قُتل أمس أحد أبرز الوجوه «الجهاديّة» في الحرب السورية، «القائد العسكري العام لجبهة النصرة» أبو همام الشامي (عُرف سابقاً باسم فاروق السوري)، فيما أكّدت مصادر «الأخبار» إصابة زعيم «الجبهة» ومؤسسها أبو محمّد الجولاني. وكانَ من شأن خبر مقتل الشامي أن يمرّ مماثلاً لمقتل أي «جهادي بارز» لولا التضارب الكبير (والذي بدا مُتعمّداً) حول ملابسات الحادثة ونتائجها. تضاربٌ ثمّة ما يوحي بأنّه قد يكون مقصوداً للتعمية على حدث يتجاوز مقتل الرجل وإصابة زعيمه.
أنباء إصابة الأخير إثر غارة جوّية أفاد بها «الأخبار» مصدران من «النصرة» (واحدٌ منهما قيادي رفيع المستوى) وكلٌّ منهما على حدة. وقال أحدُ المصدرين إنّ «الإصابة طفيفةٌ لأنَ الشيخ الفاتح كانَ على بعد خطوات من الموقع المُستهدف وليس بداخله»، فيما أكّد المصدر الثاني أنّ «إصابة الشيخ متوسطّة الشدّة، ونحمد الله الذي نجّاه». في الوقت نفسه تحفّظت مصادرُ أخرى عن الخوض في أي تفصيل «بانتظار إعلان رسمي يصدر عن قيادة الجبهة». ولاحقاً لذلك، عاود مصدر ثالثٌ مرتبط بـ«النصرة» تأكيد إصابة الجولاني، لكنّه قال لـ«الأخبار» إنّ «الإصابة وقعت قبل يومين خلال معارك الفوج 46 ضدّ حركة حزم». أمّا مقتل الشامي فأكدته مصادر «جهاديّة» عدّة، كما أكّدته وكالة الأنباء السورية الرّسميّة «سانا». وفيما قالت الأخيرة إن الشامي قُتل إثر «غارة شنّها الطيران السوري في بلدة الهبيط في ريف إدلب الجنوبي»، تضاربت المعلومات التي أوردتها أوساط «الجهاديين» والناشطين حول مكان الغارة، والجهة المسؤولة عنها، ومكان وزمان وقوعها، وحصيلتها النهائية. وبدأ الأمر في صورة أنباء تحدثت عن «استهداف غارة جوية لاجتماع قياديين في النصرة أسفر عن مقتل عدد منهم، وإصابة آخرين»، قبل أن تبادر مصادر «جهادية» عدّة إلى «تأكيد مقتل أبو همام الشامي، إضافة إلى أبو عمر الكردي (الذي يُعتبر أحد المؤسّسين السبعة الفعليين للنصرة)، وأبو مصعب الفلسطيني، وأبو البراء الأنصاري» في الواقعة نفسها، لتُنشر بعدها معلومات تؤكد مقتل الأخيرَين سابقاً. وكانَ لافتاً أنّ متداولي المعلومات من «جهاديين» وناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي سارعوا أوّل الأمر إلى تأكيد حصول الاستهداف أمس، وأنّه «تمّ بواسطة طائرة من دون طيّار تابعة لقوات التحالف الدولي»، قبلَ أن يُصار إلى ترويج رواية أخرى إثر نفي متحدث باسم الأخير شنّ أي هجوم في إدلب أمس. وكانت وكالة «رويترز» بعد ساعات من شيوع الخبر قد نقلت عن متحدث باسم «التحالف» نفيه شنّ «التحالف» ضربات جوية في محافظة إدلب «خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية». ونقلت الوكالة عن المتحدث الذي طلب عدم نشر اسمه قوله «خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية لم ننفذ أي ضربات جوية في نطاق 200 ميل من محافظة إدلب». إثر ذلك راجت معلومات عن أنّ مقتل قادة «النصرة» إنّما وقع «إثر غارة شنّها التحالف في سلقين قبل أسبوع»، فيما أعاد ناشطون نشر «تغريدة» سابقة كانت صفحة قناة الجزيرة الإخبارية قد نشرتها بتاريخ 27 شباط الماضي مفادُها «مقتل أبو مصعب الفلسطيني، وأبو البراء الأنصاري بغارات لطيران التحالف على مركز لهم في قرية أبو طلحة بريف إدلب». تالياً لذلك، سرى ما بدا أنه محاولة لاستثمار البلبلة الإعلامية لنفي حدوث أي هجوم أمس، والإيحاء بأن «مقتل أبو همام الشامي وأبو عمر الكردي قد حدث في الغارة السابقة ذاتها وأن الجولاني بخير».
ووسط الأخذ والرد، أعادت أحداث أمس إلى التداول قضيّة مقتل القادة السابقين لـ«حركة أحرار الشام الإسلاميّة»، حيثُ اعتبر كثيرون الحادثتين متشابهتين في الظروف والأهداف، وربّما النتائج. وربط آخرون الحدث بالترويج المتزايد خلال الأيام الماضية لاعتزام «النصرة» فكّ ارتباطها بتنظيم «القاعدة» الأم، ووجود خلافات في الرأي داخل «الجبهة» حول هذا التوجه.