تقول المعلومات إنّ الهجوم الذي نفّذته مجموعات مسلّحة على مراكز يتحصّن فيها مقاتلون من حزب الله في الجرود اللبنانية السورية الأسبوع الماضي، شارك فيها عناصر من «الدولة الإسلامية» لأول مرة في هذه البقعة الجغرافية. وتشير المعلومات إلى أن هذه الحادثة الأولى من نوعها التي يتواجه فيها مسلّحون من «الدولة» مع مقاتلين من حزب الله.
وكان لافتاً أن حسابات «الدولة الاسلامية» على «تويتر» في دمشق والقلمون سجلت لاول مرة تبني عمليات اطلاق صواريخ ونشر صور قالت انها لمعارك مع حزب الله في القلمون.
هكذا، عادت «دولة الخلافة الإسلامية» إلى جرود القلمون بثقلٍ أكبر. انتزعت بيعة أكثر من مجموعة مسلّحة أساسية تنشط في ريف دمشق الشمالي التي أسلمت زمام قيادتها إلى «أبو حسن الفلسطيني»، الرجل الأربعيني ذي الباع «الجهادي» الطويل، الذي ترك صفوف فتح الانتفاضة في مخيم اليرموك وسُجن غير مرة قبل أن يلتحق بركب «الدولة الإسلامية».
منذ أيام، نشر لواء «فجر الإسلام»، الذي يعدّ عناصره حوالى ٥٠٠ مسلّح، تسجيلاً مصوّراً يظهر فيه عشرات المسلّحين يتقدمهم القيادي القصيراوي «أبو أحمد جمعة» معلناً تبرؤه من «المجالس العسكرية الديمقراطية العلمانية»، ومبايعته ومن معه لـ«خليفة المسلمين إبراهيم بن عواد على السمع والطاعة في العسر واليسر». هذه البيعة، بحسب معلومات «الأخبار»، قدّمها الفصيل المذكور لـ«الدولة الإسلامية» منذ نحو شهر، لكنّه حاز رخصة تسجيل البيعة وعرضهاً أخيراً من الدائرة الإعلامية في «الدولة»، علماً بأن معظم مسلّحي اللواء المذكور هم من أبناء بلدة القصير وريفها. وبعد انسحابهم من القصير، قاتلوا لفترة تحت راية «النصرة».

حسابات «الدولة»
على «تويتر» نشرت لاول مرة صور معارك مع حزب الله في القلمون
لم يكن «فجر الإسلام» الفصيل الوحيد الذي بايع «الدولة». تكشف المعلومات أن «كتيبة بلال الحبشي» التي يقودها السوري رعد حمادي بايعت «الدولة الإسلامية». وتشير المعلومات إلى أن «كتيبة الفاروق» التي يقودها أبو عمر وردان تتجه إلى مبايعة «الدولة الإسلامية»، علماً بأن معظم عناصرها يتحصنون اليوم في وادي ميرة.
وإضافة إلى هذه الفصائل، يبرز «فوج المغاوير الأول» بقيادة عرابة إدريس المعروف بـ«أبو غازي»، وهي مجموعة تعدادها بالمئات، إلّا أنّها لا تزال في محور «النصرة».
وتزامن وصول أتباع «الدولة» إلى منطقة القلمون مع تولي الشيخ «أبو مالك السوري» إمارة «النصرة» في تلك المنطقة. وصلوها بأعداد قليلة في المرحلة الأولى. وكانت المهمات التي كُلّفوا بها أمنية بحتة، تتعلق بمراقبة عناصر «الجيش الحر» المشتبه في عمالتهم لـ«النظام السوري» وتصفيتهم. عُرفوا بـ«شدة البأس والتطرف»، وفي الفترة الأولى قادهم «أبو عبدالله العراقي»، «رفيق درب الشيخ أبو مصعب الزرقاوي». كان لديهم مقرّ واحد في بلدة ريما القلمونية. لم يستمر وجودهم لأكثر من أشهر قليلة. وعلى وقع قرع طبول الحرب بين «النصرة» وحزب الله، انسحب عناصر «الدولة الإسلامية» وعلى رأسهم «أبو عبدالله العراقي» الذي عُيّن والياً على الشام ثم أُرسل إلى الرقة، فيما انسحب معظم عناصره باتجاه ريف حمص الشرقي. قبل بدء معارك القلمون لم تكن هناك بيعة. ويومها لم يكن أمير «الدولة» العام قد أعلن ولادة «الخلافة الإسلامية» أصلاً.
خلَف «أبو ثابت الأنصاري» أمير الدولة العراقي والياً على الشام، فسارع الأخير إلى تكليف «أبو حسن الفلسطيني» بإمارة القلمون، هو الذي يُعرف بين السوريين بـ«أبو حسن اللبناني» أيضاً، لكونه قضى فترة غير قصيرة في لبنان.
برز اسم «أبو حسن» ندّاً لنظيره في «النصرة» أبو مالك السوري، علماً بأن الرجلين قلّما يتفقان. وعلى الفور، انتهج الأمير سياسة «الدولة الإسلامية» لناحية السطوة والإرهاب. بدأ عمليات تصفية طالت لبنانيين وسوريين بتهمة «الكفر أو العمالة». ونفّذ عدة عمليات خطف للحصول على مال الفدية، وكان يصرّ على رفض أي وساطة من أي جهة أتت.
وخلال فترة قصيرة لا تتجاوز أشهراً، استطاع أمير «الدولة» أن يأخذ بيعة ثلاثة فصائل أساسية في القلمون، وأوجد قوة لا يُستهان بها توازي «النصرة»، على الأقل عددياً، إن لم تكن كذلك في المهارات العسكرية.
فهل قررت «دولة خليفة المسلمين» ملاحقة «النصرة» إلى مواطئ الأقدام الأخيرة التي يستميت جند الجولاني في الدفاع عنها للحفاظ على أركان إمارتهم التي لم تُعلن رسمياً بعد؟