منذ 9 سنوات، صنع «باب الحارة» حالة شعبية عارمة في رمضان. بات الجمهور شغوفاً وملتصقاً بهذه الدراما السورية، قبل أن تلتهمها نيران التشويه و«التخبيص». باتت شخصياته والمصطلحات المستخدمة داخل هذه السلسلة، هي الأكثر تداولاً شعبياً، ولو اتسم أغلبها بالفكر الرجعي. في ذاك الوقت، إستغلت المقاهي حالة الإندهاش والتعلق بـ «باب الحارة»، وأخذت تعرضه مساء، لجذب الزبائن، حتى إن بعض أصحاب «البسطات» على الطرق كانوا يشعلون التلفزيون على جانب الطريق لمتابعة العمل، ويضحون محط أنظار المارة.
بعد هذه السنوات، أتى مسلسل «الهيبة» (تأليف وسيناريو:هوزان عكو-إخراج:سامر البرقاوي) اليوم ليعيد تشكيل هذه الحالة الشعبية، منذ حلقاته الأولى. يلقي العمل الضوء على عادات وتقاليد العشائر البقاعية وتحديداً التي تعيش بين سوريا ولبنان، وبالنفس المافياوي من تهريب للأسلحة والقتل، وسيادة منطق الثأر، والتحكم بمصائر من هم خارج هذه العشيرة. هذه القصة التي تتوسطها حدوتة صغيرة عاطفية تدور بين تيم حسن (جبل ــ الصورة) ونادين نجيم (عليا)، أسهمت بلا شك في تحولها الى حمى شعبية. جاذبية الممثل السوري، وبراعته في أداء شخصية «جبل»، وأيضاً الشخصيات التي تدور في فلكه من شقيقه «صخر» وإبن عمه «شاهين»، ومرافقه «الدب»،وغيرهم... كل هؤلاء شكلوا هذه البازل» التي علقت في أذهان الناس، وأضحوا على موعد يومي مع هذا العمل.
هذه الحالة الشعبية التي ساهم الإعلام أيضاً (تقارير عن عشائر البقاع/عن المقاهي) ومواقع التواصل الإجتماعي في تكوينها وتغذيتها، ركبت موجتها المقاهي التي استقطبت روادها ودعتهم الى الإستمتاع بالمشاهدة ليلاً. بعدها أتى دور السينما، إذ دعت أخيراً، شركة «أم. ميديا»، مشتركيها الى متابعة الأعمال التي تعرضها على منصتها، مختارة من بينها عملين تتقاطع أجواءهما مع «الهيبة»، الأول «إمارة نوح» الذي عرض قبل سنوات على «العربية»، والثاني «بيروت» الذي يلعب داخله الممثل عبده شاهين بطولته (شخصية شاهين في الهيبة). أضف إلى ذلك إنتشار العبارات المستخدمة، من ممثلي العمل، على رأسهم تيم حسن، وعبارة «ما تهكلي للهم»، التي لاقت رواجاً عالياً، حتى إنّها أصبحت على كل شفة ولسان، ومتن «تيشرت»، وعبارة «فاين» لنادين نجيم، التي استغلتها شركة مناديل ورقية لتروّج لمنتوجاتها. اليوم، أتى دور أحد محال المفروشات. إذ استعان أصحابه، بفرش فيلا آل جبل الشيخ، لركوب الموجة والترويج لمنتوجاته التي رأيناها في مشاهد «الهيبة».