في وقت متزامن مع بدء الفصائل الفلسطينية، كافة، الاجتماع في العاصمة المصرية القاهرة، غداً، من أجل متابعة ملف المصالحة الداخلية بجانب ملفات أخرى، توترت العلاقات بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة الأميركية التي أبلغت السلطة نيتها إغلاق ممثلية «منظمة التحرير» في واشنطن، أول من أمس.وملف «منظمة التحرير» أحد الملفات الرئيسية التي تنوي الفصائل مناقشتها، ووفق مصادر في حركة «حماس» تحدثت إلى «الأخبار»، سوف تركز الحركة على هذا الملف، بعدما تبيّن لها أن السلطة تنوي المماطلة في الملفات الأساسية للمصالحة، لذلك لا بد من «القفز نحو ملفات أعم».

وكما نقلت «الأخبار» عن مصادر حمساوية في وقت سابق، فإن الحركة ستطالب بفصل رئاسة السلطة عن رئاسة المنظمة، إذ من المقرر أن تصرّ على ذلك.
على صعيد القرار بحق «منظمة التحرير»، أوضح مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية أن «القرار مرتبط بسعي الفلسطينيين إلى محاكمة قادة إسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية»، مبيناً أن مصير مكتب المنظمة سيحسم خلال تسعين يوماً، على الفلسطينيين خلالها إقناع الرئيس دونالد ترامب بأنهم ملتزمون بـ«مفاوضات مباشرة وجدية» مع إسرائيل.
كذلك، برر وزير الخارجية ريكس تيلرسون قرار بلاده بأن «الفلسطينيين يخالفون قانوناً أميركياً ينص على ضرورة غلق بعثة منظمة التحرير، إذا ما دفع الفلسطينيون المحكمة الجنائية الدولية إلى محاكمة إسرائيل».
في المقابل، قال الأمين العام لـ«منظمة التحرير»، صائب عريقات، إننا «سنعلق كل اتصالاتنا مع الإدارة الأميركية في حال تنفيذ قرار الإغلاق... إلى حين إعادة فتح المكتب»، مضيفاً: «واشنطن بمثل هذا القرار إنما تكافئ حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو... فيما نحن نعاقب».
أما وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، فقال إن «الخارجية الأميركية أبلغته باجتماع ستعقده غداً الاثنين (اليوم) على مستوى خبراء قانونيين لتقييم الموقف».
وبروتوكولياً، رفضت الإدارة الأميركية تجديد تصريح عمل مكتب المنظمة في واشنطن الذي يجدّد كل ستة أشهر عبر وزارة الخارجية، وذلك للمرة الأولى منذ الثمانينيات. وهنا علّق المالكي: «هذا وضع لم يحدث سابقاً، وطلبنا من الخارجية الأميركية والبيت الأبيض توضيحات».
ووفق وزير الخارجية الفلسطيني، ربما يكون خطاب الرئيس محمود عباس الأخير أمام الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة، حينما تحدث عن إمكانية رفع مسألة الاستيطان الإسرائيلي إلى «الجنائية الدولية»، السبب وراء الموقف الأميركي.

أمام السلطة 90 يوماً للتفاهم مع ترامب قبل إغلاق مكتب «منظمة التحرير»

يشار إلى أن الكونغرس الأميركي أدخل عام 2015 بنداً ينص على أنه لا يجب على الفلسطينيين محاولة التأثير في المحكمة الدولية بشأن تحقيقات تتعلق بمواطنين إسرائيليين. ورسمياً، أعربت الرئاسة الفلسطينية عن «استغرابها الشديد» إزاء الخطوة الأميركية الأخيرة، قائلة في بيان إن «هذا الإجراء الذي يهدف إلى إغلاق مكتب منظمة التحرير يمثل خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الأميركية ــ الفلسطينية، الأمر الذي يترتب عليه عواقب خطيرة على عملية السلام».
إسرائيلياً، أفاد مكتب نتنياهو بأن القرار «مسألة مرتبطة بالقانون الأميركي»، مضيفاً: «نحترم القرار ونتطلع إلى مواصلة العمل مع الولايات المتحدة لتحقيق تقدم في السلام والأمن في المنطقة».
وفي نهاية أيلول الماضي، كشفت قناة «كان» الإسرائيلية أن تل أبيب تعمل بالتعاون مع أعضاء من الكونغرس على صياغة خطة لوقف نشاط الفلسطينيين في المحكمة الدولية، كما سيعملون على إغلاق مكتب «منظمة التحرير» في واشنطن. وأشارت تلك القناة إلى أن هذه الخطة استعرضت خلال اجتماع ضم نتنياهو وكلاً من سفير الولايات المتحدة في إسرائيل ديفيد فريدمان، والمبعوث الأميركي جيسون غرينبلات، والسفير الإسرائيلي لدى الأميركيين رون درمر.
في سياق ردود الأفعال، قالت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، في بيان، إن «اعتزام الولايات المتحدة إغلاق مكتب منظمة التحرير... يؤكد سياساتها المعادية للشعب الفلسطيني، ودعمها المطلق لإسرائيل». وشدد البيان على «ضرورة عدم الرضوخ للضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية على القيادة الفلسطينية».
كذلك، طالبت القاهرة، السلطة، بالإبقاء على قنوات الاتصال مع الإدارة الأميركية، وذلك في اتصال أجراه وزير الخارجية سامح شكري، مع عريقات. أيضاً، قالت جامعة الدول العربية إنها أجرت أمس اتصالات مع الإدارة الأميركية لمعالجة موضوع تعليقها عمل مكتب المنظمة، وذلك عقب لقاء عقده الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط مع المالكي.
بالعودة إلى ملف المصالحة، قالت «حماس»، إن اجتماعها مع الفصائل في القاهرة «يهدف إلى الاتفاق على وضع آليات لتنفيذ اتفاق المصالحة... نحن ذاهبون إلى مرحلة الحوار الوطني الشامل، ولوضع آليات تطبيق وتنفيذ اتفاق الوفاق الوطني الذي وقّعت عليه الفصائل عام 011، بكل بنوده».
ومن الملفات المقرر التباحث فيها: «منظمة التحرير»، والانتخابات العامة، والأمن، والمصالحة المجتمعية، والحريات العامة، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وعن الملف الأمني، قالت «حماس» إنه «حظي باهتمام كبير وعناية فائقة خلال اللقاءات السابقة، إذ إن إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة ستتم برعاية مصرية وإشراف عربي».
في المقابل، قالت حكومة «الوفاق الوطني» في اجتماع طارئ في رام الله أمس، إنها «لم تتسلم الوزارات والدوائر الحكومية في غزة بشكل فاعل نتيجة القضايا الخلافية المتعلقة بالموظفين بحجة الانتظار إلى حين انتهاء اللجنة القانونية الإدارية من إنجاز أعمالها في معالجة القضايا المدنية والإدارية الناجمة عن الانقسام». إلى ذلك، وصل النائب العام في السلطة الفلسطينية، المستشار أحمد براك، أمس، إلى غزة، وذلك لأول مرة منذ تعيينه في منصبه مطلع 2016. وذكر بيان صادر عن النيابة العامة في غزة أن براك اجتمع مع النائب العام في غزة، ضياء الدين المدهون، في ما يبدو أنه استكمال لعملية التسليم والتسلم.
(الأخبار)