عادت عرسال إلى واجهة الاحداث الأمنية المتفجرة من الباب العريض. نحو 120 كيلوغراماً من المتفجرات كانت مزروعة في سيارة من نوع مرسيدس كانت في طريقها للخروج من عرسال في اتجاه بلدة اللبوة. الصدفة كانت كفيلة بانزلاق السيارة قرب حاجز للجيش عند المدخل الغربي لعرسال، ما دفع سائقها إلى تركها في مكانها ومغادرة المكان. وكان الجيش قد عمّم مواصفات السيارة إثر توافر معلومات عن إمكان تفخيخها لاستخدامها في عمل إرهابي.
طوّق الجيش المكان الذي تُركت فيه السيارة، فاكتشف الجنود وجود المتفجرات. حتى ليل أمس، لم تكن قد ظهرت نتيجة التحقيقات بشأن السيارة. لكن مسؤولين أمنيين رجّحوا أن تكون قد خرجت من عرسال، لا من جرودها المعزولة عملياً بالثلوج.
هذه السيارة أعادت تسليط الأضواء على عرسال التي لا يزال تنظيما «جبهة النصرة» و»داعش» مصرّين على توريطها في أعمال أمنية تستهدف مناطق مدنية، سواء في محيطها أو في مناطق بعيدة عنها. حال التنظيمين كحال شادي المولوي، الإرهابي الذي فرّ إلى مخيم عين الحلوة، بحسب المعلومات الامنية الرسمية، بعدما ورّط طرابلس في معركة ضد الجيش نهاية تشرين الأول الماضي. الشاب كان قد أوقفه الأمن العام في أيار 2012، بشبهة الانتماء إلى تنظيم القاعدة، ثم أفرج عنه القضاء بقرار من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، تحت ضغط إسلاميي طرابلسي بغطاء من تيار المستقبل. حال المولوي كحال رفيقه أسامة منصور الذي أوقفته استخبارات الجيش في البقاع مع آخرين، وضُبطت في حوزتهم كمية من الأسلحة والمتفجرات، إلا أنّه تُرك بموجب كفالة مالية قدرها 300 ألف ليرة، إثر وساطة خفية من شخصيات سياسية رفيعة المستوى.
المشنوق: الإرهابيون لن
يبقوا متحصّنين في مخيم
عين الحلوة


يدير المولوي من عين
الحلوة غرفة عمليات لتنسيق تجنيد انتحاريين

وبعد خروجه من السجن، عاد المولوي ليلعب دوراً بارزاً في تجنيد شبان في طرابلس، خاصة لحساب «جبهة النصرة»، إلى أن قضى الجيش على «حالته» قبل شهرين. اليوم، تجمع المعلومات الامنية على أن المولوي يريد توريط مخيم عين الحلوة، من حيث يدير ما يشبه غرفة العمليات، لتنسيق تجنيد انتحاريين بهدف تنفيذ عمليات أمنية في مناطق معينة، وذلك تنفيذاً لمخطط «جبهة النصرة». وتشير المعلومات الأمنية إلى أن المولوي وشريكه أسامة منصور المختبئين في المخيم يلعبان دوراً رئيسياً في استقطاب هؤلاء الشباب وتوجيههم، كاشفة أن المولوي يلعب دور صلة الوصل بين أمير «جبهة النصرة» في القلمون أبو مالك التلّي والانتحاريين. ومن بين هؤلاء، كان الانتحاريان طه الخيال وبلال مرعيان اللذان نفّذا الهجوم الانتحاري في جبل محسن السبت الماضي، إضافة إلى بسام النابوش وإيلي الوراق الملقب بـ«أبو علي» ومهند عبد القادر الذين أوقفهم الجيش وكشفت التحقيقات أنهم مرتبطون بالمولوي، وكانوا يستعدون لتنفيذ عمليات انتحارية ضد مراكز أمنية في مناطق مختلفة ومناطق سكنية.
في موازاة ذلك، علمت «الأخبار» أن النابوش كان محطّ متابعة من جهاز الأمن العام منذ فترة. وبحسب المعلومات، لدى الأجهزة الأمنية تقرير معدّ عن النابوش منذ شهرين، يتضمن معطيات عن إعداده لتنفيذ عملية انتحارية وحيازته أحزمة ناسفة، علماً بأن الأخير من ضمن المجموعات التي تتواصل مع «جبهة النصرة». أما الموقوف الآخر الوراق، وهو مسيحي اعتنق الإسلام المتشدد منذ فترة، فقد ذكرت المصادر الأمنية أنّه بايع «النصرة» منذ مدة، كاشفة أنّه ليس المسيحي الوحيد الذي اعتنق الإسلام وبايع «النصرة» في طرابلس، علماً بأن مصادر استخبارية غربية تتابع شاباً لبنانياً وصل إلى لبنان منذ نحو شهر قادماً من إحدى الدول الأوروبية، كان مسيحياً قبل أن يعتنق الإسلام السلفي.
وليل أمس، كشف وزير الداخلية نهاد المشنوق، لبرنامج «كلام الناس» على قناة «أل بي سي آي»، عن وجود رابط بين مجموعة عين الحلوة وتفجيرَي جبل محسن الأسبوع الماضي، فضلاً عن وجود صلات بين «غرفة عمليات سجن رومية» (التي جرى تفكيكها الاثنين الماضي بعملية دهم لمبنى الموقوفين ب)، وعين الحلوة ومدينة الرقة السورية التي يحتلها تنظيم «داعش». وأكد المشنوق أن الإرهابيين لن يبقوا متحصّنين في المخيم.
وقد صدر عن مديرية التوجيه في الجيش بيان تحدث عن إحباط «مديرية المخابرات مخططاً لتنفيذ سلسلة عمليات انتحارية أعقبت تفجيري جبل محسن، فأوقفت كلاً من بسام حسام النابوش وإيلي طوني الوراق (الملقب أبو علي) والسوري مهند علي محمد عبد القادر، الذين كانوا يتحضرون للقيام بعمليات إرهابية تستهدف مراكز الجيش وأماكن سكنية، ويتجولون ببطاقات سورية وفلسطينية مزورة، وقد أظهرت التحقيقات انتماء الموقوفين لمجموعة المطلوبين الفارين أسامة منصور وشادي المولوي، ومبايعتهم لتنظيمات إرهابية، ومشاركتهم في القتال في سوريا وفي الاعتداءات على الجيش والاشتباكات بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة.