عادة ما يُخصص يوم أو أسبوع معين للتركيز على مبدأ أو فكرة أو مناسبة، ووضعها تحت الأضواء لجذب الانتباه لقيمتها أو محتواها أو احتياجاتها، والقيام بما يلزم من نشاطات ولقاءات. تنجح هذه الاحتفاليات أحياناً وتفشل أحياناً أخرى بحسب مزاج الناس وظروفهم، وبحسب ملاءمة المناسبة للواقع و"قوة تمويلها".
منذ عام ٢٠١٠، أعلنت الجمعية العالمية للصحة الجنسية الرابع من أيلول، يوماً عالمياً للصحة الجنسية. كان شعاره آنذاك "لنتحدث عنها" بغية كسر الصمت والتابوهات التي تُغَلِّف الصحة الجنسية. عمت الاحتفالات وقتها في العديد من البلدان (ومنها لبنان) وفي مختلف المراكز والأماكن. توالت الاحتفالات السنوية وتوسعت بشعارات متراكمة ومتقدمة حول الحقوق الجنسية، والتنوع، والشباب، والسلامة الجنسية. 
يأتي اليوم العالمي للصحة الجنسية لهذا العام بشعار "الحب، الترابط، والحميمية" ليعطي الصحة الجنسية أبعادها الحقيقية حول المسؤولية والاحترام والحقوق والعِشرة والحب، وحاجة الأفراد الى روابط حميمية مطمئنة، وليس فقط ما يراه أصحاب العمى الجنسي؛ العلاقات الجنسية والتبجح بها. 
"ألا يكفي الناس مناسبات وأيام" أو "مين بالو بالصحة الجنسية ويومها" قد يقول قائل، أو يسخر البعض كما عادتهم في ما يعجزون عن مواجهته أو النقاش فيه، أو يهربون إلى التبسيط ومسح الذقون وعدم انزعاجهم من واقعهم الجنسي تماماً كما عدم انزعاجهم من الواقع المتردي الذين يعيشون فيه ولا يسعون لإصلاحه. 
لماذا يوم عالمي للصحة الجنسية؟ لأنه لم يحدث أن راكم جهلٌ ما حجماً من المشاكل كما يراكم الجهل في الصحة الجنسية. ففي كل يومٍ يمر، يتم تناقل حوالى مليون حالة التهاب جنسي. أما سنوياً، فهناك ما يقارب ٣٦٠ مليون حالة جديدة من الالتهابات الجنسية. في عالمنا هذا، يتعايش حوالى ٣٧ مليون شخص مع السيدا وڤيروسه، ويحمل  حوالى ٥٠٠ مليون آخرون داء الهربس. هناك ما يقارب ٣٠٠ مليون امرأة مصابة بالتهاب التآليل الجنسية. بينما تنتهي ثلث ولادات مليون حامل مصابة بالسفلس بمضاعفات خطيرة، وكله بحسب منظمة الصحة العالمية. 
لا يكتفي الجهل بالصحة الجنسية بهذا القدر من الالتهابات المعروفة والقابلة للمعالجة، بل يتمادى ليُسقط النساء ضحايا للعنف الجنسي، حيث تشير منظمات الأمم المتحدة إلى ما بين ٣٥-٧٠ بالمئة من النساء تعرضنّ لنوع من العنف الجنسي من الشريك أو من غيره. غالباً ما تعاني المعنفات جنسياً من مخاطر التعرض للإجهاض والكآبة وغيره من المضاعفات الخطيرة. بالإضافة، تُقدر منظمة الصحة العالمية أن هناك ٢٠٠ مليون امرأة تعرضنّ لختان الإناث في طفولتهن.
 وهناك من الجهل الجنسي ما يبقي "إنجازاته" داخل الجدران إلا ما بان منها للبحث والدراسة. ففي دراسة حديثة تبين أن عدم الاكتفاء بالعلاقة الجنسية تراوح بين ٣٣-٨٥ بالمئة، نتيجة غياب الفهم الحقيقي للصحة الجنسية ومكوناتها، كذلك لأسباب مرتبطة بالاشخاص وظروفهم الحياتية. أكثر المكتفين بحياتهم الجنسية كان النيجيريون وأقلهم كان اليابانيون، جاءت باقي الشعوب المشمولة بالدراسة ما بين سعادة نيجيريا وعدم رضى اليابان. 
عندما يتجرد العمل أي عمل، أو الرابط أو العلاقة من القيمة والمعنى يصبح كما يُقال "بلا معنى". عندما تُجرّد الصحة الجنسية والجنسانية من قيمتها ومدلولها الإنساني تتحول إلى آفة تخبط وتتخبط، تصيب الأفراد بمشاكل صحية ونفسية واجتماعية. لكل ذلك وأكثر يصبح "اليوم العالمي للصحة الجنسية" مطلوباً وضرورياً للتذكير بأن الصحة الجنسية جزء أساسي وطبيعي من حياتنا، يحتاج إلى العناية والتثقيف والتعزيز والتفهم كل يوم.
ليس الجنس هو ما يحتاجه الناس ليشعروا أنهم سعداء، بل ما يجب أن يحمل معه من محبة وعاطفة وطاقة إيجابية  ومودة واحترام وتعاضد، يسكنون إليها عندما تتآكلهم الخيبات وتخذلهم الوعود.

* اختصاصي جراحة نسائية
وتوليد وصحّة جنسية