سارة

لم يخطر ببالي لدى سماعي نبأ مقتل سارة الأمين، الا تلك الصورة التي بقيت عالقة في مخيلتي، من تظاهرة الرجال بالكعوب العالية التي جرت منذ حوالي الشهر هنا في بيروت.
وقتها، بدا الرجال المشاركون في تلك التظاهرة في غاية البهجة، وهم ينتعلون تلك الأحذية النسائية الحمراء التي كان الغرض من انتعالها ان «يضع الرجال انفسهم مكان النساء»، كما ادعى التحرك «المترجم» كما عنوانه «ضع نفسك في حذائها».

كانت بهجة اولئك الرجال، على تضامنهم المشكور، تنتمي الى الحفلات التنكرية اكثر منها الى تحرك يهدف الى الاحساس بمواطناتهم. نساء يشبه وضعهن القانوني الشرعي، وضع العبيد، لا اكثر ولا اقل.
تظاهرة تضامنية «من فوق لفوق» كما يقال عندنا ببلاغة العامية، في مجتمع خطر تلتهم فيه المؤسسة الزوجية والمنظومة الذكورية لدى كافة الطوائف، الامان العائلي لمواطنات ذنبهن الوحيد انهن آمن في لحظة أمل بالحب والشراكة والمستقبل، ولم يبالين، وهن ينظرن سعيدات في عيون الحبيب، بالدخول الى منظومة الرق تلك بأرجلهن الحالمة. ان مقتل سارة الأمين، بعد محاولتها الخروج وانقاذ اولادها من الحبيب المتحول الى وحش مجرم، تحديدا، بعد ابدائها ذلك القدر من المقاومة باللجوء الى حقها، هو المهم. فنجاحها كان يعني له العجز الذكوري امام القانون، امام حق زوجته في ان تفض الشراكة بينهما. تلك اللحظة التي قتلها فيها تقول بفصاحة ما اراد قوله: انت عبدتي الآبقة وليقل القانون ما يريد. انه تعبير عن احساسه بامتلاكها امتلاكا مطلقا. اما قتلها امام اولادها فهو تتمة «للدرس» امام من تحبهم وتخاف من جرحهم. كان المجرم علي الزين يقول ان من يجرؤ على تحطيم تلك العلاقة سيعاقب بالخراب الكبير.
بيئة علي الزين التي صنعته، تشبه تماما، بيئة قاتل منال العاصي ورلى يعقوب وغيرهن كثيرات.. ذكورية الطوائف وتوحشها المستمد من «تفهم» المنظومة القانونية والاجتماعية، واحدة.
كيف يتحول حبيب يهدي الورود، ويقول الشعر تحت ضوء القمر وعند «الفسق»، الى مجرم اشبه بـ «هالك العجيب»؟
ولنسأل السؤال الذي لا بد منه: هل النساء فعلا بريئات الى هذا الحد؟ ماذا يقال في من يربين؟ وفي من يتجاهلن حقوقهن ويغفلن المطالبة بها عند الزواج، مراعاة لذكورية رجلهن؟
ربما كان على النساء ان يفهمن اولا انهن حين يتزوجن، فهن يوقعن عقدا، بمفهوم العقد قانونيا. اي انهن يستطعن الاختيار بين العقود المتوافرة: دينية او مدنية، ليحمين انفسهن وازواجهن واولادهن من مصير بائس. فالعقد شريعة المتعاقدين، والدين الاسلامي مثلا يوفر للمرأة ان تختار ما تريد في عقد زواجها، وهو شيء يحرص موظفو المحاكم الشرعية على تجاهله لا بل على زجر من يطالبن به. وهنا يأتي دور الفتاة والأهل. كيف لا يحمي أب، يعلم تماما ما هي «شروط اللعبة» ابنته من احتمال تحول حبيبها الى وحش قاتل، فلا يطالب ان تكون عصمتها بيدها مثلا، او لا يحثها على زواج مدني؟ هل التواطؤ الذكوري أقوى من الابوة؟
ان بنودا تخفف من سلطة الرجل المطلقة على زوجته لهي منقذ للحبيب من التحول الى مجرد وحش. فالمال السائب يعلم الناس الحرام، والحرام يرتكب كل يوم بحق نسائنا السائبات الحقوق.
ربما كان علينا ان نفكر في روادع اكبر .. مثلا ان يُحرم كل قاتل لزوجته ابوته، فيُنزع الاولاد عن خانته ويوضعوا باسم الام مع الحفاظ على ميراثهم من المجرم. ربما علينا ان نحرم المجرم حقوقا مدنية كأن يتزوج مرة اخرى مثلا. ربما.. اشياء اخرى كثيرة ولكن الاكيد ان لبس الكعب العالي، لا يخيف السلطة الذكورية بقدر ما يضحكها ويسليها، نشاطات مبددة للطاقات يصدق فيها توصيف «الحركات» لا التحركات.
لم اتزوج، والحمد لله. باكرا احسست بهذا الخطر. لم أفهم كيف أكون بالغة بأمر القانون ثم اصبح قاصرا حالما اتزوج. لم اجد ان اي رجل في العالم، اي رجل، يستحق ان اثق به هذا النوع من الثقة.. العمياء فعلا وقولا. لذا، اجد نفسي، منذ فترة، موضع حسد القريبات التعيسات والصديقات المقهورات من زواج يشبه تلك النكتة عن الجحيم. حين سمح الله لأحد المتوفين، ممن ساوت حسناته سيئاته، بان يختار بين الجنة وجهنم. فاراد المتوفى القاء نظرة قبل ان يقرر، وإذا به يرى فتيات وفتيانا يرقصون على باب جهنم فيما افترش المصلون الجنة، اختار الرجل بالطبع جهنم الراقصة، ولكن حالما دخل انهال عليه الشياطين بالضرب والحرق .. وعندما دهش وتساءل اين ذهب الراقصون، أجابه الشياطين «يا غبي .. ما شاهدته كان مجرد اعلان».
هكذا علينا نحن النساء، هنا، في هذا المكان وهذا الزمان، ان نختار: اما ان نوحد جهودنا لتغيير القانون الى قانون رادع فعلا، او ان نفرض الزواج المدني الاختياري وهذا اضعف الايمان.
أو.. لا يبقى امامنا سوى الاختيار بين تصديق «الإعلان» ودخول الجحيم بارجلنا، او البقاء وحيدات في جنة .. خالية من الناس.

