رضخ جيش الاحتلال الإسرائيلي ليل أمس، لضغوط أهالي الجولان المحتلّ بتسليم 3 جثامين (من أصل 4) لشهداء «المقاومة الشعبية السورية» إلى أهالي بلدة حضر المحرّرة، بعد 48 ساعة على استهداف طائرة اسرائيلية لهم، أثناء زرعهم عبوة ناسفة قرب الشريط الشائك في بلدة سحيتا المحتلة ليل الأحد الماضي.وصباحاً، تجمهر عدد كبير من أبناء الجولان في ساحة سلطان باشا الأطرش في مجدل شمس المحتلة، يحملون صور الشهداء، في خطوة تصعيدية ردّاً على منع الجيش الإسرائيلي أهالي حضر من سحب جثامين الشهداء يوسف جبر حسون وسميح عبد الله بدرية والشقيقين نزيه وثائر وليد ‏محمود.

ولم يسمح جيش الاحتلال للصليب الأحمر الدولي بسحب الجثامين، وتركها في العراء منذ ليل الأحد وحتى ليل أمس. وأشارت مصادر من بلدة حضر، إلى أن «بعض الأهالي حاولوا التقدّم من الشريط الشائك صباحاً لسحب جثامين الشهداء إلى الجهة المحرّرة، إلّا أن جيش الاحتلال هدّد بإطلاق النار عليهم».
حالة الغليان التي طغت على أجواء الجولان، والتجمعات التي استمرت طوال يوم أمس في ساحة مجدل شمس وخيمة العزاء في البلدة، مع الشعارات المؤيّدة للجيش السوري والمقاومة، دفعت الاحتلال إلى الرّضوخ لمطلب الأهالي بعدم التعرّض لأهالي حضر أثناء سحبهم لجثامين الشهداء. وعلمت «الأخبار» أن عدداً من مشايخ مجدل شمس، تقدموا ليلاً إلى موقع الغارة وعاينوا الجثامين، قبل أن يقدم عددٌ من مشايخ حضر على سحبها سيراً على الأقدام إلى البلدة، واخذوا جثامين 3 من الشهداء، فيما أرجئ نقل جثة الشهيد الرابع بسبب قربها من حقل ألغام.
وأشارت مصادر من داخل مجدل شمس لـ«الأخبار» إلى أن «الاحتلال الإسرائيلي قلق للغاية من ردود الفعل، وخطوته الأخيرة بترك جثامين الشهداء في العراء سببت موجة غضب عارمة في قرى الجولان». وقالت المصادر إنه أبلغ عدداً من فعاليات البلدة، والشيخ طاهر أبو صالح اعتراضه على خيمة العزاء التي فتحت، لـ«أنها تحريض ضد دولة إسرائيل، وتسبب فتنة». إلّا أن الاعتراض الإسرائيلي قوبل بالتجاهل ورفض إزالة الخيمة.

حزب الله يتجهز لمواجهة علنية وعنيفة في وجه إسرائيل


وبالتزامن مع تحرّكات أهالي الجولان المحتل، احتشد عددٌ كبير من أهالي حضر وقرى جبل الشيخ في موقف عزاء أقيم أمس على أرواحهم. وأشارت مصادر شاركت في التجمّع لـ«الأخبار» إلى أن «الأهالي غاضبون جداً من ممارسات الاحتلال، وخطواته الأخيرة تزيد إصرارهم على المقاومة والردّ، بدل الخوف والتراجع».
وفي مقابل الممارسات الإسرائيلية القاسية بحقّ أهالي الجولان، تعاملت إسرائيل ظهر أمس مع قذيفتين أطلقها مسلحو «القاعدة» في القنيطرة وسقطتا بالقرب من مستوطنة عين زيفان في الجولان من طريق الخطأ، على أنها «نيران صديقة»، وقررت عدم الرد. علماً بأن السياسة الإسرائيلية خلال السنوات الماضية اعتمدت الرد السريع على مواقع الجيش السوري في حال سقوط أي قذيفة، ولو من طريق الخطأ، داخل الأراضي المحتلة خلال المعارك مع مسلحي «القاعدة».
ويأتي ذلك، وسط إعلان حالة من الاستنفار والاستحكامات الدفاعية لتلقي رد، تقدر تل أبيب بحسب الصحافة العبرية، أنه آت وإن «بمعقولية غير مرتفعة، رداً على استهداف سلاح الجو الإسرائيلي شحنة أسلحة في منطقة القلمون السورية».
وأفادت القناة الثانية العبرية، بأن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، توجه أمس إلى منطقة الحدود في الجولان المحتل، و«استمع من الضباط الميدانيين إلى آخر التقارير المتعلقة بمحاولة زرع العبوة يوم الأحد». وبحسب مصادر عسكرية مرافقة لآيزنكوت، فإن «التقدير السائد يفيد بأن عدم الاستقرار سيستمر في هذه المنطقة».
وأثارت القذيفتان حالة من القلق لدى المستوطنين في الجولان واصبع الجليل، بعد أن دوت صفارات الإنذار، وصدرت أوامر من جيش للمستوطنين بضرورة الابتعاد عن الحدود مع الجولان المحرّر.
وكشفت القناة الأولى العبرية، أن «قرار عدم الرد على القذيفتين، جاء بعد التأكد أن مصدر القذيفتين هو المسلحون، لا الجيش السوري». وقال مراسل القناة للشؤون العسكرية، نقلاً عن مصادر أمنية إن «الجيش لم يرد لأنه كان متأكداً أن القذيفتين جاءتا من جهة المسلحين في الجولان، فأجهزة الرادار شخصت أن القذيفتين أطلقتا من مناطق تقع تحت سيطرة المسلحين، ولذلك جاء القرار بعدم الرد».
وكشف المراسل أن «حالة الاستنفار تأتي في إطار الاستعداد لمواجهة أي تطور قد يحدث على الحدود، وليس فقط باتجاه الجولان، بل أيضاً على طول الحدود مع لبنان». لكنه أكد في المقابل أن «حالة الاستنفار لم ترق إلى الاستنفار الذي شهدته الحدود في أعقاب الغارة الإسرائيلية في القنيطرة ضد مجموعة من حزب الله منتصف كانون الثاني الماضي».
وطالبت إسرائيل «الأمم المتحدة بضرورة التحرك لمواجهة حزب الله وعدم تجاهل التهديد الذي يشكله ضد إسرائيل». وحذر سفير الكيان العبري لدى المنظمة الدولية، رون بروشاور، من «التهديد المتنامي لحزب الله»، لافتاً إلى أن الحزب «يتجهز لمواجهة علنية وعنيفة في وجه إسرائيل».