عندما سطع نجم أسطورة كرة القدم الأرجنتيني، دييغو مارادونا، في ثمانينات القرن الماضي، تداول عشّاق كرة القدم العرب، شائعة تفيد بأنّ اللاعب الشهير من أصول عربية! أخذ الخبر أكبر من حجمه، حتى نقل على لسانه تصريح لا يعرف مدى صحّته يقول فيه: «لو كانت إصبعي عربية لقطعتها»، لتشّن عليه حملة شعواء في الوطن العربي، خصوصاً بعد زيارته لـ «إسرائيل».
الماكينة العفوية التي اشتغلت ضدّه، أجبرته عندما اتجه نحو تدريب المنتخب الأرجنتيني وأراد أن يعيد شعبيته إثر اعتزاله واستعداده للتخلّص من الإدمان، على ارتداء الكوفية الفلسطينية في إحدى صوره.
الأخبار ذاتها يتم تداولها اليوم بين الحين والآخر عن قطبي الدوري الإسباني ونجمي فريقي «ريال مدريد» و«برشلونة»، كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، حول علاقتهما بالكيان الصهيوني، أو تعاطفهما مع العرب والمسلمين في بعض الأوقات. كل ما سبق يأتي ضمن رغبة جمعية خاوية، لدى جمهور غاب عن حياته الأبطال الحقيقيون في غالبية المجالات، فصار يعلّق طموحاته على أبطال يتمنى لو كانوا عرباً. وعندما تصفعه حقيقة مداراة هؤلاء للوبي الأقوى في العالم، يهرع الجمهور بثقافة القطيع خلف نجوم من أصول عربية كزين الدين زيدان مثلاً. الحالة نفسها تنسحب على الفن ونجوم السينما والغناء، مثل: سلمى حايك وشاكيرا وغيرهما.
وأخيراً، تمثّلت هذه الحالة بالشابة الفرنسية منال (22 عاماً ــ الصورة). الحسناء التي اعتلت مسرح النسخة السابعة من «ذا فويس» في نسخته الفرنسية بلباس إسلامي معاصر، وغنّت بصوت عذب وثبات وثقة لافتة، وأجبرت لجنة التحكيم على الاستدارة لها بحماس بعد تأديتها أغنية «هاليلويا» للليونارد كوهين على طريقتها الخاصة. طبعاً، الحضور الجذّاب للمحجبة الفرنسية أثار ردود أفعال مؤيدة في الصحافة الفرنسية، لكنّه وصل إلينا من بوابة مختلفة على أساس أنّها سورية الاصل. حتى إنّ مئات الصفحات والمواقع الإلكترونية طبّلت لهذا المنجز الثري، ونسبته لسوريا. علماً بأنّ الفتاة التي انضمت إلى فريق اللبناني ــ البريطاني «ميكا» بالكاد تقدر على لفظ الحروف العربية، وهي من أصول تركية ــ سورية لناحية والدها ومغاربية لناحية والدتها، كما أمضت كل عمرها في فرنسا، وتدرس في جامعاتها، وربما لا تعرف شيئاً عن سوريا سوى الحرب التي تأكل الأخضر واليابس؟!