التعليقات
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 6/9/2015 11:19:03 AM

احسنت بتوجيه المسألة اولاً و اخيراً الى موضوع العقد .. نعم انه العقد بكل بساطة والذي لحسن حظنا ان الدين الإسلامي لحظه حماية لحقوق المرأة بينما لا يوجد شبيه له في الدين المسيحي لذلك يهرعون الى الزواج المدني... و صحيح 100/100 ان رجال الدين يهملونه عند عقد القرآن .. وصحيح ان الأهل و خصوصاً الذكور منهم يهربون من مسألة تثيبت العقد ضماناً لحقوق الإناث ( ولو عيب ... معقول نشترط عليه..!!!!!!!!!! اذا صار شي بتطلقي ....) . والزواج مثل البطيخة .. ولكن هناك رجال ينكشفون حتى قبل الزواج ولكن عجباً النساء تنسقن الى جهنم بأرجلهن .. وهن يعلمن مسبقاً ما ينتظرهن.. تستطيعين القول انه مرض نفسي يصيب النساء والرجال على حد سواء .. لا ادري تعريفه ؟ هل هي مازوشية مجتمعية متأصلة في المرأة ؟ التي حتى لو عانت الأمرين من خطيبها تنساق كالنعجة المحللة للذبح الى بيتها الزوجي ( بعد الزواج بيتغير ..شو بقولو الناس؟؟؟ او خوفاً من نعتها بالعانس !!!! ) المجتمع برمته يجب ان ينفض عنه غبار هذه العادات السيئة .. الزواج شراكة اما ان تتم بالرضى او الإنفصال بالمعروف .ز ولكن غالباً ما يتم وضع مصلحة الأولاد في المرتبة الأولى لذلك يعض على الجرح وتكمل المسيرة بغصة ويأس وعمر مهدور..

