المحاولات جارية بكثافة وبرعاية غربيّة وقحة، لاختراق الوعي العربي، واستدراج النُخَب إلى فخّ التطبيع الثقافي و«الوجودي» مع الصهاينة. وفي الطرف الآخر من المشهد، نجد أربعة موسيقيين في «أوركسترا لندن الفيلهارمونية» يقفون موقفاً مشرفاً تجاه قضيتنا، فيما مؤسساتنا الثقافية العربية لسان حالها بتعبير المَثل الشعبي «على بال مين ياللي بتُرقُص في العَتمِة؟».مهرجان الـ «بروم» في لندن، معروف بتقديمه حفلات معظمها من نمط الموسيقى الكلاسيكية الغربية. وقد كان لمُرتادي المهرجان في 1أيلول (سبتمبر) 2011 موعد مع «أوركسترا إسرائيل الفيلهارمونية» بقيادة المايسترو الهندي المولد، الصهيوني الهوى، زُوبين مِيهتا.

ووقّعنا مع العديد من الفنانين المعروفين بمواقفهم الواضحة تجاه قضية فلسطين رسالة جماعية تطالب BBC بإلغاء الدعوة الموجّهة إلى الأوركسترا الإسرائيلية المعروفة بإقامة حفلات منتظمة للترفيه عن جيش العدو، وبوقف إذاعة معزوفاتهم ليلة الحفلة على موجات الإذاعة البريطانية التي ندفع رخصة الاستماع إليها بأموالنا كدافعي ضرائب في بريطانيا.
وكان من بين الموقعين على الرسالة التي نُشرت في جريدة «إينديبندنت» البريطانية في 30 آب (أغسطس)، أربعة موسيقيين من «أوركسترا لندن الفيلهارمونية». واحدة منهم هي الصديقة عازفة الكمان نانسي إيلان خريجة مدرسة الـ «جوليارد» العالمية في نيويورك (راجع الكادر)
كنّا نعرف أنّ وقتاً سيأتي، تقع فيه الفنّانة البريطانيّة بحكم نشاطها الإنساني العادل، ضحيّة التهمة الباطلة التي باتت توجّه زوراً وبهتاناً إلى كل من ينتقد اسرائيل في أوروبا: العداء للساميّة! لكن ما لم نكن نتوقّعه، أن تبادر مؤسسة رصينة وعريقة مثل «أوركسترا لندن الفيلهارمونية» إلى ايقاف نانسي وزملائها الثلاثة عن العزف في الأوركسترا لمدة تسعة أشهر، نتيجة توقيعهم الرسالة المشار إليها أعلاه! وبالطبع، نشرَت جريدة الـ «جُويش كرونيكال» الصهيونية الأسبوعية ما يرادف الزغاريد الصحافية احتفالاً بتوقيف العازفين الأربعة عن عملهم، في واحدة من أهم فرق الأوركسترا في بريطانيا.
نانسي إيلان وزملاؤها الآن بلا عمل، إضافة إلى أوامر الصمت التي فُرِضَت عليهم التي تمنعهم من التحدّث مع أي صحافي بخصوص هذا الموضوع. وفي حالة خرق حالة «الإخراس» هذه، يُخاطر الموسيقيون الأربعة بمستقبلهم في العمل مع «أوركسترا لندن الفيلهارمونية»، أو مع أي أوركسترا أخرى في الغرب. هكذا تحمي الأوركسترا العريقة القاتل والمحتلّ، وتمنع إدانة الجريمة!
لذا أتوجه بنداء إلى الصحافيين ومختلف المؤسسات الثقافية في العالم العربي، لمساندة هؤلاء الموسيقيين الأربعة، وللفت النظر إلى معاناتهم، وإلى قوة النفوذ الصهيوني في الأوساط الموسيقيّة في الغرب، الذي يمنعنا من مجرد «الاعتراض» على سياسات إسرائيل العنصرية. هناك العديد من الجهات المساندة لقضية هؤلاء الموسيقيين الأربعة في بريطانيا، وهي مستعدّة للإدلاء بمختلف التفاصيل بالنيابة عن الموسيقيين الشجعان الذين حكم عليهم بـ «البُكم».
يبقى سؤال على الهامش. هل تقوم سلطنة عُمان، تضامناً مع الموسيقيين الأربعة، بإلغاء حفلة «أوركسترا لندن الفيلهارمونية» المزمع إقامتها يوم 5 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل؟ تلك ستكون وسيلة احتجاج عربيّة راقية اعتراضاً على موقف الأوركسترا المشبوه بحق فنّانين ذنبهم أنّهم يشهدون للحق، ويقفون مع العرب وقضيتهم المقدّسة: فلسطين. مجرد سؤال... مجرد أمل.
* فنانة فلسطينية مقيمة في بريطانيا
روابط ذات الصلة على موقع «الأخبار»



عن نانسي إيلان

تسافر نانسي إيلان دوماً إلى فلسطين لإقامة الحفلات المجانية ولتدريس الأطفال الفلسطينيين أصول العزف الكلاسيكي على آلة الكمان. ولم يقتصر نشاطها على سفرها إلى فلسطين، بل تجدها هنا في لندن تحمل آلتها على كتفها مشارِكة في كل التظاهرات أمام السفارة الإسرائيلية. وهي عضو ناشط في «جمعية صداقة كامدن أبوديس»، المشروع الذي يجمع منطقة كامدِن في لندن وأبو ديس في فلسطين.

http://www.camdenabudis.net/

http://www.lpo.co.uk/