أمس، لم يتجاوز عدد المعتصمين في ساحات هيئة التنسيق النقابية في بيروت والمحافظات العشرات. ليس لرداءة الطقس علاقة بالموضوع طبعاً. المعلمون والموظفون لم يخرجوا إلى الشارع لأنّهم فقدوا تماماً الثقة بالدولة والقيادة النقابية على حد سواء. ببساطة، لم يقتنعوا بالمحاولة الجديدة لهيئة التنسيق في استعادة حراك توقف منذ ثمانية أشهر، بدليل أنهم لم يعثروا في خطابات قادة الهيئة على تصور واحد للمطلب وشكل التحرك، بل أكثر باتوا يشهدون على تخبط غير مسبوق في صفوفهم، ما عدا القاسم المشترك في المواقف الذي يقول إن هؤلاء لم يكونوا ينوون تعطيل المدارس والثانويات والإدارات العامة والعودة إلى الشارع من جديد «آسفين»، انما كانوا يفضلون توفير نهاية هادئة للعام الدراسي.
في ما عدا ذلك بدا الارتجال سيد الموقف، إذ رفع البعض سقف الكلام إلى حد التهديد بعدم إنهاء العام الدراسي كما فعل رئيس نقابة المعلمين نعمه محفوض، داعياً السياسيين إلى رفع الحصانة عن أزلامهم في وزارة التربية والجامعة اللبنانية، وإلى إنقاذ البلد مما سنقدم عليه! الإضراب لم يشل بالمناسبة سوى عدد قليل من المدارس الخاصة تركز معظمها في الشمال وصيدا.
غالبية أساتذة التعليم الرسمي أضربوا ما عدا صفوف الشهادات الرسمية. وقد لوّح عضو الهيئة الإدارية في رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي فؤاد ابراهيم في اعتصام النبطية بمقاطعة الامتحانات الرسمية أعمالاً إدارية ومراقبة وتصحيحاً، وقال إنّه ينقل في هذا الصدد وجهة نظر أساتذة الجنوب الغاضبين مما آلت إليه أحوال سلسلة الرتب والرواتب، إلاّ أنّ هذا التلويح بدا غريباً بالنسبة إلى زميله في الشمال وعضو الرابطة أيضاً أحمد الخير، الذي وصف في اتصال مع «الأخبار» الطرح بالارتجالي «فنحن لا نريد أن نقف ضد أنفسنا ونعطل نتائج طلابنا، ثم إنّ هذه الورقة سقطت نهائياً». أما زميلهما في الرابطة نفسها وأمين سرها نزيه جباوي فاكتفى بالقول إننا «لن نخذل قواعدنا في تنفيذ خطة تحرك شاملة من إضرابات واعتصامات وتظاهرات». جباوي الذي رأى استحالة أن يحرق الأساتذة الدواليب ويقطعوا الطرقات وينصبوا الخيام ويعتصموا على أبواب السياسيين قال للمسؤولين: «أنتم بحساباتنا كلكم معنا، فلا تضعونا في خانة تسمية الأمور بأسمائها ووضعها في نصابها!».

تخبط في مواقف قادة هيئة التنسيق حيال شكل التحرك

في هذا الوقت، خرج ميشال الدويهي ليتكلم باسم فرع جبل لبنان في الرابطة وليقول على صفحته على الفايسبوك «إنّ فرع جبل لبنان في رابطة الثانوي عمل وسيظل يعمل من أجل فك الارتباط بهيئة التنسيق ورفع وتيرة التصعيد من اجل مطالب الثانوي والثانوي فقط». في المقابل، راهن مسؤول الدراسات في رابطة التعليم الأساسي عدنان برجي على تظاهرة 6 أيار التي ستكون أول الغيث. من جهته، لم يطرح عضو رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني الرسمي شربل نهرا أي شكل للمواجهة المقبلة
وفيما لم تلتزم أي من الإدارات العامة ووزارات الدولة إضراب أمس، كان عضو رابطة الموظفين نضال العاكوم يؤكد أنّ «تحركاتنا الحضارية ستبقى عنوانا ومثالا يعتد به وسنعود إلى الساحات التي اشتاقت لرجالها».
لكن لا بديل من التصعيد، تقول الأستاذة في التعليم الثانوي الرسمي سميرة فقيه، التي شاركت في اعتصام العاصمة. دليل فقيه في ذلك أن الشارع لو لم يتكلم في 14 أيار الماضي لما حصلت هذه الهجمة على رابطة أساتذة التعليم الثانوي وهيئة التنسيق، نتيجة الخوف من فرز جمهور غير طائفي وبروز كوادر نقابية تحظى بقدر من الثّقة من الناس. تقول: «مسؤولية هيئة التنسيق معالجة الاحباط الذي يقف وراء المشاركة الهزيلة للقواعد».
وحده التيار النقابي المستقل وزع بياناً طالب فيه هيئة التنسيق النقابية بالانتقال من موقع المراهنة على مواقف المسؤولين إلى موقع الهجوم وتسمية الاشياء باسمائها، كما بتصعيد التحرك»، داعيا إلى تنفيذ الاعتصامات أمام منازل النواب والاضرابات والاعتصامات المفتوحة في كل وزارات الدولة وإدارتها وعدم انهاء العام الدراسي وشل العمل في وزارة التربية والمناطق التربوية والمحافظات ومقاطعة اسس التصحيح والتصحيح في الامتحانات الرسمية وتنفيذ اعتصامات أمام مرافق الهدر والفساد وفي كل المرافئ وعلى طريق المطار. وأشار إلى أننا «نضرب اليوم من أجل إلغاء بنود باريس ـ3 وإعطاء من لم يعط من القطاعات الوظيفية 121 % على سلسلة 1996 اي اعطاء الـ 75% الباقية من 121%، بعد حسم 45% التي دفعت عامي 2008 و2011».