إضافة إلى المنظومة التكنولوجية المتطوّرة التي يملكها «داعش»، عمد التنظيم الإرهابي إلى تثبيت وجوده إعلامياً على مختلف الاصعدة. مجلة «دابق» التابعة له مثلاً حققت شهرة واسعة خلال فترة قصيرة نسبياً، وتحوّلت إلى حديث المواقع الأجنبية، وهي تعرّف عن نفسها بأنّها «دورية شهرية تركز على مسائل التوحيد، والمنهج، والهجرة، والجهاد، والجماعة». تعتبر هذه المجلة المنبر الرسمي لـ«داعش»، وقد صدر العدد الأوّل منها في تموز (يوليو) 2014، باللغتين العربية والإنكليزية.
علماً بأنّ الإسم مستوحى من إسم قرية دابق السورية التي وقعت فيها معركة «مرج دابق» التاريخية الشهيرة بين العثمانيين والمماليك. اللافت أنّ هذا المنبر بدأ يتحوّل إلى ما يشبه غرفة عمليات إعلامية بالنسبة للتنظيم الإرهابي، إذ أنّ القائمون عليه قرروا إظهار الشخصيات الهامة التي سيتضح لاحقاً ضلوعها في كبرى العمليات الإرهابية حول العالم. هذا ما كشفته أخيراً قناة «سكاي نيوز عربية» عبر مذيعها يوسف الشريف الذي استعرض مقابلة سابقة على صفحات «دابق» تعود إلى شباط «فبراير» الماضي مع «أبو عمر البلجيكي» المتهم بأنّه العقل المدبر لهجمات باريس الإرهابية. وفي المقابلة، يكشف «أبو عمر»، واسمه الحقيقي عبد الحميد أبو عود وهو مغربي من أصل بلجيكي، أنّه تمكن سابقاً من التخطيط «لإدخال أسلحة إلى بلجيكا والقيام بعمليات ضد الكفار»، قبل أن يهرب ويصل إلى سوريا قِبلة التكفيريين هذه الأيام.
يستطرد «أبو عمر»، ليتحدّث عن مغامراته في مواجهة أجهزة الأمن والإستخبارات الأوروبية، ويحكي كيف اقتحم المنزل الذي كان يتحصّن فيه 150 عنصراً من الإستخبارات البلجيكية والفرنسية، وبعد «معركة وتبادل إطلاق النار بأسلحة متنوّعة، قُتل منا شخصان». لكن القدر سانده عندها ولم يكن موجوداً في ذلك المنزل، فنجا من الإعتقال أو الموت. بعد ذلك، يعترف «أبو عمر» بصراحة قائلاً: «الإستخبارات الفرنسية تعرفني جيّداً، وقد سبق لي وسجنت. كانوا يعلمون بأنّني وإخواني نخطط لتنفيذ عمليات»، لتصل مباهاته بنفسه واستهزاؤه بالهشاشة الأمنية في أوروبا إلى ذروتها: «كانت صوري تنتشر في كل وسائل الإعلام، وكانوا يبحثون عني في كل مكان، ورغم ذلك عملت في بلدهم وغادرته بسلام عندما أردت ذلك. وتمكّنت من الوصول إلى سوريا رغم ملاحقتي من أجهزة إستخبارات عدّة»!