أثارت الرئيسة السابقة لقسم الصيدلة في مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي، منى بعلبكي، أخيراً حفيظة كثيرين لدى ظهورها ضمن نشرة الأخبار المسائية عبر كل من «الجديد» و«المؤسسة اللبنانية للإرسال». الامتعاض لم يكن بسبب محاولاتها المتكرّرة لتبرير نفسها وتلميع صورتها فقط، بل أيضاً على خلفية عدم لعب المراسلَيْن راشيل كرم وإدمون ساسين دوريهما كما يجب.
في مقابل هذا المشهد، كانت المعادلة مختلفة عبر mtv. في أحدث حلقات برنامجها «علم وخبر» (كل أحد ــ 21:45)، خصصت غادة عيد معظم الوقت لهذه القضية التي تشغل الرأي العام اللبناني. ضيفا الاستوديو كانا النائب السابق إسماعيل سكرية، ونقيب صيادلة لبنان جورج صيلي. اختياران موفّقان، لأنّ الأوّل هو مَنْ كشف في عام 2008 تورّط أحد الأطباء في مستشفى رفيق الحريري الحكومي بعمليات غشّ وتزوير أدوية سرطانيّة، ما أدّى إلى «تحرّك التفتيش المركزي وفتح تحقيق ونقل الطبيب إلى مستشفى آخر، ليُغلق بعدها الملف لاعتبارات سياسيّة»، وفق ما سبق أن قال لـ «الأخبار» (الأخبار 3/8/2017).

اختيار موفّق للضيوف،
وأسئلة منطقية ومحقة
أما الثاني، فتنتسب بعلبكي إلى النقابة التي يرأسها، قبل أن يقرّر وزير الصحّة غسان حاصباني سحب إذن مزاولة المهنة منها. المتهمة كانت حاضرة أيضاً مباشرة من منزلها، فيما أجرى وزير الصحة الأسبق محمد جواد خليفة مداخلة هاتفية، أوضح فيها بعض ملابسات القضية التي انطلقت شرارتها حين كان لا يزال في منصبه الحكومي. وكانت بعلبكي قد أكدت مراراً أنّ دواء السرطان الجينيريك (الموازي) الذي استبدلته بدواء آخر لم يكن متوافراً، أُدخل إلى البلد بموافقة خليفة. وكان من المفترض أن تكون هناك مداخلة هاتفية أخرى مع رئيس الهيئة العليا للتأديب القاضي مروان عبود، إلا أنّها لم تحدث.
غادة عيد التي اعتادت الغوص في ملفات الفساد والتجاوزات القانونية منذ سنوات، حاولت قدر الإمكان التصدّي لبعلبكي، مستثمرة أجوبتها ودفاعها المستمر عن نفسها لمواجهتها بأسئلة محقة ومنطقية. ولعلّ أبرز محطات الحلقة كانت عندما شدّدت بعلبكي على أنّها ليست المسؤولة الوحيدة وأنّ التفتيش المركزي لم يُعر اهتماماً للمستندات والأدلة التي قدّمتها، مصوّرة نفسها وكأنّها «ضحية» جرى الإيقاع بها فيما كل ما فعتله مبرّر. هنا، ردّت غادة بمجموعة أسئلة متتالية: «هناك وقائع مثبتة، هل من المعقول أن يكون هناك من يريد الافتراء عليك؟ لماذا أجبروك على ترك وظيفتك إذا لم يكن هناك أخطاء؟ هل هناك من يريد الانتقام منك؟ لماذا أنت بالذات؟ هل جاءت كل هذه الاتهامات من فراغ؟ هل التفتيش المركزي يستهدفك ويريد تصفية حسابات معك؟».
تخلل الحلقة شرح وافٍ لمختلف الاتهامات الموجّهة إلى منى بعلبكي، ولا سيّما موضوع استبدال الأدوية واستخدام أخرى منتهية الصلاحية، في ظل التأكيد المستمر لوجود أسماء أخرى مسؤولة عمّا جرى، ولأنّ المشكلة تكمن في «تجاوزات إدارية واختلاس أموال». أما النقطة الأساسية، فتمثّلت بالتشديد على ضرورة التسريع في بت هذه القضية قضائياً، خصوصاً أنّها مستمرة منذ سنوات. وفي النهاية، توجّهت غادة عيد إلى منى بعلبكي المحرجة نوعاً ما، قائلة: «أنت اليوم متهمة. لا نرضى لك الظلم، لكننا أيضاً لا نقبل السكوت عمّا يجري. نطالب بتحقيقات جديدة. لا أستطيع منحك صك براءة، أنا أقدّم وجهة النظر الكاملة وأطالب القضاء باستكمال عمله».