يشهد المجلس النيابي في جلسته التشريعية اليوم كباشاً حقيقياً على خلفية اقتراح القانون الذي تقدم به رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، والرامي إلى منح وزارة الطاقة مبلغ 1700 مليار ليرة (مليار ومئة مليون دولار أميركي)، لإنتاج 700 ميغاوات من الطاقة الكهربائية. ورغم أن هذه الكمية من الطاقة كفيلة بحل الجزء الأكبر من مشكلة لبنان، ورغم أن اقتراح القانون الذي تقدم به عون ليس سوى نسخة طبق الأصل عن المشروع الذي أقرته حكومة الرئيس سعد الحريري في تموز 2010، فإن قوى 14 آذار تتجه إلى معارضة المشروع، بهدف إسقاطه. ومنذ أيام، بدأ سياسيون معارضون يشنون هجوماً على اقتراح القانون، لأسباب متعددة، متجاهلين أنه ليس سوى برنامج القانون الذي أقرته الحكومة السابقة بأكثرية الثلثين، كملحق بمشروع قانون الموازنة، فضلاً عن أن لجنة المال والموازنة قد أقرته بالإجماع.
وبحسب مصادر في الأكثرية، فإن قوى المعارضة «تريد إفشال الحكومة في أي عمل ستنجزه، ولن تكون مهتمة بالنتائج التي ستترتب على إسقاط هذا الاقتراح، رغم كونه حيوياً». ومن الجهة الأكثرية، أكدت مصادر سياسية رفيعة المستوى أن جميع أطراف هذه الأكثرية سيصوّتون إلى جانب الاقتراح، وخصوصاً أنهم أبدوا تأييداً له في اجتماع مجلس الوزراء أول من أمس، فضلاً عن عدد من اللقاءات الجانبية التي جرت خلال الأسابيع الماضية. ولفتت مصادر معنية بهذا الاقتراح إلى أن الحكومة التي سيكون ملف الكهرباء على رأس جدول أولوياتها، لا تستطيع انتظار إقرار قانون الموازنة لبدء العمل في زيادة قدرة لبنان على إنتاج الكهرباء، وخاصة أن الموازنة لن تبصر النور قبل إنجاز قطع حساب المالية العامة للسنوات الماضية. وقالت مصادر مقربة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إن «دولة الرئيس يتعامل مع هذا الاقتراح على أساس أن الحكم استمرار، وأن مضمون الاقتراح هو مشروع أقرته الحكومة السابقة. ولفتت مصادر أخرى من الأكثريين الجدد إلى أن الحكومة الحالية لن تُصنّف في خانة الناجحين في حال فشلها في حل مشكلة التقنين الكهربائي، ولو جزئياً. وتجدر الإشارة إلى أن لبنان لم يستثمر في إنتاج الكهرباء منذ أكثر من عشر سنوات، وبات بحاجة ملحة إلى استثمار كهذا، لتلبية الارتفاع المتزايد يوماً بعد آخر في الطلب على الطاقة الكهربائية.
لكن نقطة الضعف الرئيسية لدى فريق الأكثرية النيابية تكمن في تراخي بعض أطرافها، كجبهة النضال الوطني التي تغيّب ثلاثة من أعضائها في الجلسة التشريعية الماضية، وسيغيب رئيسها النائب وليد جنبلاط، الذي سيزور العاصمة السورية دمشق اليوم للقاء معاون نائب رئيس الجمهورية، اللواء محمد ناصيف. إضافة إلى ذلك، من غير المتوقع أن يحضر النائب سليمان فرنجية، المتغيب عن معظم الجلسات التشريعية، فضلاً عن الاعتكاف الدائم للنائب طلال ارسلان. ورغم غياب عدد من نواب الأقلية، كالرئيس سعد الحريري والنائب عقاب صقر، يبقى الخطر محدقاً باقتراح القانون الذي سيضع، في حال إقراره، المشكلة المزمنة للكهرباء في لبنان على سكة الحل.
عون: من يجرؤ فليلعب...
