بعد 21 عاماً من العمل لديها، قرّرت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية الاستغناء عن خدمات مقدّمها الشهير بيل أورايلي (1949 ــ الصورة)، على خلفية فضيحة تحرّشاته الجنسية بعدد من العاملات في المؤسسة نفسها. أعلنت 21st Century Fox، الشركة الأم لـ «فوكس نيوز»، عن النبأ في بيان أصدرته أمس الأربعاء، ولا تزال تردّداته مستمرة حتى الساعة. وقالت الشبكة إنّ أوريلي «لن يعود لتقديم برنامج The O’Reilly Factor... بعد مراجعة دقيقة للادعاءات، اتفقت الشركة وبيل على عدم عودة الأخير إلى القناة».
علماً بأنّ أورايلي سبق أن اعتبر أنّ الاتهامات الموجّهة إليه «لا أساس لها من الصحة»، وهو حالياً في إجازة في إيطاليا تنتهي يوم الإثنين المقبل.
يعقب قرار الإقالة تحقيق نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» في الأوّل من نيسان (أبريل) الحالي، كشفت فيه أنّ مقدّم أحد أكثر البرامج شعبية على التلفزيون الأميركي، توصّل إلى «تسويات مالية تقدّر بـ 13 مليون دولار أميركي مع سيّدات، في مقابل تكتمهن على وقائع تحرّشه الجنسي بهنّ خلال السنوات الماضية». مضمون مقال الصحيفة ومعلومات أخرى متعلقة بالموضوع، ولدّا احتجاجات ودفعا 50 معلناً إلى مقاطعة «فوكس نيوز»، من بينهم صانعو السيارات «هيونداي» وBMW و«ميتسوبيشي»، وشركة التأمين Allstate، وصانعو الأدوية Sanofi و GlaxoSmithKline.
ويفترض أن ينعقد مجلس إدارة 21st Century Fox اليوم للبحث عميقاً في ما يحدث، في الوقت الذي أبدى فيه رئيسه الملياردير روبرت موردوخ دعمه لبيل أورايلي، بينما أيّد ولداه «جيمس» و«لاشلان» الإقالة. حتى أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب دخل على الخط، معبراً عن دعمه لإعلامي الذائه الصيت الذي يعتبر صديقاً مقرّباً منه، ووصفه بأنّه «شخص جيد»، مستبعداً أن يكون قد قام بـ «أي عمل خاطئ»، وفق ما ذكرت صحيفة الـ «غارديان» البريطانية.
في المقابل، قال محامي أورايلي، مارك إي كاسوفيتس، من شركة «كازوفيتس بنسون توريس» للمحاماة التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، إنّ موكّله «يتعرّض لحملة ترهيب تقودها مجموعات ليبرالية. الحملة شرسة وتستهدف اغتياله معنوياً، ولا سابق لها في أميركا ما بعد المكارثية». وتابع وكيل الدفاع في بيان أصدره أوّل من أمس: «شركتنا كشفت عن أدلة تؤكد أنّ الحملة بقيادة منظمات عازمة على تدمير أورايلي لأسباب سياسية ومالية. سنتقدّم بهذه المعلومات قريباً، ولا يمكن دحضها».
خروج بيل أورايلي من «فوكس نيوز» هو فضيحة التحرّش الثانية في الشبكة في أقل من سنة. في تموز (يوليو) الماضي، أُجبر رئيس مجلس الإدارة يومها، رودجر آيلز، بعد اتهامات بالتحرّش الجنسي بعدد من النساء، أدّت أيضاً إلى استقالة الإعلامية ميغان كيلي التي اتهمت آيلز بممارسة «تصرّفات غير لائقة».
تجدر الإشارة إلى أنّ استبعاد أورايلي يعتبر ضربة كبيرة للمحطة، خصوصاً أنّ معدّل المشاهدة لبرنامجه سجّل أربعة ملايين في الليلة الواحدة في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2017، وهو رقم قياسي بالنسبة لـ «فوكس نيوز»، فضلاً عن تربّعه على عرش برنامج الـ «برايم تايم» الأميركية. كما أنّ هجومه على الليبراليين و«اللياقة السياسية» شكّلا ركيزة للشبكة وجذبا عدداً هائلاً من المعلنين، قبل أن تشكّل اتهامات التحرّش الأخيرة ضغطاً كبيراً على المؤسسة التي كان لا بد أن تتحرّك إزاء ما يجري. كما أنّه يتقاضى 18 مليون دولار سنوياً.
في سياق متصل، أطلق أنجيلو كاروسون، مدير جمعية Media Matters for America لمراقبة الإعلام، حملة StopOReilly (أوقفوا أورايلي) على تويتر، مشدداً على أنّه «كان أمام «فوكس نيوز» سنوات للتصرّف بشأن التحرّش، لكنّها لم تفعل، ما دفع الأفراد والمجموعات إلى إعلام المعلنين بما يحدث». وأضاف: «... السؤال المفتوح هو: ماذا ستفعل «فوكس نيوز» بشأن وباء التحرّش الجنسي في أروقتها والذي يتعدّى أورايلي بأشواط؟».
التحرّش الجنسي ليس أسوأ الاتهامات التي قد توجّه إلى أورايلي، فهو معروف بعنصريته وتمييزه الشديدين تجاه العرب والمسلمين والسود واللاجئين والنساء وذوي الدخل المحدود، إضافة إلى المثليين والمثليات والمتحولين والمتحولات ومزدوجي الجنس والكوير (LGBTQ). وذات مرّة أكّد أنّ «الأميركيين والإسرائيليين يواجهون الخطر نفسه جرّاء الإسلام الراديكالي».