ينظّم القانون 515 الخاص بتنظيم الموازنات المدرسية انتخابات لجان الأهل في المدارس الخاصّة على دورتين، فاذا لم يكتمل النّصاب في الدّورة الأولى وهو النصف زائداً واحداً، يجري الانتخاب بعد أسبوع بمن حضر. فكيف تجري هذه الانتخابات؟يفيد عدد من لجان الأهل التي تواصلنا معها، أنّ النّصاب لا يكتمل في الغالب من الدورة الأولى، ما يعني أنّ الأهل لا يلبون الدعوة بكثافة إلى انتخابات اللجان في مدارس أولادهم. وغالباً ما يفوز المرشحون بالتزكية، ونادراً ما تحصل منافسة بين لائحتين.

وتذكر بعض إدارات المدارس أنّها تضطرّ للإتصال ببعض ممن لها بهم صلة وثيقة لتكتمل اللائحة أو لتجد من يترشح لهذه المهمّة.
أما المعلّمون الذين يلتحق أولادهم بالمدرسة التي يعلّمون فيها، ويحقّ لهم بالتالي الانتخاب لا الترشح، فيشكلون نسبة عالية من عدد المقترعين وقد تبلغ أحياناً نصف هذا العدد وفي أحيان أخرى الثلثين.
إلى ذلك، يرأس لجنة الأهل أحياناً أو يكون عضواً فيها البعض ممن لهم مصالح ماديّة مباشرة مع المدرسة مثل: مشغّل وسائل نقل لتلاميذ المدرسة، صاحب المكتبة التي تشتري منها المدرسة القرطاسيّة أو صاحب المعمل الذي يبيعها الزيّ المدرسيّ أو أزواج وزوجات العاملين في المدرسة، وهذه الحالة الأخيرة مخالفة لروح القانون 515 وإن لم ينص عليها صراحة.
لا ينفي هذا كلّه بروز لجان أهل وصلت على أساس برنامج سعت إلى تحقيقه، وأنجزت أهدافاً أساسيّة مثل الحدّ من الزيادات في الأقساط أو تخفيف أعداد المتعلمين في الصفوف، ما يحسّن من نوعيّة التعلّم فيها.

من هي اتحادات لجان الأهل؟

برز في الآونة الأخيرة نشوء اتحادات لجان أهل ولجنة متابعة وهيئة تنسيق لجان أهل وأولياء أمور، فمن هي هذه الاتحادات والهيئات؟
تسعى لجان الأهل أحياناً إلى تشكيل اتحادات في ما بينها، ومنها: اتحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكيّة في بيروت ويرأسه كامل ريشاني ويتألف من 20 مدرسة، اتحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكيّة في كسروان ـ الفتوح وجبيل وترأسه ميرنا الخوري ويتألف من 25 مدرسة، تجمع لجان الأهل في المدارس الكاثوليكيّة في المتن يرأسه سعيد فاخوري ويتألف من 15 مدرسة.

تعبّر بعض اللجان بشكل عفوي بأنها تابعة لادارات المدارس

إضافة إلى هذه الاتحادات تشكلت منذ نحو 3 أسابيع لجنة متابعة انبثقت عن اجتماع للجان الأهل في مدرسة الجمهور ــــ الأشرفيّة وتتألف من 8 لجان أهل إضافة إلى اتحاد لجان بيروت المذكور آنفًا. ويشكل عدد من لجان الأهل وأولياء الأمور هيئة تنسيق، يتولى تنسيقها قحطان ماضي. وقد برزت عبر وسائل التواصل الاجتماعي حملات تمثل الأهل منها مثلاً حملة منع رفع الأقساط في المدارس الكاثوليكيّة، وحملة «لجان الأهل البديلة». ويبدو واضحاً مما سبق أنّ الاتحادات الوحيدة المشكلة تضم لجاناً من المدارس الكاثوليكيّة، وينطبق الأمر نفسه على لجنة المتابعة حيث لم تلب الدعوة إلّا لجان المدارس الكاثوليكيّة فقط. ولم تتشكل اتحادات في مدارس الطوائف الأخرى مثل مدارس العرفان والمقاصد والعامليّة والمهدي ومؤسسات أمل التربوية. وينطبق الاستنتاج نفسه على المدارس العلمانيّة القليلة مثل الليسيه (البعثة العلمانيّة الفرنسيّة). وانطلاقًا من هذا الوصف يمكن تسجيل ملاحظات، منها أنّ لجان الأهل واتحاداتهم، جزء من تركيبة البلد، فكما أنّ غالبيّة المدارس الخاصّة أنشئت لتلبية حاجات الطائفة من تعليم أولادها، وتدريس مبادئها الدينيّة وايجاد مداخيل ماليّة لها، تبعاً لذلك أصبحت لجان الأهل فيها من أبناء الطائفة. ويشذّ عن هذه القاعدة «هيئة تنسيق لجان الأهل وأولياء الأمور» التي تنتمي إليها لجان متنوّعة طائفيًا وبعضها علماني.
وهنا يطرح السؤال: ما مدى فاعليّة واستقلاليّة اتحادات ولجان ترتبط بالمدرسة التي تمثلها مادياً أحيانًا وطائفيًا في غالبيّة الأحيان؟ وهل يمكن أن تشكل هذه اللجان سلطة رقابيّة على أقساط هذه المدارس وعلى نوعيّة ومستوى التربية والتعليم فيها، وهو ما ينوطه بها القانون 515؟ وهل يعي الأهل الذين ينتخبون هذه اللجان أو لا ينتخبونها، هذا الواقع؟ ثم ما هي أهداف هذه الاتحادات وبرامجها وخطّة عملها؟

