يؤمن عماد بزّي بأن المدونين يتركون بصماتهم في الحياة. ويؤمن أيضاً بأن التغيير في العالم العربي مقبلٌ لا محالة. هذا ما كتبه المدوّن اللبناني قبل فترة على موقع تويتر، وهذا ما سعى إلى تحقيقه من خلال مشاركته في نشر تفاصيل ما يحصل في الثورات العربية على الإنترنت، لكن «تريلا»، وهو اسمه الافتراضي على الشبكة العنكبوتية، واجه أول من أمس تحدياً من نوع جديد: أوقفته السلطات المصرية في مطار القاهرة، ومنعته من دخول أراضيها قبل ترحيله في أول طائرة إلى بيروت. إذاً لم تكتمل رحلة تريلا الثالثة إلى مصر، «كنت مسافراً للاستقرار هناك بهدف العمل» يقول في حديثه مع «الأخبار»، لكن رجال أمن المطار كانوا في استقباله. دمغوا جواز سفره بسرعة بعبارة «دخول ملغى»، وحوّلوه إلى غرفة جانبية. هناك علم بأنه «عامل حاجة كِبيرة» أدّت إلى منعه من دخول «المحروسة»، لكن لم يوضح له الضابط، ولا الجنود الموجودون ما هي تهمته الحقيقية. سألوه عن علاقته بـ«عيال الفايسبوك»، وعن سبب زيارته مصر. إلا أن إجاباته لم تشفع له لمعرفة سبب هذا الاستقبال «الحار» في مطار القاهرة. «كان معي هاتفي المصري، بدأت أبعث الرسائل القصيرة إلى أصدقائي في الخارج، وبدأ الخبر بالانتشار على الإنترنت»، كما اتصلت به جمعيات حقوقية عدّة، ما أدى إلى انطلاق تحرّك إلكتروني مساند له. هكذا انتشرت على فايسبوك عبارة واحدة هي «المدون اللبناني عماد بزي (تريلا) محتجز في مطار القاهرة ومهدد بالترحيل، يرجى نشر الخبر». وبالفعل انتشر الخبر، وتصاعدت الحملة الافتراضية «إلى أن وصلت ورقة تطلب منه مغادرة الأراضي المصرية». وهو ما حصل، اشترى بزّي بطاقة سفر وتوجّه عائداً إلى لبنان.
انتهت قصة «تريلا» مع الأمن المصري هنا، لكن ارتدادات هذه الحادثة لم تنتهِ. يكشف بزّي عن السبب الحقيقي لترحيله من مصر: «لا شكّ في أن نشاطي على الإنترنت أثار شكوكهم، لكن الأهم هو زيارتي للمدوّن مايكل نبيل في سجن المرج العمومي في شهر حزيران/ يونيو الماضي». ولمن لا يعرف نبيل، فإنه أول معتقل رأي في «مصر الجديدة» أو مصر ما بعد الثورة، بعدما كتب مقالة عُدّت مهينة للمجلس العسكري. يقول بزّي إن المدون المصري الشاب «صديقي منذ فترة، فزرته لأطمئن عليه، وأناقش معه سبل تحرّك الناشطين للتضامن معه». ويضيف إنّه في زيارته الثانية إلى مصر، أي قبل ثلاثة أشهر، بدأ الإعداد لشريط وثائقي عن مصر «أُهديه إلى أصدقائي الناشطين في مصر، وضمن هذا الوثائقي أتكلم عن زيارتي لنبيل». إذاً يبدو أن «تريلا» مقتنع بأن الاعتراض الذي أدى إلى ترحيله من مصر، مصدره المجلس العسكري. وهو ما انتشر على الإنترنت لتنطلق حملة ضدّ المجلس «الذي يريد إعادة مصر إلى أسوأ مما كانت عليه في عهد نظام حسني مبارك»، وخصوصاً أن الجمعة المقبل سيكون مخصصاً للتظاهر ضدّ المحاكمات العسكرية.