على مدار تاريخ الدراما السورية، لم يسبق للممثلة ليلى عوض أن تركت خلفها لحظة نجاح مؤثرة، أو مشهداً أدته ببراعة ليتذكرها من خلاله الجمهور. لذا كان من السهل على أي مشاهد أن يدرك سبب تأخرها عن قافلة الشهرة التي طمحت إليها. هكذا، وصمت سنين عملها خيبات أمل متلاحقة، لكن الواقع تغير مع هبوب رياح الثورة، فتحولت عوض إلى ناشطة تواكب الحدث على خلفيته الإنسانية، وتدأب على بذل جهود افتراضية للمطالبة بالحرية لمعتقلي الرأي، من مكان إقامتها الجديد في ألمانيا.
لكنها فجأة عادت أدراجها إلى بيروت بحثاً عن فرص عمل جديدة، وسرعان ما خاب أملها بسبب جحود الأصدقاء وزملاء المهنة حسبما كشفت لاحقاً، فحزمت حقائبها وعادت إلى دمشق! فما كان من السلطات الأمنية هناك سوى التصرف بغباء واعتقالها ومحاكمتها تحت بند «قانون الإرهاب»، ومن ثم سجنها سنة وأربعة شهور تصدت خلالها أقلام كثيرة للمطالبة بحريتها بذريعة مهنتها وسلمية نشاطها (الأخبار 17/12/2013- 30/3/2015). لكن بعد خروجها من المعتقل بأسابيع قليلة وفور مزاولتها نشاطها الافتراضي، فجّرت مفاجأة كبيرة عندما توجهت بالشكر لحفنة من زملائها كيارا صبري وكندة علوش وفؤاد حميرة. لكن شكرها الأكبر ذهب إلى «مكرمة السيد الرئيس بشار الأسد بعدما علم بوضعي الصحي لأني أجريت عملاً جراحياً كبيراً في المعتقل» حسبما كتبت. وأضافت: «للأسف لم أجد أحداً يقف إلى جانبي من المعارضة إلا في بيان من الإئتلاف، ولم يقف عملياً إلى جانبي سوى السيد الرئيس مشكوراً وقد فاجأني بموقفه. أقولها لكم بصدق». طبعاً سرعان ما تناسى معارضو الشبكة العنكبوتية وجودها في دمشق حتى الآن، وإمكانية إجبارها على إطلاق هذه التصريحات (سبق أن حصل الأمر مع الممثل جلال الطويل عبر لقائه الشهير على «الفضائية السورية» بعد خروجه من المعتقل)، وانهالت عليها الشتائم، ما دفعها إلى رمي القنبلة الثانية بتعليق جديد اعتبرت بأنّ من كان سبب اعتقالها هو «ممثل ما زال في بدء طريقه اسمه عماد نجار لأني طلبت منه أن يبحث لي عن بيت في بيروت ولم أر وجهه». واستطردت بتوجيه سهام أشد لؤماً بالقول: « طلبت من الكاتب سامر رضوان الشيء ذاته ولم يفعل، بل قال: سألت لك ولست مطلوبة لأي جهة أمنية». وتابعت على الخط ذاته مبرئة دريد لحام من مسألة اعتقالها، سيما أنه سبق لسامر رضوان أن حاول دفع لحام نحو التدخل لدى السلطات السورية لإطلاق سراح الممثلة عندما طالبه بتعليق فايسبوكي بتحمل مسؤولية النداء الذي وجهه للفنانين المعارضين كي يعودوا إلى بلدهم وكانت أولى نتائجه اعتقال عوض.
الكلام السابق دفع صاحب «الولادة من الخاصرة» لمحاولة فهم سبب الاتهام الخطير من قبل عوض دون جدوى سوى إظهارها الرغبة بالانتقام من تقاعسه عن مد يد المساعدة لها عساه يمنعها من العودة إلى دمشق حسب إطلاعنا على المحادثات التي جرت بينهما على الموقع الأزرق، وهو ما جعله يكتب تعليقاً انفعالياً يشتم فيه نفسه مكرراً التهم الطائفية التي توجّه له، سائلاً عوض عن إمكانية أن «يلعب بعقلها مخبر صغير كما تدعي ويعيدها من ألمانيا إلى دمشق». وفي محاولة اتصالنا معه، لم يتمكن كاتب «لعنة الطين» من إجابتنا بل خانته دموعه بسبب طعنه دون وجه حق..
يحتاج السوريون للتوقف كلياً عن تراشق الاتهامات بالعمالة وإصدار صكوك الوطنية وتوزيع شهادات الوفاء. ومع ذلك، ما زال المشهد مأزوماً بمعارك التواصل الاجتماعي تكتسحه مجموعة كبيرة من المحرّضين ربما أشهرهم «محراك الفتنة» فيصل القاسم. كل ذلك يكرس خطاباً مقيتاً يمهد لتقسيم حقيقي باتت سوريا قاب قوسين منه، فضلاً عن مجازر طائفية أكثر بشاعة يبدو أنها في الطريق إلينا.