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

حسن حسن - 6/8/2015 6:46:17 AM

سيّدتي العزيزة هالني ما هالك من وحشيّة علي الزين و أمثاله. و لكنّي لم أكن أتوقّع منك هذه الهجمة على آخر رابط و ضابط تبقّى لمجتمعنا ألا و هو العائلة. فإذا الزوج و الحبيب وحش و قاتل لا محالة و إذا الآباء مجرّد ذكور يقودون بناتهن الى جحيم "اللعبة" و الأمّهات يربينهن على مدّ رقابهنّ للقصّاب. كلّ ما في الأمر سيّدتي أنّ في المجتمعات, كلّ المجتمعات, مجرمون و مجرمات يرتكبون جرائم كلّها بشعة طبعاً و لكن منها ما هو أبشع من غيرها لأنّه يٌقترف بحقّ الضعيف جسدياً أو عاطفيّاً و صحيح أنّ النساء و الأطفال في طليعة هؤلاء و لكن ليس حكراً. لا أحد ينكر أنّ على المجتمعات أن تحمي نفسها من شرور وحوشها. لا حلول جاهزة عندي و لكن عندي تجربة ثلاثين سنة في مجتمع غربي أعتقد تعرفينه. و كلّ ما يمكنني تأكيده أنّ الحلّ ليس بتفكيك العائلة و منها الزواج بل العكس. لا أفهم كيف تهزئين بحقٍّ من رجال انتعلوا "سكربينات" مقلّدين قشور ما يحصل في المجتمع الغربي نفسه ثم تطلقين أفكاراً أثبتت عدم جدواها, إن لم نقل خطورتها, في هذا المجتمع حيث تُقتل امرأة كلّ يومين و نصف على يد "صاحبها" و تتعرّض واحدة من كلّ خمس نساء للعنف في حياتها و هذا حسب الإحصاءات الرسمية ؟ بإلغاء الزواج نقضي على كلمة "الزوجي" من العنف الزوجي و لكن العنف يبقى. طبعاً لا أتكلّم عن الزواج القصري الذي أعلم أنّه ما زال موجوداً رغم أنّني و الحمد لله لم أره بعد و قد شارفت على الخمسين.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

حسن حسن - 6/6/2015 8:30:27 AM

سيّدتي العزيزة هالني ما هالك من وحشيّة علي الزين و أمثاله. و لكنّي لم أكن أتوقّع منك هذه الهجمة على آخر رابط و ضابط تبقّى لمجتمعنا ألا و هو العائلة. فإذا الزوج و الحبيب وحش و قاتل لا محالة و إذا الآباء مجرّد ذكور يقودون بناتهن الى جحيم "اللعبة" و الأمّهات يربينهن على مدّ رقابهنّ للقصّاب. كلّ ما في الأمر سيّدتي أنّ في المجتمعات, كلّ المجتمعات, مجرمون و مجرمات يرتكبون جرائم كلّها بشعة طبعاً و لكن منها ما هو أبشع من غيرها لأنّه يٌقترف بحقّ الضعيف جسدياً أو عاطفيّاً و صحيح أنّ النساء و الأطفال في طليعة هؤلاء و لكن ليس حكراً. لا أحد ينكر أنّ على المجتمعات أن تحمي نفسها من شرور وحوشها. لا حلول جاهزة عندي و لكن عندي تجربة ثلاثين سنة في مجتمع غربي أعتقد تعرفينه. و كلّ ما يمكنني تأكيده أنّ الحلّ ليس بتفكيك العائلة و منها الزواج بل العكس. لا أفهم كيف تهزئين بحقٍّ من رجال انتعلوا "سكربينات" مقلّدين قشور ما يحصل في المجتمع الغربي نفسه ثم تطلقين أفكاراً أثبتت عدم جدواها, إن لم نقل خطورتها, في هذا المجتمع حيث تُقتل امرأة كلّ يومين و نصف على يد "صاحبها" و تتعرّض واحدة من كلّ خمس نساء للعنف في حياتها و هذا حسب الإحصاءات الرسمية ؟ بإلغاء الزواج نقضي على كلمة "الزوجي" من العنف الزوجي و لكن العنف يبقى. طبعاً لا أتكلّم عن الزواج القصري الذي أعلم أنّه ما زال موجوداً رغم أنّني و الحمد لله لم أره بعد و قد شارفت على الخمسين تحيّاتي الضادقة

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 6/9/2015 8:26:29 PM

عزيزي القاريء حسن انا انتقد النظام الذكوري في مجتمعنا، النظام الذي يتواطأ فيه اركانه على حقوق الفراد الاضعف، ان كانوا نساء او ايتام او اغراب او فقراء. موضوعنا هو النساء. قل لي: كيف تحس ان نزعت منك اهليتك القانونية وانت بالغ بحجة الزواج الديني؟ يعني ان لا تقرر شيئا ان لا تغادر البلاد ان تقيد حركتك كما لو كنت سجينا؟ اتلم عن القانون والشرع. ان هذا النظام الذي تكون فيه السيدة مالا سائبا من ضوابط القانون والاخلاق، يعلم الذكور الحرام.. من قال اني اجرم كل الرجال؟ من اجرمه هو النظام الذي يصبح فيه الذكر فرعونا على زوجته او اخته او امه .. اي انهم في النهاية ضحية، لكنها ضحية تقتل كما يثبت لنا هذا النظام يوميا. مودتي

