جمع 300 أستاذ فرنسي نحو 27 ألف توقيع في عريضة تطالب بإلغاء قاعدة التذكير والتأنيث في اللغة الفرنسية باعتبارها تحيّزاً ضد المرأة، وتعويضه بمبدأ الحياد في الاسم والصفة وفي أسماء الوظائف التي ليس لها مؤنث في اللغة الفرنسية. ووفق ما نقل موقع «هيئة الإذاعة البريطانية»، تدعو الحملة الجديدة إلى إلغاء التذكير والتأنيث تماماً بهدف التخلص من «سيطرة الفكر الذكوري على لغة موليير»، فلا تتبع الصفة الموصوف لا تذكيراً ولا تأنيثاً.
تدعم هذا التوجه المؤرخة وأستاذة الأدب الفرنسي، إليان فيينو، التي أصدرت كتاباً تقول فيه إن غلبة المذكّر على المؤنث ليست أصيلة في اللغة الفرنسية، وإنما استحدثت في القرن السابع عشر، موضحة في حديث لقناة «فرانس 24» أن قواعد اللغة الفرنسية قبل القرن السابع عشر كانت تقضي بأن تتبع الصفة الاسم الذي قبلها سواء كان مؤنثاً أم مذكراً. وأضافت أن النصوص القديمة في اللغة الفرنسية تبيّن أيضاً وجود أسماء وظائف مؤنثة ألغيت أو أهملت بدءاً من القرن السابع عشر، لأن «الذكور سيطروا على هذه الوظائف وأبعدوا عنها المرأة، مثل سفيرة، فأصبح الفرنسيون بمرور الوقت يقولون السيدة السفير، بدل السفيرة». وترى إليان أيضاً أنّ «تعليم التلاميذ قاعدة أن المذكر له الغلبة على المؤنث لا يساعد في تنمية المساواة في عقله».
في المقابل، تعترض «الأكاديمية الفرنسية»، التي تعد المرجع الأعلى للغة الفرنسية في العالم وحارسة قيمها وتراثها، على الموضوع وتعتبره «هجوماً على اللغة الفرنسية وهدماً لقواعدها، يؤدي في النهاية إلى تفكيكها وجعلها صعبة التحصيل وغير مفهومة». وحذّرت الأكاديمية في بيان نشرته أخيراً على موقعها الإلكتروني من أنّ «هذه الكتابة الجديدة تجعل اللغة الفرنسية مهدّدة بالموت والانحسار لأن هذه التعديلات تزيد من التعقيدات وصعوبة الفهم بالنسبة للأجيال القادمة وللشعوب الناطقة بالفرنسية عبر العالم».
رقعة الجدل لم تقتصر على هذا الحد، بل وصل إلى مؤسسات الدولة، إذ أصدر رئيس الوزراء، إدوار فيليب، مذكرة تمنع إلغاء التذكير والتأنيث في المراسلات الرسمية، وفق ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وتفيد المذكرة بأنّ «صفة التذكير حيادية يمكن استعمالها لتشمل المرأة».
ومن المتوقع أن يتوسّع الجدل في أوساط المثقفين وخبراء اللغة والتعليم في فرنسا، بينما لا يتوقع استسلام دعاة المساواة بين الجنسين في اللغة لما طلبه رئيس الوزراء. فهم يرون أن «تغليب المذكر على المؤنث في قواعد اللغة تحيّز ضد النساء، ولا مكان له في اللغة الفرنسية في 2017»، كما أنّه حان الوقت لتغيير هذا «الإجحاف». يذكر بعض الكتّاب باشروا فعلاً بالخروج عن هذه القواعد في نصوصهم.