في المواقف السياسية، رأى النائب ميشال عون أنه «لا وجود لأزمة في لبنان، وكلهم يحاولون إلهاء الشعب»، معتبراً رداً على سؤال بشأن احتمال تغيير النائب وليد جنبلاط موقفه أن «من يمكنه أن يلعب هكذا لعبة فليلعبها، لنر ما سيحصل». وأشار إلى انتظاره «عدم تسليم لبنان للمتهمين إلى المحكمة الدولية». وفي الشأن السوري، أوضح عون أنه لا يدافع عن النظام السوري الذي لا يحتاج إلى من يدافع عنه، لكنه يدعو إلى التهدئة لأن «ما من شعب يفني ذاته». ووصف ما يحصل بالحملة الدولية حتى «ترضخ دمشق لأربعة مطالب دولية، هي: قطع العلاقة مع إيران وحزب الله وحماس والدخول في حوار مع إسرائيل». ورأى عون أن المطالبة باستقرار سوريا هي لمصلحة الشعب السوري الذي يموت في المعركة، مؤكداً أن اللبنانيين لا يرتاحون إذا لم تكون سوريا مرتاحة. من هنا ضرورة أن «يعود الشعب السوري إلى عقله»، ناصحاً إياه باللجوء إلى «صندوق الاقتراع بدل صندوق الخرطوش». ورأى ختاماً أنه على الولايات المتحدة التي تتخبط بالمشاكل الاقتصادية «رفع شنتيانها» قبل المطالبة بالديموقراطية هنا وهناك.
أما كتلة المستقبل فخصصت الجزء الأكبر من اجتماعها في قصر القنطاري للنقاش في الموضوع السوري أيضاً، ليعلن في ختام الاجتماع النائب عمار حوري من على منبر القصر الجمهوري السابق «أننا في كتلة المستقبل كنا قد أعلنا منذ اندلاع الثورات العربية وقوفنا إلى جانب الحرية والإصلاح والتطوير، ودعونا إلى التجاوب مع المطالب الشعبية والشبابية العربية». من هنا، «تدعو كتلة المستقبل إلى وقف فوري للعنف والارتكابات والجرائم الإنسانية بحق المدنيين وسحب الجيش من الشوارع ومحاسبة الذين قتلوا المتظاهرين تمهيداً لتطوير النظام السياسي وإصلاحه بما يحقق للشعب السوري الشقيق حقوقه في الحرية والعدالة والكرامة». ورأت الكتلة أن «الكلام الذي صدر عن وزير الخارجية اللبناني لدى زيارته دمشق يوم الأحد الماضي، أعاد إلى الأذهان أجواء الوصاية البغيضة والمرفوضة». فيما أسفت الكتلة لمواقف الرئيس نبيه بري الأخيرة، معتبرة أن الحديث عن «أكاليل العار والغار ومسرحية الشخص هو أسلوب إلهاء وتورية، معروف من يتقنه وينفذه».
وكان عضو كتلة المستقبل النائب غازي يوسف قد اعتبر أمس أن «زيارة وزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو لسوريا اليوم هي إنذار أخير لوقف آلة القتل». وتحدث يوسف بإسهاب عن «إمكان حصول تدخل عسكري تركي في سوريا لوقف ما يجري من قتل وتدمير بحق الأبرياء». أما زميله في الكتلة نفسها خالد ضاهر فرأى أن «وزير الخارجية التركي يذهب الى سوريا اليوم متسلحاً بموقف عالمي وعربي وتركي حازم بأنه لم يعد مقبولاً هذا الإجرام وهذا القتل».
بدوره، حذر وزير الزراعة حسين الحاج حسن من «حملات التحريض المذهبي والطائفي والعشائري والقبلي والقومي من أجل تحقيق أهداف سياسية مرحلية وآنية وعاجلة»، معتبراً أن من يقوم بذلك «يعمل لمصلحة أميركا وإسرائيل ويوقد نار الفتنة». ودعا إلى «عدم مزايدة أحد على حقوق الشعوب والدعوة الى الإصلاح، ولا سيما أولئك اللبنانيين الذين حكموا لبنان ولا تزال آثارهم في الوزارات والأماكن التي شغلوها، وقد رأينا إصلاحاتهم!». وسأل وزير حزب الله عن المبرر الذي يدفع مسؤولين لبنانيين إلى العمل لكسر المعادلة التي أوجدتها المقاومة في مواجهة إسرائيل. مذكّراً بأن «الأوطان لا تبنى بالكيد»، ومستذكراً أن «جون بولتون ما زال يحتفظ بخشب الأرز الذي فرّط هؤلاء به».