نُشرت أمس كلمة صوتيّة مسجلة للمتحدث الرسمي باسم تنظيم «داعش»، أبو محمّد العدناني (طه صبحي فلاحة). الكلمة التي وُسمت بعنوان «يا قومنا أجيبوا داعي الله» نشرتها «مؤسسة الفرقان»، إحدى الأذرع الاعلامية للتنظيم، وانطوَت على دلالات كثيرة، بدءاً بتوقيت النشر، مروراً بلهجة المتحدث، وانتهاءً بالمضامين. وبدا لافتاً أن الكلمة تأخرت أياماً عن أوّل أيام شهر رمضان الذي كان ميعاداً متوقّعاً لكلمة مماثلة، خاصة أنه يصادف ذكرى «إعلان الخلافة». كذلك، لوحظ أنّ نبرة العدناني في كلمة أمس اتسمت بالهدوء قياساً إلى كلماته السابقة، على الرغم من محاولات اشتمالها على مضامين ناريّة، الأمر الذي يمكن ردُّه إلى فحوى الكلمة التي حملت اعترافاً بخساراتٍ متتاليةٍ مُني بها «داعش»، من دون تسميتها بدقّة.
ورغم أن هذا الاعتراف تمّ تأخيره إلى أواخر الكلمة، لكنّه أرخى بظلاله على معظم دقائقها الثلاثين. العدناني قال في هذا الشأن «يا جنود الدولة الإسلامية في كل مكان، اعلموا أن الله لم يعط عهداً للمجاهدين بالنصر في كل مرة، بل إن من سنّته أن جعل الأيام دولاً والحرب سجال (سجالاً)». وأضاف «قد يخسر المجاهدون معركة أو معارك، وقد تدور عليهم الدوائر فيخسرون مدناً ومناطق، إلا أنهم لا يهزمون أبداً. (...) فإن خسرتم أرضاً فستستعيدونها إن شاء الله وزيادة». ومن أبرز ما ينبغي الإشارة إليه، أن الكلمة لم تُخصص مساحة كبيرة للشأن السوري، واقتصر الأمر على إشارات عابرة، ودعوة مناوئي التنظيم إلى «الاتعاظ بفصائل الشام وصحواتها». في المقابل، كان نصيب الشأن العراقي واسعاً، ومليئاً بالتفاصيل، ما يعكس الأهمية التي يوليها التنظيم للعراق، والمخاوف التي يستشعرها هناك. وهو أمرٌ عزّزه النداء الذي وجهه العدناني إلى «أهل السنّة في الأردن ولبنان، وبلاد الحرمين»، وجاء بمثابة استغاثة وتحذير «إن لم تتداركوا سنّة العراق والشام فأدركوا أنفسكم، لا يكن حالكم كحال من قال أكلت يوم أكل الثور الأبيض». أيضاً، دعا المتحدث «الصحوات في الشام وليبيا إلى الكف عن قتال الدولة الإسلامية والرجوع إلى ربهم»، كما دعا «المجاهدين في خراسان للالتحاق بركب الخلافة ونبذ الخلافات». وأعلن العدناني أن «الخليفة قبل بيعة أسود الدولة في القوقاز»، وعيّن «الشيخ الفاضل أبا محمد القَدَري والياً» هناك. وعلاوة على الشتائم المعهودة التي وزّعها المتحدث على خصوم تنظيمه من «الرافضة» و«الطواغيت» و«حمير العلم»، فقد خصّ «بغل اليهود أوباما الفاشل وحزبه العاجز وحلفه الضعيف» بتهديد بدا ضرورياً لحفظ هيبة «داعش»، وشد عزيمة مقاتليه، فقال: «لم نسمع عبر التاريخ من قبل عن نكسة تكتيكية، ولكننا نعدكم بنكسات ونكسات ومفاجآت إثر مفاجآت».