أنهت لجنة الإدارة والعدل النيابية، أمس، عملها على تعديلات قانون الإيجارات الجديد، تمهيداً لإحالتها الى الهيئة العامة في مجلس النواب. 15 جلسة عُقدت على مدار 5 أشهر، لم يجر في خلالها طرح أي صيغة توفّق بين الحق بالسكن وحق مالك المأجور بملكه، وإنما أمعن أكثرية أعضاء اللجنة في تمثيل مصالح المضاربين العقاريين التوّاقين إلى تنفيذ هذا القانون التهجيري.
كان منتظراً من لجنة الإدارة والعدل النيابية أن تحاول حسم الإشكاليات، التي انطوى عليها قانون الإيجارات والتي رافقته منذ صدوره في أيار 2014 ، إلا أن اللجنة خرجت بتعديلات أبقت على الإشكاليات ولم ترض «طرفي النزاع». وفيما يحشد المستأجرون لتظاهرتهم المقررة، غداً، أمام مجلس النواب «رفضاً لهذه التعديلات الجائرة»، يستعد المالكون للطعن بهذه التعديلات إذا ما أقرتها الهيئة العامة.
يقول ممثل نقابة المحامين في بيروت منير حداد، إنه «لا تغيير جذرياً ترسيه هذه التعديلات»، مشيراً الى أن «إبقاء واقع القانون على ما هو عليه غير قابل للتطبيق».
يشير حدّاد الى أن هناك اقتراحاً يقضي بـ»تجميد مفعول القانون الجديد وتمديد قانون الستين لمدة شهرين، يجري خلالها البحث الجدي لصياغة قانون سكن يحفظ «الحقين المقدسين المتمثلين بحق المستأجر في السكن، وحق المالك باسترداد ملكه»، لافتاً الى ضرورة دراسة الملف بطريقة معمّقة وممنهجة، مؤكداً أن التعديلات لن تغير في الوضع القائم.

لا تغيير جذرياً ترسيه التعديلات، وإنما محاولات تجميل لمسخ

عقب انتهاء الجلسة أمس، قال رئيس اللجنة النيابية النائب روبير غانم إن «اللجنة دأبت على أنسنة هذا القانون، من دون المس بمعادلتين أساسيتين: تحرير عقود الإيجارات وعدم تهجير المستأجرين قدر الإمكان من مساكنهم». وأوضح أنه «على عكس ما يشاع، فإن القانون لا يخدم فئة على حساب أخرى، بل هو أفضل ما يمكن للعدل بين الفريقين: المالك والمستأجر، وفي الوقت نفسه، يساعد كل الفئات وليس فئة واحدة».
لم يدافع غانم عن القانون فحسب، بل قرر أنه نافذ أيضاً، فكررّ مرتين «أن القانون يعدّ نافذا حتى لو كان مبتوراً»، كذلك «يُعدّ نافذاً في حال لم تعقد جلسة عامة لإقرار التعديلات».
يقول حداد في هذا الصدد: «صحيح أن على المحاكم أن تفسّر، وعلى القضاة أن يحكموا ويجتهدوا، ولكن عليهم ان يستندوا الى اساس متين، لا الى أساس ملتبس»، في اشارة الى عدم قدرة القضاء على الحكم في ظل القانون، فيما تشير بعض المصادر القضائية الى ان «التوّجه الأكبر لدى القضاة هو عدم البت والحسم في الدعاوى المقدّمة أمامهم». هذه المصادر تشير الى «استمرار الواقع القضائي على حاله ما لم تقر هذه التعديلات»، وهو أمر غير مستبعد في ظل عدم انعقاد المجلس النيابي.
أبرز ما نصت عليه التعديلات هو ترميم المواد التي أبطلها المجلس الدستوري (7 و13 والفقرة ب من المادة 18) المتعلّقة باللجنة المكلفة بت النزاع في الزيادات على بدلات الإيجار (أُبطلت لأنها لا تملك الصفة القضائية). والتعديل يقضي باستبدال اللجنة التي كانت مؤلفة من «قاض عامل او متقاعد رئيساً ومن اربعة اعضاء، يمثل احدهم المالكين، والثاني المستأجرين، والثالث تنتدبه وزارة المالية والرابع تنتدبه وزارة الشؤون»، الى لجنة «ذات طابع قضائي مؤلفة من قاض عامل من الدرجة الثالثة على الأقل او قاضي شرف رئيساً يسميه وزير العدل وعضو يسميه وزير المالية وآخر يسميه وزير الشؤون».
كذلك تم تخفيض بدل المثل من 5% من القيمة البيعية للمأجور الى 4%، وتوسيع مروحة المستفيدين من الصندوق من الذين لا يتجاوز معدل دخلهم العائلي الشهري ثلاثة اضعاف الحد الادنى للاجور الى خمسة أضعاف، على أن ينشأ حساب في وزارة المال لدفع الزيادات عن المستأجرين من ذوي الدخل المحدود بالكامل للذين لا يتجاوز دخلهم ثلاثة اضعاف الحد الأدنى للأجور وبنسبة 80 في المئة للذين يتجاوز دخلهم ثلاثة اضعاف ولا يزيد على خمسة اضعاف.
يقول رئيس لجنة دعم حقوق المستأجرين المهندس انطوان كرم إن «الحسنة الوحيدة التي تسجّل لهذه التعديلات هي تعديل المادة 29 التي كانت تحرم أبناء المستأجر من الاستفادة من الإيجار في حال وفاته قبل عام 1992، ما عدا ذلك فإنه محاولة تجميلية لقانون مسخ، فهل نستطيع ان نجمّل مسخاً؟»
يشير مصدر قانوني مطلع على ملف القانون الى أنه «لا انتصار يسجل للمستأجرين، طالما ان حقهم بالتعويض قد سُلب منهم وحصر بالصندوق».
من جهتها، اعتبرت نقابة المالكين ان اللجنة لم تأخذ بالاعتبار مطالبها، وأنها كرست مزيداً من «الإجحاف الذي لحق بالمالك طوال سنين». وفي حديث مع «الأخبار»، يقول رئيس اللجنة جوزف زغيب إن المالكين سيلجأون الى الطعن بهذه التعديلات في حال إقرارها.