بغداد ـ الأخبار | العراق على أبواب استعادة مساحات مهمة من محافظة صلاح الدين الواقعة في وسط البلاد والواصلة بين شرقه وغربه، والتي لا يسيّر الحكم في بلاد الرافدين من دون إحكام السيطرة الأمنية عليها ومن دون منحها الدور السياسي المناسب. وتتقاسم المحافظة حدوداً مع محافظات ديالى وبغداد والأنبار ونينوى وكركوك، إضافة إلى ارتباط جغرافي بإقليم كردستان عبر محافظتي السليمانية واربيل.ضمن هذا الإطار، أخذت معركة تحرير تكريت من عناصر تنظيم «داعش» وتثبيت السيطرة على محيطها الواصل إلى مدينة سامراء على ضفاف نهر دجلة، أبعادها الاستراتيجية سياسياً وعسكرياً.

وفي حال نجاح العملية واستكمال عمليات تطهير المناطق المحيطة، تكون بغداد قد استرجعت الرابط الجغرافي مع الشمال، ومدينته الموصل، دون منّة من أي طرف، إقليمياً كان أو دولياً من خلال مقاتلات «التحالف الدولي».
وهكذا، وصل رئيس الحكومة العراقية القائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، إلى مدينة سامراء مساء أمس بحسب ما أعلن مكتبه الإعلامي، للإشراف على عملية تحرير مدينة تكريت. وقالت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» (سلام زيدان)، إن «العبادي وصل إلى سامراء للإشراف على العملية العسكرية التي ستنطلق لتحرير مدينة تكريت من تنظيم داعش»، مبينةً أنّ «العبادي اجتمع مع القيادات العسكرية إضافة إلى قيادات الحشد الشعبي للوقوف على الاستعدادات الأخيرة للعملية العسكرية»، وقام أيضاً بزيارة «مرقد الإمامين العسكريين» وجال في شوارع المدينة والتقى المحافظ، رائد الجبوري الذي أعلن على صفحته على موقع «فايسبوك» انطلاق العملية الأمنية لتحرير صلاح الدين. ونقل الجبوري عن العبادي «إيقاف إجراءات قانون المساءلة والعدالة عن الضباط الذين اشتركوا في عمليات تحرير المحافظة»، موضحاً أنّ هذا «القرار جاء بعد مطالبة تقدم بها» إلى رئيس الوزراء.
البرزاني يأمر بتكثيف
انتشار «البشمركة» في
المناطق المتاخمة

وأضافت المصادر في حديثها إلى «الأخبار» أن «العملية العسكرية سيشارك فيها عدد كبير من مسلحي العشائر يصل إلى ما يقارب ثلاثة آلاف مسلح (من الجبور ومن ديالى)، إضافة إلى عناصر الحشد الشعبي». وأكدت أن «العملية ستنطلق من ثلاثة محاور وهي سامراء والعوجة وسبايكر». وأشارت إلى أن «العمليات الأولية انطلقت من خلال قصف مدينة تكريت بالمدافع والراجمات وقذائف الهاون»، لافتة إلى أن «طيران التحالف الدولي ستكون وظيفته ضرب خطوط الإمداد لمسلحي داعش، وبالتحديد من مدينة الحويجة».
وباشرت القوات المشتركة العراقية، مساء أمس، (أحمد علاء) تنفيذ الخطوات الأولى لعملية تحرير تكريت، بعدد مقاتلين يتجاوز، مجتمعاً، العشرة آلاف، بأدنى تقدير. وجاء ذلك في الوقت الذي سربت فيه مصادر أمنية كردية وعربية من محافظة كركوك، المحاذية، معلومات عن التوجيهات الأخيرة لرئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، بتكثيف انتشار قوات «البشمركة» في المناطق المتاخمة مع حدود محافظتي ديالى وصلاح الدين. وفي حديث إلى «الأخبار»، قال الباحث العراقي، هشام الهاشمي، إن «قوات مكافحة الإرهاب وقوات الحشد الشعبي وأبناء عشيرة الجبور بدأوا عملية تحرير مدينة تكريت من ثلاثة محاور»، موضحاً أن «المحور الأول من جهة العوجة، وهو محور تقوده قوات مكافحة الإرهاب حيث تتقدم بشكل واضح». وتابع بالقول إن «المحور الثاني هو محور قاعدة سبايكر وتقاتل فيه القوات المشتركة حيث لا تزال المعركة متكافئة ومن دون وجود تقدم»، لافتاً في السياق إلى أن «المحور الثالث هو محور شمال قضاء سامراء الذي تقاتل فيه قوات الحشد الشعبي والذي يعتبر المحور الأعنف والأصعب، وهناك خسائر من الطرفين».
وأكد الهاشمي في حديثه أن «قوات جهاز مكافحة الإرهاب أصبحت قريبة من المركز الشمالي لتكريت، والحشد الشعبي والعشائر سيطرا على كل محيط تكريت الجنوبي والجنوب الشّرقي، فيما سيطرت ألوية الشرطة الاتحادية على طريق كركوك ــ تكريت وطريق تكريت ــ بيجي وطريق تكريت ــ سامراء وطريق تكريت ــ الموصل حديثة».
من جهته، ذكر مصدر عشائري في تكريت ــ في اتصال هاتفي أجرته معه «الأخبار» أمس ــ أن «تعداد القوات الأمنية وتحشيدها وتسليحها في حال مناسب جداً»، لافتاً إلى أن «أكثر من ألفي متطوع من أبناء العشائر في صلاح الدين ينتظرون موافقة الأجهزة الأمنية للمشاركة في هذه المعركة». وقال إن «من أهم وأبرز المناطق التي تشهد معارك قوية ضد داعش هي ناحية العلم وقضاء بيجي ومدينة تكريت والدور». وأضاف: «نسمع صوت طائرات في مناطق المواجهات مع داعش، وهذا يدل على أن الطيران يساند القوات الأمنية في عملياتها العسكرية بمحافظة صلاح الدين».
وفي كركوك، كثفت القوات الكردية انتشارها في المناطق المتاخمة مع حدود محافظتي ديالى وصلاح الدين. وقال ضابط في قوات «البشمركة» لـ«الأخبار، أمس، إن «التوجيهات الأخيرة للسيد مسعود البرزاني تنص على تكثيف القوات الكردية على حدود كركوك ومنع النازحين، وبعض سكان كركوك من مغادرة المحافظة». وتابع قائلاً إنّ «القوات الكردية تريد شنّ هجوم كبير لتحرير جنوب كركوك، ولكن هذا يتطلب منها التعاون مع القوات العسكرية التابعة لبغداد وأفراد الحشد الشعبي». وختم حديثه بالقول إن «تحرير كركوك لا يتم إلا بعدما تتمكن قوات بغداد من تحرير محافظة صلاح الدين وتصل حدود محافظة كركوك».
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي أعلن فيه محافظ نينوى، أثيل النجيفي، أن «تركيا اتخذت قراراً بالانضمام إلى العملية العسكرية لاستعادة الموصل». وأضاف، في تصريح نقلته وكالة «رووداو» الكردية من مدينة اربيل، أن «تركيا ستشارك بجميع الطرق العسكرية واللوجستية للمساعدة في استعادة السيطرة على مدينة الموصل». (التفاصيل على موقعنا)