منذ بداية العام الجاري، أثقلت الروزنامة اللبنانية بمواعيد تعني اللاجئين الفلسطينيين. مع الأسبوع الأول، أطلقت «مجموعة العمل اللبنانية لمتابعة موضوع اللاجئين الفلسطينيين» اجتماعاتها الأسبوعية في السراي الحكومي. المجموعة من بنات أفكار الوزير السابق حسن منيمنة، رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني التابعة لمجلس الوزراء. يوضح منيمنة لـ»الأخبار» أن عوامل عدة دفعته إلى اقتراح المجموعة، أبرزها اقتناعه بأنه «آن الأوان للبنانيين لأن يبدلوا نظرتهم إلى الفلسطينيين».
يأسف منيمنة لأن «لبنان لم يلاق النيات الإيجابية الرسمية الفلسطينية بشكل واضح»، مذكّراً بتأكيدات الرئيس محمود عباس أن فلسطينيي لبنان تحت سلطة الدولة والقانون. اقترح منيمنة فكرة المجموعة لـ»بناء علاقة سليمة بين الطرفين». ولكي لا تبقى أعمالها حبراً على ورق، جال على المرجعيات السياسية، عارضاً الفكرة وداعياً إلى أن تتمثل الكتل النيابية فيها.
تحت شعار «تصحيح العلاقات اللبنانية والفلسطينية ومقاربة الملف الفلسطيني من كل النواحي وتحقيق العدالة الإنسانية لللاجئين»، يجتمع منذ مطلع العام، برئاسة منيمنة، كل من ممثل القوات اللبنانية طوني كرم وممثل حزب الكتائب سليم الصايغ وممثل التيار الوطني الحر سيمون أبي رميا وممثل حزب الله علي فياض وممثل تيار المستقبل عمار حوري وممثل حركة أمل محمد جباوي وممثل الحزب التقدمي الاشتراكي بهاء أبو كروم والخبراء أنطوان حداد وأديب نعمة وزياد الصايغ. في نهاية حزيران الفائت، أنجزت المجموعة مناقشة الجوانب الغاقتصادية والاجتماعية لواقع الفلسطينيين. نقاش خلص إلى رفع ثلاث مذكرات إلى رئاسة الحكومة بخمس توصيات، تضمنت مضاعفات خفض تقديمات وكالة الأونروا وتجميد التوظيف ووقف تطبيق برنامج الطوارئ المواكب لمشروع إعادة إعمار مخيم نهر البارد وبعض الإجراءات المقترحة لتخفيف القيود المستجدة على عمل اللاجئين. وأوصت المجموعة بتنظيم إصدار إجازات العمل وفقاً لتعديل قانون العمل وحصر مساهمة رب العمل في اشتراكات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بـ8.5 في المئة بدلاً من 23.5 في المئة من الراتب، علماً بأن الفلسطيني يستفيد فقط من تعويض نهاية الخدمة في وقت يوجد فيه عدد قليل منهم مسجل في الضمان. وطالبت المجموعة وزارة الخارجية بعقد الاتفاقيات الناظمة للعلاقة مع الأونروا على غرار الأردن وسوريا.

