تواصل الصحف الغربية مواكبتها ليوميات اعتقال الأمراء السعوديين في فندق الـ«ريتز» في الرياض، كاشفة عن أحداث مثيرة تحصل هناك. وفيما يبقى وليّ العهد محمد بن سلمان بطل هذه التطورات، إلا أن ما يضاف إليها من تفاصيل يماط عنها اللثام، في كل مرة، يلفت الانتباه أكثر فأكثر إلى الأساليب التي تُتّبع مع هؤلاء الأمراء، من أجل إجبارهم على التنازل عن ثرواتهم.
ومن آخر ما جرى التطرّق إليه في هذا المجال، ما أشارت إليه صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، التي كشفت، أول من أمس، عن أن «مرتزقة أميركيين يقومون بتعذيب الأمراء السعوديين المعتقلين»، مضيفة أنهم «يعلِّقون الأمير الملياردير الوليد بن طلال من رجليه في وضعية مقلوبة».
ونقلت الصحيفة عن مصدر داخل السعودية قوله إن «عناصر أمن تابعين لشركة أميركية خاصة يربطون الأمراء ورجال الأعمال السعوديين، الذين جرى اعتقالهم مطلع الشهر الحالي، في خضم صراع على السلطة، من أقدامهم وينهالون عليهم ضرباً». وقال المصدر للصحيفة إن المرتزقة الأميركيين «يوسعون (المعتقلين) ضرباً، ويعذّبونهم ويصفعونهم ويهينونهم لجعلهم ينهارون». وكشف المصدر أن «بلاك ووتر» هي الشركة المتورطة في تعذيب هؤلاء، وأن وسائل تواصل اجتماعي في العالم العربي، إلى جانب الرئيس اللبناني ميشال عون، كلّهم أقرّوا بوجود تلك الشركة في السعودية.

المعتقلون قد ينقلون إلى سجن الحاير إذا
لم يتنازلوا عن
أصولهم المالية

وفيما ذكرت «ديلي ميل»، نقلاً عن المصدر ذاته، أن اسم «بلاك ووتر» يجري تداوله، بوصفها الشركة الموردة للمرتزقة، غير أنها عادت لتقول إن هذه الشركة لم يعد لها وجود بهذا الاسم، وأن اسمها الآن هو «أكاديمي». وكان الرئيس عون قد غرّد عبر «تويتر» قائلاً إن رئيس الوزراء سعد الحريري محتجز في الرياض، قبل أن يحذف تغريدته. وأفاد في تغريدته، الأربعاء الماضي، بأن «السلطات اللبنانية لديها معلومات غير مؤكدة تفيد بأن شركة بلاك ووتر هي التي تقوم بحراسة الحريري وعائلته، وليست قوات الأمن السعودي الرسمية».
ووفقاً للمصدر، فإن وليّ العهد السعودي صادر أكثر من 194 مليار دولار من حسابات مصرفية، واستولى على موجودات تخص أولئك المعتقلين. وواصل هذا المصدر الكشف عمّا يدور وراء جدران الفندق الشهير، وقال إن «جميع الحراس المكلّفين بمراقبة فندق ريتز كارلتون في العاصمة الرياض يتبعون شركة أمن خاصة، لأن ابن سلمان لا يرغب في إسناد المهمة إلى ضباط سعوديين ممّن دأبوا على أداء التحية لهم طوال حياتهم». وأضاف أنه «خارج الفندق المحتجز فيه هؤلاء، يرى المرء عربات مصفحة تابعة للقوات الخاصة السعودية، لكن في الداخل هناك شركة أمن خاصة». وقال إن الذين يتولون الحراسة بشكل كامل جرى استقدامهم من أبو ظبي، وإن محمد بن سلمان يجري بنفسه أحياناً التحقيق مع المعتقلين. وأشار المصدر إلى أن ابن سلمان «يتحدث إلى المعتقلين بمنتهى اللطف والأدب أثناء التحقيقات، وما ان يغادر المكان حتى يدخل المرتزقة ثم يبدأ صفع المعتقلين وإهانتهم وتعليقهم رأساً على عقب وتعذيبهم».
من جهتها، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، نقلاً عن مصدر سعودي، أن «الأمراء والمسؤولين المعتقلين في السعودية قد ينقلون إلى سجن الحاير، جنوبي العاصمة الرياض، وقد يواجهون المحاكمة، إذا لم يتنازلوا عن أصولهم المالية». وأشارت الصحيفة إلى أن «عدداً من المعتقلين رضخوا للضغوط في إطار صفقة مع سجانيهم، وأنه قد يتم الإفراج المشروط عنهم وفرض إقامة جبرية عليهم، إلى حين تحويل الأموال من حساباتهم، في حين يقاوم آخرون تلك الضغوط أملاً في شروط أفضل». وأوضحت الصحيفة أن «ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يقود هذه الحملة تحت عنوان مكافحة الفساد، يشرف بنفسه على هذه المفاوضات مع المعتقلين، وأصبح زائراً دائماً لفندق الريتز». وأوضحت «وول ستريت جورنال» أن «ابن سلمان يتحرك في هذه الزيارات مع قلة من مستشاريه الموثوقين، وأنه يمضي في الزيارة الواحدة ساعات عدة»، وفقاً لمسؤول سعودي، لافتةً إلى أن «لجنة التحقيق تبغي نحو 70% من ثروات المعتقلين، وأنه تم تجميد أكثر من ألفي حساب حتى الآن». إلا أن الصحيفة أشارت إلى أن «جزءاً كبيراً من ثروات المعتقلين يوجد في حسابات خارج البلاد، ما يصعب على السلطات السعودية التحرك لمصادرة تلك الأموال عبر قنوات قانونية».

«بي بي سي» تجول في الـ«ريتز»

جالت شبكة «بي بي سي» البريطانية في فندق «ريتز ــ كارلتون»، لتكون بذلك أول وسيلة إعلامية تتمكن من الدخول إلى ذلك «السجن الفخم»، حيث يُحتجز أكثر من 200 أمير وثري سعودي، متهمين بسوء استخدام السلطة والفساد وتبييض الأموال.
وفي الفيديو الذي نُشر على موقع «بي بي سي»، تشير الصحافية ليز دوسيت إلى أن «المقابلات التي أجرتها مع المسؤولين هناك، ركّزت على أنه عندما أُحضر الأمراء، في ليل الرابع من تشرين الثاني، كان الغضب بادياً على وجوههم، بشكل جلي». وأضاف هؤلاء المسؤولون أن «البعض منهم ظنّ أن هذا عرض (مسرحي) فقط، ولن يدوم طويلاً». ولكن دوسيت أضافت أنه «الآن، بعدما أيقن (المعتقلون) أن الأمر حقيقي، وأن هناك تهماً بحقهم، أعرب 95 في المئة منهم عن نيّتهم عقد صفقة، من خلال إعطاء (ابن سلمان) مبلغ من المال، في مقابل الخروج من الفندق (السجن)».
(الأخبار)