بحسب الجهات الحقوقية، قارب عدد الضحايا الأطفال في سوريا الـ 8 آلاف ما عدا المخطوفين من قبل جهات مجهولة، أو المعتقلين على أيدي القوات النظامية، وما زال الحبل على الجرار. لكن ضمن سلسلة بثّها لاعترافات يندى لها الجبين، صدمت «الإخبارية السورية» أول من أمس العالم بقصة الطفلة روان قداح ذات الـ16 ربيعاً التي ظهرت على الهواء لتحكي ببراءة وعفوية عمّا كانت تعانيه من إجبار والدها لها على ممارسة «جهاد النكاح» قبل أن تستطرد لتروي إمكانية أن يكون والدها قد اغتصبها وهي فاقدة للوعي. كذلك تظهر تفاصيل دعم والدتها للقصة ومشاركتها في بعض العمليات على المنوال نفسه بغية «خدمة المجاهدين ونيل الجنة».
حكت الطفلة السورية عن بداية القصة عند إيواء والدها مجموعة مسلحين في المنزل، وتقديمها لقمة سائغة لهم لاحقاً وإقناعها بأنّها تقوم بـ«عمل شريف»، وحتى لو ماتت فإنّها ستُحسب «شهيدة». بعدما وصلت الحالة إلى حد لا يطاق، ولدى طلب الأب من ابنته أن تأتي إلى إحدى قرى ريف درعا، استعانت قداح بأحد حواجز الجيش السوري الذي خلّصها مما تعانيه. لكن القصة لم تكن سوى فرصة لهجوم كاسح من مواقع المعارضة على الإعلام الرسمي؛ إذ كتب أحد الناشطين تحت عنوان «إعلام النظام يطلق النار على مراهقة»، مستنداً إلى معلومات تفيد باختطاف الفتاة من منزل الأسرة الذي غادره الأب لانخراطه في صفوف «الثورة» وابتعاده كلياً عن منزله بسبب انشغاله الدائم في تنظيم التظاهرات، ومن ثم انضمامه إلى صفوف «الجيش الحر». وتفيد هذه المعلومات بأنّ روان اختطفت من منزلها في مدينة نوى (محافظة درعا) كرهينة لـ«إجبار والدها على تسليم نفسه» بعد اقتحام القوات النظامية لها، قبل أن تظهر على الشاشات الرسمية لتقدّم روايتها الصادمة. موقع آخر اعتبر أنّ إجبار الإعلام الرسمي طفلة على تقديم هذه الاعترافات الباطلة يُعَدّ «اغتصاباً» بحد ذاته.
بين مواقع معارضة وظّفت الواقعة للهجوم على النظام، والتلفزيون السوري الذي استغلّ قصة روان قداح إلى حدودها القصوى وعرضها بفجاجة بشعة منتهكاً كل الأعراف، تُطرح اليوم علامات استفهام عن الدرك الذي وصل إليه الإعلام الذي بات مستعداً للمتاجرة بأي شيء وبقيمة الإنسان نفسه، تحقيقاً لمآربه السياسية، وتأكيداً لوجهة نظره من الصراع الدائر على الأرض!






الكل مشارك في الجريمة

أطل رئيس «هيئة التنسيق الوطنية في الخارج» هيثم منّاع ليتهم «الإخبارية السوريّة» بتنفيذ إعدام على الهواء مباشرة للمرّة الأولى منذ اندلاع الأحداث، مشيراً إلى أنّه لم يكن أمام المراهقة روان قداح سوى الموت على أيدي أجهزة الأمن، أو الانتحار بهذه الطريقة. ثم لفت منّاع انتباه الحكومة السورية إلى البروتوكولات والاتفاقيات الدولية التي وقّعتها، وتضمن حماية الأطفال، مذكراً إيّاها بمواثيق الشرف الصحافية. وأوضح المعارض السوري أنّه وفقاً للقوانين السوريّة والدولية «لا يمكن اعتبار أي شهادة تؤخذ تحت الإكراه حقيقية يمكن اعتمادها كوثيقة»، لافتاً إلى أنّ «الجريمة وقعت وكل من شارك فيها مجرم»، وطالب بـ«وقف مثل هذه الجرائم التي تحتقر الإنسان والطفولة».