تتردد صفة «الخائن» في كرة القدم غير مرّة بعد حدث انتقال لاعب ما من فريقه إلى الغريم التقليدي، بينما لا تطلق الجماهير أو إدارات الأندية هذه الصفة على من يسجل هدفاً خطأً في مرماه، حتى لو كان مصيرياً وأدى إلى إقصاء فريقه من بطولة ما، وهذا أمر يعكس مدى قساوة الجمهور عندما ترتبط المسألة بالانتقال إلى الفريق المكروه.
آخر اتهامات التخوين كانت من نصيب تشيك الذي ودَّع تشلسي بعدما لعب معه 11 عاماً، منتقلاً إلى جاره في لندن، أرسنال.
وبين أرسنال وتشلسي حكايات من الثأر والخيانات من قبل اللاعبين، والتحدي المستمر، يتجلى طبعاً في «دربي» عاصمة الضباب.
واللافت أنّه في العصر الحديث انتقل الصراع الدائر بين لاعبي الفريقين على أرض الملعب، وبين المدربين، وطبعاً الجماهير في المدرجات، إلى «حرب افتراضية» على مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها.
وهنا تكثر الحكايات في كل الفصول المذكورة وبساحاتها المختلفة، إذ بعد انتقال الإسباني سيسك فابريغاس إلى تشلسي، حرقت جماهير أرسنال قميصه بعدما كان قائداً ورمزاً في صفوف فريق «المدفعجية».

بات حرق قمصان اللاعبين موضة لتخوينهم بسبب نقلتهم

وقبل أيام تكررت القصة عينها مع تشيك حيث عبّرت جماهير تشلسي عن غضبها بإحراقها قميصه. لكن الأمور لم تقف عند هذا الحدّ، إذ تلقى «الثعبان» الذي أصبح «ميتاً» بالنسبة إليهم تهديدات مباشرة بالقتل عبر حسابه الرسمي على مدوّنة «تويتر».
ولم ينفع الخطاب العاطفي وبعض الدموع من تشيك في تبرير فعلتها، رغم أن ما فعله يبدو مبرراً بعدما كان على علم بخسارته مكانه الأساسي في التشكيلة منذ الصيف الماضي، لكنه أجَّل قرار الرحيل إخلاصاً وحبّاً منه للنادي، وفضل الاستمرار حتى لو كان الحارس الثاني خلف البلجيكي تيبو كورتوا.
صراع الانتقالات بين الفريقين ليس بجديد على الإطلاق، إذ إن «دربي» لندن دائماً يكون عدائياً، و»الميركاتو» بات جزءاً منه.
ففي استفتاء سابق رأت جماهير تشلسي أن أرسنال هو عدوهم الأول، وجماهير «المدفعجية» ترى في تشلسي العدو الثالث بعد مانشستر يونايتد وتوتنهام هوتسبر.
ولا شك في أنه بعد مجيء البرتغالي جوزيه مورينيو احتدم النزاع بين الفريقين ومع المدرب الفرنسي أرسين فينغر، إذ بعد وصول الأول أطلقت بعض جماهير «الغانرز» الهتافات ضد طريقة لعب فريقه: «تشلسي ممل»، فردّ الأخير بأن عدم الفوز بأي لقب منذ 10 سنوات هو الممل.
هذه القصة حديثة، أما أساس المشكلة فبدأ بسحب مورينيو لاعباً من أرسنال، فقصة أشلي كول الشهيرة واجتماعه مع مورينيو في أحد فنادق لندن من أجل اقناعه بالانتقال إلى «البلوز»، لم تمر مرور الكرام عند جمهور أرسنال، رغم أن الاتحاد الإنكليزي فرض غرامة بحق المخالفين وقتذاك.
كول لُقّب بالخائن أيضاً، وسبقه إلى هذا اللقب لاعبون آخرون، هم الفرنسي إيمانويل بيتي الذي لعب مع أرسنال من 1997 إلى 2000، ثم مع تشلسي منذ 2001 إلى 2004. في المقابل، رحل الفرنسي ويليام غالاس إلى أرسنال بعدما لعب في تشلسي عام 2006.
وبحكم الصدفة طغت صفة الخونة على الفرنسيين، إذ خرج لاسانا دايارا من ملعب «ستامفورد بريدج» وانتقل إلى أرسنال عام 2007. أما الإسرائيلي يوسي بن عيون، فخرج من تشلسي عام 2011 على سبيل الإعارة إلى أرسنال.
تشيك هو آخر الخونة الآن، لكن الأكيد أنه لن يكون آخرهم، ولا شك في أنه في استقباله الأول في ملعب تشلسي لن يلقى الترحيب المناسب، إلا إذا ما طلب مورينيو من جمهوره عكس ذلك، على غرار ما فعله فينغر في حالة فابريغاس حين طلب من المشجعين الترحيب به.
الجماهير الحقيقية للـ»بلوز» هي فقط التي ستقدِّر إنجازاته، هذا ما قاله تشيك، لكن سيكون صعباً على هذه الجماهير تقبّل فكرة دفاعه عن مرمى خصمهم اللدود أمامهم. ذاك الخصم الذي لم يعرفوا أي ودّ معه منذ لقائهما الأول عام 1907.




مورينيو دعم تشيك

أبدى مدرب تشلسي، جوزيه مورينيو، دعمه لانتقال بتر تشيك من فريقه إلى أرسنال. وقال مورينيو إنه كان يفضل بقاء تشيك في تشلسي هذا الموسم، لكن الاخير لم يعد أساسياً وأراد الرحيل، مؤكداً أنه وافق على القرار. وشكر مورينيو حارسه السابق لدوره في نجاح الفريق، قائلاً: «قدّم تشيك خدمات عظيمة لتشلسي على مدار 11 عاماً وساعده على الفوز بكل شيء تقريباً». وأضاف: «لطالما قلت انني أريد بقاءه، لكني أفهم احتياجه للانتقال من أجل اللعب أساسياً».