فتح الموازنات

يحدد منسق هيئة تنسيق لجان الأهل وأولياء الأمور قحطان ماضي الأهداف برفض الزيادة على الأقساط المدرسيّة عبر تشكيل المجالس التحكيميّة، وفتح موازنات المدارس والتدقيق فيها 5 سنوات إلى الوراء، واصلاح السلطات الرقابية وتفعيل دورها في مراقبة موازنات المدارس الخاصّة وخصوصاً مصلحة التعليم الخاص، واحتساب المداخيل الخارجيّة من ضمن موارد المدرسة وادخالها في ميزانيّتها ووضع برنامج الكتروني يلزم المدارس بتقديم موازناتها على أساسه ويكشف التوازن بين العناصر المختلفة للموازنة: القسط وعدد المتعلّمين ومدفوعات المدرسة والرواتب.

الأولوية المطلقة لعدم دفع الزيادة

ويقول ريموند فغالي، منسق لجنة المتابعة للجان الأهل، عضو لجنة الأهل في مدرسة الجمهور ومدير مالي في مدرسة «برمانا هاي سكول»، إنّ الهدف الأساسي من تشكيل اللجنة هو توحيد جهود لجان الأهل والدفاع عن مصالحهم. الأولوية المطلقة بالنسبة إليه هي عدم تحميل الأهل أقساطاً إضافية.
برأيه، فتح الموازنات إجراء لا ينال إجماع كل اللجان، وهناك جدلية حوله وليس بالضرورة أن يؤدي إلى نتيجة. يؤكد أنّ «معركتنا الأساسية اليوم ليست مع المدرسة وليست مع الأساتذة، انما مع الدولة التي فرضت الزودة».

إعادة النظر بالأرباح

أما ميرنا الخوري، رئيسة اتحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكيّة في كسروان ـ الفتوح وجبيل فتؤكد أنّ «التصويب على الكنيسة والمدارس الكاثوليكية تطرف لا معنى له، ومعركتنا هي ضد الارتفاع الناري للأقساط المدرسية». تقول:«نوافق 100% على خريطة الطريق التي وضعها وزير التربية لجهة التدقيق في موازنات المدارس واعادة العمل بالمجالس التحكيمية التربوية، وعلى الدولة أن تلعب دورها الرقابي». وتدعو الخوري المؤسسات لتعيد النظر بأرباحها من المداخيل الثانية غير القسط.

«الثورة» ضد الزيادة

يرى رئيس اتحاد لجان المدارس الكاثوليكية في بيروت كامل الريشاني أنّ أولياء الأمور يملكون القرار ولهم الأمر وحق الاختيار، وعليهم ان ينتفضوا ويرفضوا القوانين الباطلة. ويحذر من الثورة الحقيقية لعدم القدرة على تحمل أي زيادة على الأقساط المدرسية. الخطة المستقبلية للاتحاد، بحسب ريشاني، هي «رفض أخذ طلابنا رهينة بفعل الإضراب الذي أعلنه الأساتذة».

تعديل الـ 515 مشروع طويل

يصر سعيد فاخوري، رئيس تجمع لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية في المتن، على مطلب واحد هو عدم فرض أي زيادة على الأقساط، أمّا المطالب الأخرى مثل القانون 515 وما يعطيه من صلاحيات للجان الأهل فهي مشروع طويل، فيما كانت المجالس التحكيمية، كما يقول، «من ضمن المطالب التي رفعتها اتحاداتنا إلى لجنة الطوارئ في وزارة التربية، وقلنا إننا لن نوقع الميزانيات التي تتضمن زيادات على الأقساط ناتجة عن القانون الجديد للسلسلة».

وضع برنامج إلكتروني يكشف التوازن بين القسط وعدد المتعلّمين ومدفوعات المدرسة والرواتب


«موازنة مدرستنا غير مضخمة»

لا يمانع سمير ضيا، رئيس لجنة الأهل في ثانوية حسن قصير التابعة لمؤسسات أمل التربوية، التدقيق في الموازنات حتى يجري فضح الأرباح، ولا يعارض أيضاً المطالبة بالمجالس التحكيمية التربوية إذا كان دورها فعالاً، لكنه يقول سلفاً إن «موازنة مدرسة أولاده غير مضخمة، وقد أكد رئيس مجلس النواب في خطابين أخيرين أنه لن تكون هناك زيادة على الأقساط».

