يُقدّر عدد المصابين بمرض السّرطان بنحو اثني عشر مليون شخص حول العالم، مع توقّعات بارتفاع هذا العدد إلى الضعف بحلول عام 2025 (منظمة الصحة العالمية). ويُعتبر السّرطان المسبّب الثاني للموت بعد الوفيّات الناجمة عن أمراض القلب، لتشكل الوفيّات المرتبطة بهذا المرض الخبيث 13% من مجمل الوفيّات عالمياً. وقد ثبُت علمياً بأن النّظام الغذائي وسلامة الغذاء يرتبطان ارتباطاً وثيقاً باحتمال الإصابة بمرض السّرطان.
من هنا، تُطلق "انفيرومنتال ووركينغ غروب" سنويًا لائحة بأسماء الأطعمة التي يجب التّنبّه من سلامتها من المواد الكيميائية والمبيدات. وقد وضعت، في هذا الإطار، لائحة مكوّنة من 12 صنفاً شديدي الحساسيّة، و15 صنفاً آخر يُعتبرون من ضمن المأكولات الآمنة نسبيّاً، وذلك بالاعتماد على معلومات وأبحاث من وزارة الزّراعة الأميركية.

الدّزينة المُلوَّثة

إذا توقّف الإنسان عن استخدام المبيدات والأدوية الكيميائيّة في ري المزروعات، أو ما يُطلق عليه زراعيّاً باسم "الرشّ"، يمكن لبعض أنواع المنتجات أن تقلل من كمية السموم التي نستهلكها يومياً بنسبة تصل إلى 80%. هذا ما توصلت إليه وزارة الزراعة الأميركية. وفي اختبار أجرته الأخيرة، يقضي بغسل 49 نوعاً من الخضار والفاكهة باستخدام أنظمة المياه ذات الضغط العالي وتحليل نتائجها، وجدت منظّمة "انفيرومنتال ووركينغ غروب" اثني عشر نوعاً من المأكولات التي اتّسمت باحتوائها على عدد كبير من المواد الكيميائيّة المختلفة، تخطّى عددها العشرات في بعض الأنواع، حتّى بعد الغسل الجيّد.
وتصدّرت اللائحة الفاكهة المدلّلة، أو الفريز، التي سجّلت احتواءها على 20 نوعاً من المواد الكيميائّية المصنّعة التي لا تذهب مع النّقع والغسل. وحلّت السٍّبانخ في المركز الثّاني، بعد أن سجّلت ضعف عدد بقايا المبيدات من أي محصول آخر على القائمة. وقد كانت أربعة مبيدات حشرية – مبيد حشري واحد وثلاثة مبيدات فطرية – مسؤولة عن الجزء الأكبر من المخلفات التي تم اكتشافها على السبانخ. وأتى الناكتارين، وهو نوع من الدراق ذي القشرة الملساء، في المرتبة الثالثة، ليتبعه التفّاح في المرتبة الرابعة، بعد أن كانت هذه الفاكهة تتصدر اللائحة لسنوات عدة. وحل في المرتبة الخامسة الدرّاق المتعارف عليه في أسواقنا، ليليه في المرتبة السادسة الإجاص. أمّا في المرتبة السّابعة فجاء الكرز، متبعاً بالعنب ثامناً والكرفس تاسعاً. وللمفارقة، فقد حلّت الطماطم، أو البندورة، والفليفلة الحلوة والبطاطا في المراتب العاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة تباعاً. وأخطر ما في الأمر أن استخدام هذه الأصناف يُعدّ شبه يومي ويدخل في وجبات الأطفال بكل مباشر وكبير، ما يجعلنا ندق ناقوس الخطر إزاء ما يحويه طعامنا.

خمسة عشر نوعاً آمناً

مقابل ذلك، عدّدت المنظّمة لائحة بخمسة عشر نوعاً من الخضروات والفاكهة التي اعتُبرت آمنة نسبياً، وذلك لعدم تخزينها للمواد الكيميائيّة وخلوّها منها بعد الغسل.
وتصدّرت اللائحة عرانيس الذّرة، ويرجع السّبب في ذلك إلى أن قشرتها تُعدّ سميكة وقاسية مقارنة بباقي أنواع المزروعات، ما يحمي الحبوب الدّاخليّة من المواد الكيميائيّة والمبيدات.
وجاءت في المرتبة الثانية الأفوكادو، تتبعها فاكهة الأناناس في المرتبة الثالثة. وحلّ تباعاً في المراتب الرّابعة والخامسة والسّادسة الملفوف والبصل والبازلاء، لتأتي سابعاً فاكهة البابايا، وثامناً نبات الهليون، وتاسعاً المانجا. بعد ذلك، حل الباذنجان في المرتبة العاشرة، تبعته فاكهة الكانتالوب، وهي من أنواع الشّمام التي تتميّز بلونها الأخضر، ثمّ الكيوي ثمّ الشمّام الأصفر في المرتبتين الثانية عشرة والثالثة عشرة. وحلّت في المرتبة الرابعة عشرة زهرة القرنبيط، لتأتي أخيراً فاكهة الغريب فروت في خاتمة القائمة.

ماذا يمكننا أن نفعل؟

إزاء السّموم التي يتمّ تشريبها للمزروعات لتكبر بشكل أسرع أو بحجم أضخم، يجنح العديد إلى الانضواء تحت التيّار الحديث من النّاس، الذين يلجأون إلى شراء المأكولات الخالية تماماً من المواد الكيميائيّة والمبيدات الحشرية والتي تعرف باسم المأكولات العضوية أو "organic food"، والتي بدأت تلاقي رواجاً في التّعاونيّات والاستهلاكيّات الكبيرة وفي بعض المحلات المخصصّة لها. ورغم أهميّة الحصول على هذه المزروعات "نظيفة"، إلّا أنها لا تزال محلّ نقاش بين من يراها غاليّة الثمن نسبيّاً وليست في مقدور متوسطي الدخل، وبين من لا يثق بمصداقيّة المصدر ويشكّك في خلّوها كليّاً من المبيدات والمواد الكيميائّية. وفي مكان آخر، هناك من بدأ يعمد إلى زراعة بعض الأنواع البسيطة بنفسه، خاصة أولئك الذين يملكون فسخة خضراء صغيرة لذلك، ليتمكّنوا، ولو بشكل محدود، من تناول شيء آمن وسليم يقي أجسامهم من السّموم والملوّثات التي باتت تنخر أمعاءنا.