منيمنة: لا نبحث في إصدار قوانين جديدة، بل في تطبيق التشريعات التي أقرّت


«لا نبحث في إصدار قوانين جديدة» يوضح منيمنة، بل «في تطبيق التشريعات التي أقرّت ولم تصدر الحكومة بشأنها مراسيم تنظيمية حتى يعطى للفلسطينيين جزء صغير. لا حق التملك مطلقاً ولا الضمان أو العمل مطلقاً»، لافتاً الى أن حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية أسهم في إنتاج ظواهر التطرف والإرهاب التي تهدد الاستقرار اللبناني. والحل بـ»معاملة إنسانية عادلة». ولتحقيق ذلك، برزت الحاجة إلى تعدادهم بشكل دقيق، إذ «كنا نصطدم بمشكلة الأرقام غير الموجودة حتى عند الأونروا». من هنا، أقرّت المجموعة في شباط الفائت إجراء إحصاء ميداني، وتعكف منذ مطلع الشهر الماضي على مناقشة الجانب السياسي لقضية اللاجئين، «على أن تصدر وثيقة سياسية في ختام النقاشات». أول المحاور كان التوطين. «آن الأوان لأن يكون الموقف من التوطين واضحاً، حتى لا يبقى فزاعة نحرم بحجته الفلسطيني من حقوقه». ويجزم منيمنة بأن «كل القوى السياسية ترفض التوطين، لكن الخوف لدى بعضها من أن يُفرض في حال فرضت التسوية على لبنان». لكنه يستدرك: «حتى عملية الفرض لا تحدث إن لم يكن هناك قبول داخلي».
أحد أعضاء المجموعة تحدث عن «إجماع وطني على محاربة التوطين، ليس فقط من القوى المسيحية المتشددة ضده وضد الإخلال بالديموغرافيا»، لافتاً إلى أن «الحرمان من الحقوق ينتج بيئات الفقر والحرمان التي تنتج بدورها بيئة مؤاتية لولادة الجماعات التكفيرية، ما يجعل من تأمين الحقوق واحداً من استراتيجيات مواجهة الجماعات التكفيرية».
يرجّح منيمنة أن «قرار الدول المانحة بعدم زيادة مخصصات الأونروا (ما أدى إلى عصر تقديماتها ومنها تعليق العام الدراسي المقبل)، دافعه الضغط على الوكالة لضبط نفقاتها المتزايدة عاماً بعد عام». وعمّا يتردّد عن ضغط غربي لفرض نسخة معدلة من التوطين في لبنان تقوم على تحويل الفلسطينيين من لاجئين إلى جالية تحصل على حقوق المواطنة باستثناء الجنسية وحق الانتخاب، يجيب: «بالنسبة إلى منح الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، هيدا مش توطين».
وكانت «مجموعة الأزمات الدولية» أصدرت، بعد عام ونصف على معركة نهر البارد، تقريراً بعنوان: «المخيمات في لبنان: أرض خصبة لزعزعة الاستقرار»، أوصى البرلمان والحكومة اللبنانيين بـ»اعتماد قانون يحدد بشكل واضح مفهوم التوطين، يقتصر على اكتساب الجنسية اللبنانية و/أو حق الانتخاب ويمنح جميع الحقوق باستثناء التوطين، بما فيها حقّا العمل والتملك». كذلك أوصى الحكومة بإعادة تفعيل لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني و»تكليفها بإعداد تقارير حول تحسين أوضاع اللاجئين المعيشية وتنظيم الأسلحة داخل المخيمات والتعامل مع الأسلحة خارجها». كذلك أوصى الفصائل الفلسطينية بتأسيس قيادة سياسية موحدة وإصلاح منظمة الكفاح المسلح وتفعيل اللجان الشعبية. وللمانحين الدوليين والعرب توصية أيضاً بزيادة مساهماتهم في الأونروا.
مطلع العام الجاري، سجّل اجتماع في السفارة الأميركية في بيروت بين ضباط أميركيين وضباط من المخابرات الفلسطينية حضروا من رام الله. إضافة إلى التنسيق الأمني، تم التوافق على العمل لإجراء إحصاء تفصيلي للاجئين في المخيمات والتجمعات الفلسطينية. وللتذكير، فإن وفوداً أميركية وبريطانية نشطت في بيروت مطلع عام 2012، للترويج لاقتراح بريطاني بـ»تحضير الأجواء للوضع النهائي للاجئين الفلسطينيين». بين هذا وذاك، تتحدث مصادر مواكبة عن «اقتراح غربي بإلغاء الأونروا وتحويل ميزانيتها إلى الدول المضيفة».