في 14 كانون الأول الماضي، أصدر مجلس شورى الدولة قراراً أبطل فيه، جزئياً، قرار الترخيص بـ«إنشاء صناعات فئة أولى»، الذي منحته وزارة الصناعة للأخوين بيار وموسى فتّوش في منطقة عين دارة. وخلُص القرار إلى اعتبار المُراجعة المُقدّمة من رئيس بلدية عين دارة العميد فؤاد هيدموس وعدد من أهالي البلدة لإبطال قرار الترخيص، مقبولة «جزئياً»، مُستنداً الى اجتهاد المجلس الذي استقرّ على إمكانية إبطال القرارات الإدارية جزئياً «متى كانت الأحكام التي تُنظّمها غير متلازمة وقابلة للتجزئة (...)».
القبول«الجزئي» الذي نصّ عليه قرار «الشورى»، يتمثّل بإبطال تسع عبارات وردت في قرار الترخيص رقم 5297/ت الصادر عن وزير الصناعة حسين الحاج حسن بتاريخ 8/10/2015. وهذه العبارات كانت تُجيز «استئجار خطوط التوتر العالي لنقل الطاقة الكهربائية وفق المواصفات الحديثة المقبولة عالمياً وربطها بشبكة التوتر العالي 220 ك.ف.»، كما كانت تسمح بـ«زيادة عقارات على الاستثمار مُستقبلاً، شرط استيفاء شروط التصنيف والتصنيع». وقد ذكر المجلس هنا عبارة «وما يحدّها ويُجاورها ويُحيط بها مُلك بيار وموسى فتّوش (...)»، فضلاً عن «السماح باستعمال المضخّات والآلات المُتحرّكة والثابتة من السُفن لتعبئة المواد الأولية من الاسمنت وكافة المواد من وإلى المرفأ».

قرار «الشورى»
مُجرّد «محاولة لضبط توسّع المُجمّع الصناعي... لا أكثر»


كما أبطل المجلس العبارات المتعلقة بـ«تشييد أبنية عائدة لهذه الصناعات (...)»، و«إقامة مستودعات صناعية وخزانات تستفيد من كافة التسهيلات والإعفاءات بعد تصديرها وفق الأنظمة والقوانين المرعية الإجراء»، و«الترخيص باستخراج الصخور والرمول والأتربة وغيرها والمواد الأولية من العقارات المذكورة وغيرها»، و«السماح بالتجديد والاستبدال والتطوير والتحديث والإضافة ضمن الاستثمارات المسموحة بكل قطاع من مُجمل القطاعات التي تُشكّل المؤسسة المشمولة بالتراخيص بغية تأمين الطاقة الإنتاجية».
رغم ذلك، تقول مصادر مُطّلعة على الملف إن قرار «الشورى» لن يمنع إنشاء المُجمّع الصناعي الضخم في عين دارة، بل هو مُحاولة من المجلس لـ«ضبط» توسعه الذي كان مُقونناً بقرار الترخيص ليس أكثر.

ما هي الإنشاءات الصناعية المُرخّصة؟

وكان الحاج حسن قد أجاز لشركة «بيار وموسى فتوش ش.م.ل. « إنشاء مصانع ومطاحن صناعية وتجارية ــــ فئة أولى «بكامل تجهيزاتها ومختبراتها وآلاتها الثابتة والمُتحرّكة لتصنيع المواد الأولية المُستخرجة من مقالع وكسارات، ولا سيما الصناعات المُتلازمة مع استثمار المقالع والكسارات من المواد المُستخرجة منها والمُستعملة لأغراض صناعية لتحويلها إلى أحجار باطون كلينكر وخلافه ومواد أولية (...) وما تستلزمه هذه الصناعة من معامل وأفران ومطاحن كاملة ومعدات وآليات للتكسير والجرش للمواد الأولية وشاحنات وخطوط نقل وغيرها على أنواعها ومتمماتها لتصنيع وطحن ومعالجة وتعبئة المواد الأولية من الكلينكر وتوابعه ومن البوزلان والبازلت والتربة على أنواعها والرمل والبحص والجفصين والكلس والحجر الكلسي والفحم الحجري والحديد والألومنيوم ومشتقاتها والمعادن والاسمنت الفلت والمُكيّس (...) وغيرها من صناعات اسمنتية، والبلاط والأرصفة والجسور والجفصين والكلس على أنواعها، وكافة المستلزمات للتصنيع ومنها المشتقات النفطية من غاز وفيول أويل وفحم حجري ومشتقات المواد الأولية وتحويلها إلى صناعية ومحطات كهربائية مستقلة لتوليد الكهرباء (...)».

المجمع يخلّ بالتوازن البيئي

وكان هيدموس بصفته رئيس مجلس بلدية عين دارة وعدد من الناشطين في البلدة، قد تقدّموا في 9/8/2016 بمراجعة لدى المجلس يطلبون فيها إبطال قرار الترخيص، تستند الى جُملة من المخالفات «الجوهرية»، من بينها أن الشركة لم تلتزم بمضمون المادة 12 من مرسوم أصول تقييم الأثر البيئي التي تُلزمها بدراسة تقييم الأثر البيئي ووضعها بتصرف المواطنين لتمكينها من الاطلاع عليها ومناقشتها وإبداء رأيهم فيها، «الأمر الذي لم يحصل». كذلك تذكر المراجعة أن المادة 14 من المرسوم نفسه أوجبت على وزارة الصناعة، في حال رفض المشروع من قبل أي إدارة رسمية، أن ترفع الاعتراضات الى مجلس الوزراء لبتّها، «الأمر الذي لم يحصل، رغم رفض وزارة الصحة العامة الترخيص».
ولفتت الجهة المُستدعية الى أن قانون إنشاء محمية أرز الشوف أكّد أن عين دارة تحدّ المحمية من الجنوب، ومنع أي نشاط صناعي في نطاق المحمية ومنع إقامة أي نشاط يُستعمل فيه التفجير، وحدّد مسافة لا تقلّ عن 2000 متر «في حين أن المسافة بين العقارات المنوي إنشاء المجمع الصناعي فيها والمحمية لا تتعدّى مئات الأمتار».
كذلك لفتت الجهة المُستدعية الى أن «مراحل الإنتاج في المُجمّع الصناعي المُرخّص له ستؤدي الى الإخلال بالتوازن البيئي والطبيعي لناحية نوعية الهواء وتلوّث المياه وجرف الجبال والتأثير على صحّة المواطنين».




محامي البلدية: مُستمرّون

أعرب رئيس بلدية عين دارة العميد فؤاد هيدموس وعدد من الناشطين في البلدة عن خيبتهم من قرار «الشورى». وقال الوكيل القانوني لبلدية عين دارة المُحامي نشأت حسنية لـ«الأخبار» إن البلدية بصدد البحث عن طُرق قانونية أخرى لوقف تنفيذ القرار. ولفت الى أن مجلس شورى الدولة استند في قراره الى تصنيف عام 1994 الذي حُدّدت بموجبه عين دارة منطقة صناعية، «فيما أغفل تصنيف عام 2007 الجديد الذي يعتبر أن عين دارة هي منطقة صناعية وبيئية وسياحية في آن».