنها لبنان، في اطار النشاطات المقررة لليوم العالمي للاجئين. وقالت مصادر مقربة منه ان الزيارة الى لبنان هدفها لفت انتباه المجتمع الدولي الى الاعباء المترتبة على تلبية احتياجات النازحين السوريين.
وبحسب المعلومات، يتبنّى غوتيريس الطرح الأقرب الى لبنان في شأن مساعدته على استيعاب النازحين، اذ لا ينبغي ان تقتصر على المساعدات المادية، بل يجب تطوير آلياتها ليصار إلى تقديمها وفق تطبيقات المبدأ المعمول به في الامم المتحدة، اي «تقاسم الاعباء» مع الدولة المضيفة للنازحين او اللاجئين.
وكان رئيس الجمهورية اللبنانية قد ابلغ كريستا فورجيفا عند زيارتها بيروت اخيراً ان لبنان يريد الافادة من مبدأ تقاسم الاعباء، لكن المفوضية الاوروبية حينها استبعدت تطبيقه نظرا لوجود نقص في موازنات الاعانة. الا ان زيارة غوتيريس تشير الى وجود تطور في الموقف الدولي حيال نوع المساعدة المطلوب تقديمها للبنان. ويعود هذا التطوّر الى حصول تبدل في النظرة الدولية لدور لبنان وموقعه على خارطة الدول المغيثة للنازحين السوريين. وتقول المصادر ان القرار الدولي بات يريد من لبنان ان يضطلع بدور اكثر عمقا في مهمة استيعاب النزوح المتعاظم والاستعداد لاقامات طويلة نسبيا. بمعنى «ان المطلوب من لبنان ان يصبح الإسفنجة التي تمتص النتائج الاجتماعية للنازحين الفقراء ومتوسطي الحال، في حين تتولى دولة الامارات العربية استقبال النازحين السوريين الأثرياء»، وهذا ما يبرر سماحها، بموافقة اميركية، على استقبال اي سوري (من دون اي تدقيق بولائه للنظام) لديه حساب مصرفي لا يقل عن ٢٥٠ الف دولار. ويراعي هذا التخطيط الدولي الخاص بترشيد توزيع النازحين، إقفال باب تركيا بوجه استقبال المزيد منهم ومساعدة الاردن على التخلص من نسبة ٢٠% من الاعداد الحالية الموجودة فوق ارضه.
تكشف مصادر مطلعة لـ«الأخبار» ان دوائر الاتحاد الاوروبي تقوم حاليا بدراسة كيفية ملاءمة البنية الديموغرافية والأمنية والخدماتية (في مجال محدد) لاستيعاب اعداد وافرة من النازحين ذوي الوضع المعيشي الصعب، وذلك ضمن افتراض ان بقاءهم فيه سيستمر لفترة غير قصيرة (التقدير الافتراضي المبدئي خمس سنوات). وفي هذا السياق، تلقّت الدولة اللبنانية قبل اسبوعين اسئلة عبر الأمين العام التنفيذي لجهاز العمل الخارجي الاوروبي بيار فيمون، جاءت على الشكل التالي:
اولاً، كيف يمكن جعل انتماء النازحين الطائفي غير مكلف امنياً وديموغرافيا على استقرار لبنان.؟
ثانياً، هل الانقسام الشعبي في لبنان من الأزمة السورية مرتبط حصراً بالانتماء الطائفي؟ ام ان هناك اسباباً اخرى؟
ثالثاً، ما مدى قدرة النظام التعليمي في لبنان على استيعاب النازحين؟
رابعاً، هل يبقى الرئيس نجيب ميقاتي تلقائيا رئيساً للحكومة خلال الولاية الممددة لمجلس النواب؟
خامساً، هل اصبح لبنان اكثر قابلية لاعتماد خيار اقامة مخيمات لنازحين سوريين داخل اراضيه.. علما ان واشنطن كانت قد اكدت عشية مؤتمر دعم النازحين الدولي في الكويت أنها تدعم خيار لبنان بعدم اقامة مخيمات، ولكن بحسب ما نقل اخيرا عن فيمون فان مراجعات جرت مع كل من بيروت وواشنطن أسفرت عن حصول تبدل في موقفهما لمصلحة القبول بانشاء مخيمات. الجدير بالاشارة ان الاتحاد الاوروبي يدرس كيفية تقديم معونة للجيش اللبناني وتطوير وتحديث الأجهزة الامنية اللبنانية، لأن هذه المؤسسات ستقع عليها مسؤوليات مستجدة مرتبطة بوظيفة لبنان داخل الرؤية الدولية لاستيعاب قضية النزوح السوري ومواجهة تداعياته على الدول المضيفة.
تفيد المصادر بأن دوراً مركزياً في تنفيذ هذا المشروع يقع على عاتق النمسا، وكان وزير خارجيتها قد زار بيروت خلال شهر نيسان الماضي للاطلاع بشكل خاص على امكانية انشاء مخيمات للنازحين، ورفع تقرير لمفوضية الاتحاد الاوروبي يقول فيه انه زار «مخيماً» للنازحين في لبنان ووجد أن الوضع فيه صعب. وأضاف ان مشكلة النازحين تتخطى قدرات الدول المضيفة وعلى رأسها لبنان. وبحسب الأرقام التي تعتمدها النمسا فإن عدد المواطنين الذين يعانون من نتائج الحرب السورية ويحتاجون الى مساعدة يصل الى 6.5 ملايين شخص، بينهم 4 ملايين نزحوا داخل البلاد الى مناطق غير سكنهم الاصلي، وما يزيد على 1.2 مليون نزحوا الى دول الجوار، ثلاثة أرباع هؤلاء من الاطفال والنساء. وتتوقع ان تسفر الحرب السورية عن نوع جديد من النزوح، يتمثل بالهرب من الفقر. وهذه المادة الاخيرة من النزوح سوف يكون للبنان دور في استيعابه.