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

حسن حسن - 6/10/2015 10:22:40 PM

العزيزة ضحى لست فقيها بالقانون و لا الدين و لكن لم يطلب احد مني اذنا لزوجتي او اختي او امي للدخول او الخروج من لبنان ولا للانتخاب و لا لاي امر اخر. لست بوارد القول ان المراة مستوفاة حقوقها في لبنان و لكن اقول ان حبيبتي و امي و ابنتي (18 عاما) واختي تستحقن افضل من الحلول المتبعة في مجتمع البلد الذي اتكلم عنه و الذي احب. اقولها لانني استشفيت، ربما خطأ، ان الافكار التي اوردتها مستقاة من تشريعات هذا المجتمع. اعتقد ان المساواة الناجزة تكون نتيجة قناعة لا لبس فيها و اعتقد ان لا يمكن لأي قانون ان يزرع هذه القناعة. فقط التربية يمكنها ذلك و من هنا "دفاعي" عن العائلة بكل مكوناتها ابتداء من الزواج-العقد الذي هو اساسها. هذا لا يعني ان على كل رجل او امراة ان يتزوجوا و لكن ان ارادوا الانجاب فبرايي الزواج-العقد واجب لانه ترجمة لارتباط و مجرد التفكير به الخطوة اول امتحان للحب. تحياتي الصادقة

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 5/31/2015 12:26:09 PM

دعيني ابدا بان العنف ضد النساء هو احقر عمل غير رجولي يمكن ان يصدر عن من يحسب على الرجال. اقول هذا واسال من نفس الزاوية التي تفضلت بها. هل يمكن لرجل احب واهدى الورد وعاشر وأنجب وووووو ان فجاة يتحول الى وحش يؤذي نصفه الاحسن وفلذات اكبادة ويفطر قلبه هكذا بكل بساطة؟ مستحيل!! هناك حتما أسبابا آخرى اقلّها اختلال العقل.وهؤلاء الاسباب لا علاقة لهم بكون الرجل رجل والمرأة مرأة. هل يمكننا انكار التعنيف ضد الرجال من النساء والرجال معا؟ وهذه حالة اسوأ بمآت المرات من التعنيف ضد النساء. هل تتوقعي من رجل ان يتقدم بشوكى ضد امرأته التي تعنفه؟ عندها ماذا سيحصل؟ لن يرحمه الرجال من تعنيف مختلف نفسيا واجتماعيا اقله بالقول عنه انه ليس رجل. بهذا يكون حصل بدل الصاع صاعين من التعنيف. وبنفس الوقت لن يصدق وتكون المرأة العنيفة قد نجت من تبعات افعالها الشنيعة. وتخيلي لوكانت المرأة العنيفة ذات شأن من مال وسلطة. عندها ماذا نقول؟ إرحموا الرجال الرجال.. رأفة بالنساء.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 6/2/2015 11:44:02 AM

على حد علمي ما شفنا لهلق مرا قتلت زوجها..يعني مش شايف؟ مش عايش معنا؟..ولا حكي ما عليه جمرك؟ لما بتنقتل اختك ولا امك ولا بنتك تبقى تعا حاسبنا.. بعدين الرجال هنن عندن كل شي..ولا عامل حالك مش شايف؟ الموضوع ما بيحمل مزح وكلام ما الو معنى ..

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
صورة المستخدم

مجهول - 6/2/2015 10:18:57 PM

هل هناك نساء بالسجون؟ لماذا؟ ..... آسف ومستغرب انك لم ترين انني ادافع عن النساء. ولك منتهى الحرية ان تنجرفي مع الموجة التي تريدين. وتأكدي انك بهذه الطريقة لا تدافعين عن المرأة بتاتا. لستُ بوارد المزاح بهذا الموضوع. وسألت الاسئلة الواضحة.

اضف تعليق جديد
انقر للتصويت
صورة المستخدم
1500 حرف متبقي
شاركونا رأيكم