لجان الأهل كذبة

يعرب أحمد حايك، رئيس لجنة الأهل في مدرسة الراهبات الأنطونيات ــــ النبطية عن اعتقاده بعدم وجود شيء اسمه لجان أهل «ما إلها دور، والمدارس الخاصة المحمية من الدولة بتجيبها على مزاجها، هو أشبه بتعيين وليس انتخاباً، فمن أصل 850 ولي أمر مثلاً هناك 230 يصبون صبة واحدة للمدرسة وهناك 140 استاذاً لديهم أولاد في المدرسة وينتخبون لصالحها أيضاً، ويبقى 50 ولي أمر يتنازلون عن مسؤولياتهم وحقوقهم لدرجة أن هناك أولياء أمور لا يعرفون قيمة اقساط أولادهم»!

الأقساط مقبولة

لا يرى بسام يونس، رئيس لجنة الأهل في مدارس المهدي ــــ الحدث، أن لدى الأهل في المدرسة مشكلة، فالأقساط مقبولة مقارنة مع مدارس خاصة أخرى لديها المستوى التعليمي نفسه، إلاّ «أننا كلجنة نضغط في المشاكل الفردية ونحاول أن نعالجها حبياً».

الأهل مستسلمون

ليندا مظلوم، رئيسة لجنة الأهل في المدرسة العاملية، تشدد على أنّ «همنا الوحيد هو خفض الأقساط. صحيح أن أقساط العاملية أرخص من غيرها بكثير، لكن بتحسي انو الأهل مستسلمين. يمكن هيي ضغوط الحياة أو تطنيش ما بعرف وبيقولولك دايماً شو وقفت عليي شو أنا وحدي بقدر غيّر؟».

الموازنة بين المدرسة والأهالي

يرى وليد بو خير، رئيس لجنة الأهل في مدرسة السمقانية التابعة لمدارس العرفان، أنّ «مهمتنا الأساسية كلجان أهل في هذه المرحلة الموازنة بين المدرسة وحقوق المعلمين». يستدرك: «لا أدافع عن الإدارة، لكنها تستجيب بالحدود الدنيا». المهمة الثانية للجنة، بحسب بو خير، هي مراقبة الموازنات ليس من باب الـ AUDIT إنما «لمعرفة مصلحة أولادنا، وحالياً ننكب على دراسة الميزانية الجديدة، وإذا رأينا أنّ هناك امكانية أن نتحمل كأهالي جزءاً من الأعباء فسنفعل».

«إدارة المدرسة تمثلنا»

يوافق سلطان الكعكي، عضو في لجنة الأهل في مدرسة خالد بن الوليد التابعة لجمعية المقاصد، على ما يطالب به رئيس الجمعية أمين الداعوق وهو تغطية الدولة لتكاليف السلسلة وفصل التشريع الخاص عن العام «فهو يقود الحملة بالنيابة عنا، وأعتقد أن كل لجان الأهل في المدارس تفضل أن يكون الخاص بعيداً عن العام».

التماهي إلى درجة الاضمحلال؟

لا يبدو من مواقف لجان الأهل التي تواصلنا معها أن هناك بوادر حركة لأهالي واعين لقضاياهم وكيفية تحقيق مصالحهم، إذ يظهرون ضائعين بين أن يوجهوا أسهمهم باتجاه المعلمين أو أن يكونوا أداة بيد أصحاب المدارس، ويصبح الأمر مريباً حين يتغاضون عن الزيادات غير المبررة للأقساط، ويرفضون فتح الموازنات والملفات المالية للمدارس. والأغرب أن يصل الأمر بالبعض إلى حد محاسبة المعلمين ومعارضة إضرابهم للدفاع عن حقوقهم ولو ليوم واحد.
لكن هل يدفع الأهل فقط الأقساط؟ ألا يتضررون من زيادة 1 % على الضريبة على القيمة المضافة؟ وهل هم مستعدون للدفاع عن ضريبة 2 % على أرباح المصارف؟ وهل لجان الأهل بهذا الوارد لحماية مصالح الكتلة التي تمثلها؟
ثم لماذا تحمل اتحادات لجان الأهل هذا المطلب دون غيره، و إذا لم تدافع عن مطلب إحياء المجالس التحكيمية التربوية لبت النزاعات المالية مع إدارات المدارس، فهل هناك أداة أخرى لاستحصال حقوق الأهل أم أن اللجان تريد أن تتحول إلى عصابة؟ وماذا عن التماهي مع أصحاب المدارس إلى درجة الإضمحلال؟

* عضو في لجنة أهل، عضو في هيئة تنسيق لجان الأهل وأولياء الأمور



* للمشاركة في صفحة «تعليم» التواصل عبر البريد الإلكتروني: [email protected]