المناطيد التي تغزو سماء طرابلس ليلة كل عيد فطر وأضحى باتت طقساً يترقبه أهل المدينة. كنجوم اصطناعية، تلون المناطيد فضاء الباحة الخارجية لمعرض رشيد كرامي الدولي، في مبادرة "نوّر دربن" التي تهدف لتعليم طلاب الثانويات الرسمية.
الأهالي يتطوعون لإتاحة فرص التعليم لهؤلاء الطلاب من خلال شراء منطاد بسعر رمزي هو 3 آلاف ليرة، تعود عائداته بالكامل لتغطية رسوم التسجيل أو تيسير سبل الالتحاق. فتكون بذلك المناطيد التي شقت طريقها في السماء، قد شقت درب "العلم - النور" للطلاب.
لم تحمل مبادرة المناطيد مع انطلاقتها هذه الغاية. فالشباب الّذين كانوا قد تجمعوا للمرة الأولى في آب 2013 أمام المعرض، أرادوا يومها بث الحياة في شرايين طرابلس عقب انفجار مسجدي السلام والتقوى الذي أودى بحياة العشرات.

1% فقط من طلاب البريفيه في طرابلس القديمة يستكملون تعليمهم في الثانويات الرسمية
وقد جاء تطيير المناطيد كمبادرة من بين سلسلة مبادرات نظمها شباب طرابلس لإزالة ذيول التفجيرات. بعدها، استلحق شعار "عِلمن أولوية" بنشاط المناطيد إيقاناً من الشباب المنظمين العاملين بمجملهم في المجال الاجتماعي أنّ التعليم أساس في نهضة المدينة ورافعة لكل مجالاتها. وجاءت دراسة اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا في الأمم المتحدة (الإسكوا) في عام 2015 "بعنوان الفقر في مدينة طرابلس"، لتدعم هذه الأولويّة بعدما كشفت أن هناك 1% فقط من طلاب البريفيه في طرابلس القديمة يستكملون تعليمهم في الثانويات الرسمية التي لا تطالها المجانية.
النشاط دخل نسخته السابعة وشهد تطيير 2500 منطاد ليلة عيد الفطر الأخير. وتلفت عضو اللجنة التنظيمية ريان الدهب إلى أن المساهمة ارتفعت من مليونين و870 ألف ليرة عام 2014 إلى 5 ملايين و30 ألف ليرة في عام 2017، مشيرة إلى أنّ المبادرة «تمكنت من تسجيل أكثر من 170 تلميذاً، إضافة إلى التبرع بعائدات العام الثالث إلى جمعية SEED التي تقدّم تعليماً بديلاً ومعجلاً لأطفال "حي التنك" في الميناء المتسربين من المدارس، لمساعدتهم في استلحاق برامجهم والعودة إلى المدرسة.
ويتجه المنظمون هذه السنة إلى التبرع بالمبلغ دعماً لأطفال الجمعية نفسها الذين شاركوا خلال الحدث الأخير بألعاب رسم على الوجه، وشاركوا مئات الطرابلسيين والوافدين من المناطق المجاورة فرحة المناطيد.
يذكر أن فريق "علمن أولوية" يضم 10 شبان وشابات، ينضم إليهم في كل سنة عدد من المتطوعين لإعانتهم في تفاصيل الحدث. ومن تفاصيل السلامة الثابتة اعتماد مناطيد غير آيلة للاشتعال تجنباً للحرائق والإصابات.
*ناشطة شبابية