تعود محادثات أستانا إلى الانعقاد مجدداً في جولتها الثامنة، وسط تطورات لافتة في المشهد الميداني وتعثّر في مسار محادثات جنيف. الجولة التي تنطلق اليوم، وتمتد على يومين، قد تكون الأخيرة التي تستضيفها العاصمة الكازاخية، لتتحول لقاءات المسار المضمون روسياً ــ تركياً ــ إيرانياً إلى سوتشي الروسية، من خلال مؤتمر «الحوار الوطني» الذي لم يحدد موعد جولته الأولى بعد. ولن تخرج أجندة الجولة الثامنة، وفق ما رشح عنها، عن الملفات العالقة من سابقتها، وخاصة ملف المعتقلين والمختطفين، والاتفاق على مذكرة لنزع الألغام من بعض المناطق.
ومن غير المتوقع أن يحصل أي خرق بارز في شأن الملف الأول، نظراً إلى تعقيده وتداخله مع الجوانب الأمنية والجنائية. وهو ما قد يتطلب إنشاء لجنة متابعة وفق آلية محددة لحلحلة مفاصل ملفات المعتقلين والمختطفين وتبادل الجثامين. ولم تعلن أي من الدول الضامنة الثلاث عن خطوات جديدة لمناطق «تخفيف التصعيد»، قد يتم بحثها خلال هذه الجولة، فيما يبقى الدور التركي في دفع المعارضة نحو المشاركة في مؤتمر سوتشي، وطبيعة المشاركة الكردية فيه، رهن التفاهمات التي توصل إليها الرئيسان الروسي والتركي خلال لقائهما الأخير. وبينما توجه الوفد الحكومي أمس إلى أستانا، لم يعلن الجانب المعارض مشاركته بشكل رسمي، فيما أعلنت شخصيات عسكرية منه منفردة أنها ستحضر اجتماعات الجولة. ونقلت وكالة «الأناضول» عن مصادر «واسعة الاطلاع» قولها إن لقاء «أستانا 8... ربما يكون الأخير، على أن يبدأ مسار سوتشي الروسي.... وقد يستمر مسار أستانا ليكون رافداً لمسار سوتشي».
وفي سياق متصل بالمحادثات، قال نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، إن بلاده سوف تدعو المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى اتباع نهج «أكثر اتزاناً» في تقييمه للأطراف السورية المشاركة في اجتماعات محادثات جنيف. ولفت إلى أن هذا الطرح سيرد ضمن اللقاء المرتقب بين دي ميستورا ووزير الخارجية سيرغي لافروف، موضحاً أن على المبعوث الأممي «العمل بفاعلية أكبر مع الجانب المعارض، لوقف طرحه لشروط مسبقة».
وتأتي جولة «أستانا» الحالية بعد تصاعد في حدة المعارك على جبهات منطقة «تخفيف التصعيد» في إدلب ومحيطها، مع مشاركة لافتة لفصائل وافقت على الهدنة والاتفاق، إلى جانب «هيئة تحرير الشام». وتشير المعطيات الميدانية إلى أن الجيش ماضٍ في عمليته العسكرية في أرياف حماة وإدلب وحلب، في ظل تقدمه الأخير داخل الريف الإدلبي، وصولاً إلى أطراف قرية أبو دالي. وتمكنت قواته أمس من السيطرة على قريتي تل المقطع ومشيرفة أبو دالي، في ظل استمرار الاشتباكات في المناطق التي تفصلهما عن أبو دالي، إحدى أبرز القرى في جنوب شرق إدلب. وجاء التقدم الأخير بعد سيطرة الجيش على قرى وادي الجفرة وتل الأغر والرويضة، أول من أمس. ومع استمرار التغطية الجوية لعمليات الجيش في قرى ريفي حماة وإدلب، نفت وزارة الدفاع الروسية تقارير عن شنّ طائراتها الحربية ضربات جوية أودت بحياة 19 شخصاً بينهم أطفال، في محافظة إدلب، مشيرة إلى أنها «لم تنفذ أيّ طلعات في تلك المنطقة». وبالتوازي، كثّف الجيش استهدافه لمواقع المسلحين وتحركاتهم في محيط قرى بيت جن ومزرعة بيت جن ومغر المير، في ريف دمشق الجنوبي الغربي. وتركز القصف أمس على منطقة مقام الشيخ عبدالله، وعلى الطرق المحيطة بمغر المير.
(الأخبار)