مؤسف أن يكون تمام سلام هو من دفع شركاءه في الوطن، إلى استخدام لغة الأقدام، آخر سبيل تركه لهم كي يعترضوا على محولة سحقهم. ومؤسف أكثر أن يكون هناك من أوحى إلى من حوله، باستقدام الجيش واستخدامه، بدلاً من سرية مقر رئاسة مجلس الوزراء، ليقمع مواطنيه. وذلك لغاية مكشوفة حتى الافتضاح. ومؤسف أكثر وأكثر، أن يخرج وسط تلك المأساة، بعضٌ ممن أصواتهم من رشح جيوبهم لا من بدع رؤوسهم، وممن تنضح كلماتهم بالنفط والوبر والرمل، ليمارسوا حرفة وصوليتهم بالكذب والتزلف والزور، على حساب دماء شباب الخميس وعرقهم وجهدهم ونضالهم وكراماتهم...
أما وقد مضت لحظة الشارع، وأما وقد خرجت أصوات حوارية تبحث في الأسباب والخلفيات، فلكل ذلك، آن أوان توجيه الأسئلة الصريحة والحقيقية والصادقة، إلى تمام سلام.
أولاً، تعلم لا شك يا سيد، لا بل تدرك تمام الإدراك، أنك أنت شخصياً، ومنذ لحظة 20 تشرين الثاني 2014، بت في موقع المرتكب مخالفة دستورية مشهودة. لأنه لحظة انقضاء جريمة التمديد الأول لمجلس النواب، الذي أنت عضو فيه، وعضو مرتكب جرم التمديد المذكور، ومنذ لحظة سريان مفاعيل جريمة التمديد الثاني، صرت أنت وحكومتك مخالفين للمادة 41 من الدستور. وذلك نتيجة عدم توجيهكما الدعوة إلى إجراء انتخابات فرعية لملء المقعد النيابي الشاغر في دائرة جزين. لماذا لم تفعل يا سيد؟ ولماذا تستمر أنت وحكومتك منذ أكثر من ثمانية أشهر في ارتكاب هذا الخرق الدستوري الموصوف والمتمادي؟ طبعاً ليست الحجة أمنية. فأنت تدرك ولا شك أن فرعية جزين ممكنة ومضمونة أمنياً أكثر من أي حدث يومي عادي يجري في البلاد. ولا علاقة للأمر بالرئيس نبيه بري إطلاقاً. فأنت وحكومتك، أيضاً، تدركان بأن الرجل أكبر وأرفع. وأن من يغرف من شرعية موسى الصدر الكيانية والميثاقية، لا ينتظر وفاة نائب عزيز، ليقتنص مقعداً هناك. أنت يا سيد، مُنعت من إجراء الانتخابات الفرعية في جزين، لسبب بسيط. حتى لا تأتي نتائجها تكريساً لزعامة ميشال عون المسيحية، في لحظة يجهد فيها من منعك، ويدفع ملايينه الموثقة، للقضاء على ميشال عون ولإنهاء دور المسيحيين... وأنت اكتفيت بالتنفيذ.
السؤال الثاني، لماذا أحجمت يا سيد، ومعك حكومتك، عن تعيين موظف عسكري وفق القانون، هو مدير عام جديد لقوى الأمن الداخلي، بعد شغور المركز واستمرار شغوره منذ 5 حزيران الماضي؟ ترى هل أنت أكثر حرصاً على حقوق الطائفة السنية من نجيب ميقاتي، الذي جاء بالملف إلى مجلس الوزراء في 21 آذار 2013 ؟ طبعاً لا. مع فارق أن ميقاتي احترم القوانين والأصول، على عكسك أنت. أم أنك تعتبر ابراهيم بصبوص أكثر شرعية سنية وأكثر أهلية مسلكية في هذا الموقع من أشرف ريفي، الذي عرف كيف يحفظ شرف المركز وكرامة رئيسه ومرؤوسيه، فذهب إلى بيته، بلا تمديد ولا تعقيد؟ قطعاً لا. لكنك يا سيد مُنعت هنا أيضاً من مقاربة المسألة بحسب القوانين. كان محظوراً عليك أن تعين بديلاً، أو حتى أن تترك المركز ليملأ بالأعلى رتبة، كما يقتضي القانون. تماماً كما حصل مع ميقاتي وريفي يومها. هل تعرف لماذا؟ لا علاقة للأمر بك ولا ببصبوص ولا بالمركز ولا بالمؤسسة. بكل بساطة، لأن أي إجراء من هذا النوع، أكان تعييناً أو تكليفاً، كان سيؤدي حتماً إلى اعتماده هو نفسه في قيادة الجيش بعد شهرين. ما يعني تطبيق القانون هناك أيضاً، وإحالة قائد الجيش إلى التقاعد. وهذا أمر ممنوع عليك يا سيد، ومحظور على كل حكومتك. لا حباً منكم بجان قهوجي. وتطاولكم عليه وتآمر بعض من تعرفه على جيشه حتى قتل أبطاله، يملآن مطولات. بل لأن من يأمركم بذلك، يريد أن يبقي قائد الجيش مرشحاً نظرياً وهمياً في وجه الزعيم المسيحي الأول، حتى يقضي على الاثنين ويتنصل من موجبات الشراكة المسيحية.
سؤال ثالث يا سيد، زارك طبعاً قبل أيام، نائب وزير الخارجية الأميركية لشؤون الطاقة، آموس هوكستين. وتحدث معك عن موضوع غاز لبنان. ترى، ماذا قلت له؟ بم أجبته عن تساؤلاته؟ ما هو السبب الذي منعك شخصياً من إقرار آخر توقيعين لازمين لإطلاق عملية التنقيب عن الغاز في لبنان؟ ما الذي جعلك منذ 2 نيسان 2014، أي منذ 15 شهراً، منذ تشكيلك لجنة وزارية مزعومة لدرس المرسومين العالقين، تمتنع عن دعوتها إلى اجتماع واحد، وتنتظر إلى ما لا نهاية بت قضية حيوية لكل مواطن لبناني؟ لماذا لا تصارح اللبنانيين: من يرفض أن يصير بلدهم دولة منتجة للغاز يا سيد؟ من يمنعنا من أن نسدد ديننا، وأن تزدهر صناعتنا وأن ينمو اقتصادنا وأن ترتاح ماليتنا وأن يجد شبابنا فرص عمل وأن نوقف نزف فلذاتنا؟ من يأمرك ويأمر حكومتك بحظر غازنا ومنع نفطنا، كي نظل نتسول مكرمات بلا كرامات؟
انتهت مساحة الكلام، ولم تنته الأسئلة. فهناك الكثير الكثير بعد. من قانون الانتخاب إلى الزواج المدني إلى اللامركزية إلى سواها مما يؤكد أن ثمة خطراً داعشياً يتهدد لبنان، ويتهدد كل مواطنيه. تزعجك تلك الكلمة؟ لا تتكل على من يتزلف إليك ويكذب ويخاتل. إتكل على صراحة شباب الخميس الماضي. فهم صدقوك القول، وسيكررون الصدق حتماً. في الزمن السوري البائس، والذي تعرفه جيداً، أرسيت قاعدة أن للمظلوم أن يقول ما يريد، فيما للظالم أن يفعل ما يريد. بعد عشرة أعوام، أنظر ماذا حصل لغازي ورستم وكل دولتهما... مع كل الاحترام الواجب يا دولة الرئيس.