كما في كلّ أسبوع، يقدّم برنامج «منّا وجر» (الاثنين ــ 21:30 على mtv) فقرات منوّعة في قالب ترفيهي مسلّ، من دون أن يغيب عن مشاهدات التلفزيونات اللبنانية والعربية وأبرز القضايا التي شغلت الرأي العام على مواقع التواصل الإجتماعي. لكنّ حلقة الأمس تضمّنت سقطة لا يمكن التغاضي عندها.
خُصّصت فقرة فقرة «للآخر مع أو ضد» للحديث عن إعلان المتسابقة الفرنسية منال ابتسام (22 عاماً) إنسحابها من النسخة السابعة من برنامج «ذا فويس فرنسا»بعد الهجوم العنيف الذي تعرّضت له خلال الأيام الماضية على خلفية تغريدات تنتقد فيها حكومة بلادها بعد الاعتداءات الإرهابية التي وقعت في مدينة نيس في صيف عام 2016 من جهة، وبسبب مواقفها المساندة لفلسطين من جهة أخرى.
إستعرض مقدّم «منّا وجرّ» بيار ربّاط سريعاً ما حصل، غير أنّه حصر الانتقادات التي طالت الصبية المحجّبة المولودة في مدينة بيزنسون لأب سوري ــ تركي وأمّ مغربية ــ جزائرية، بتعليقاتها على الهجوم الذي أودى بحياة عشرات الفرنسيين، متناسياً أنّ الموضوع لم يقتصر على مَن يعانون من رهاب المسلمين. فقد قادت أبواق مؤيدة للصهيونية أيضاً حملة ضدّ منال بسبب تأييدها للقضية الفلسطينية، والذي عبّرت عنه مثلاً في أغنيتها «ابتسمي يا فلسطين». مع العلم بأنّ المصابين بالإسلاموفوبيا اتهموها أيضاً بـ «التطرّف» استناداً إلى مشاركتها في عدد من الأنشطة المنظّمة من قبل مؤسسات إسلامية أو داعمة للمسلمين.
هل أنتم مع خروج منال ابتسام من البرنامج؟ طرح ربّاط السؤال على الشخصيات السبع التي شاركته الحلقة، لينقسموا إلى مجموعتين، واحدة مع (حبيب غبريل، وإنغريد بوّاب، وغسّان الرحباني، ورولا كعدي)، وأخرى ضد (أنطوان كسابيان (داروس)، ودوللي غانم، وجوزف طوق). ثم بدأت حفلة «تخبيص» مدّتها خمس دقائق، مرتكزة على تعليق لمنال على تويتر قالت فيه إنّ «الحكومة هي الإرهابية الحقيقية»، قبل أن تسخر من وجود بطاقات الهوية بحوزة منفذي العمليات الإرهابية.
رأى حبيب غبريل أنّ «الحرية إلها سقف وضوابط»، كما أنّ إبتسام «تؤذي مشاعر الآخرين في الوقت الذي سقطت فيه دماء... وهذه مسألة أثّرت بالفرنسيين كثيراً». وشدّد على أنّه «يمكن انتقاد الحكومة على فشلها في تأمين حاجات المواطنين لكن ليس على موضوع كهذا»، معتبراً أنّها قرّرت الانسحاب لأنّ «خسارتها باتت محسومة... فمن سيصوّت لها بعد ذلك؟»، ثم سأل في نهاية مداخلته: «هل تقبلون أن يشارك في برنامج لبناني شخص يستخف بشهداء لبنانيين؟».
في محاولته للدفاع عن الشابة، بدا كلام الصحافي جوزف طوق غير متماسك وغير مقنع، إذ قال إنّه «إذا نظرنا إلى وجه منال، نرى وجه سوريا الجميل في ظل كل هذا الدمار.... لا أدري إذا كمان يجب أن ندمّرها أيضاً». وأضاف: «كلمة إرهابي صارت دارجة ولم تعد تهمة. اليوم، هناك 500 مقاتل فرنسي على الأراضي السورية، فليسحبوهم قبل أن يُخرجوا صبية كهذه من برنامج يُعنى بالغناء».
هنا، تدخّلت الإعلامية دوللي غانم لمساندة منال إبتسام مشيرة إلى أنّها «اعتذرت وهذا يكفي»، ثم قرّرت إجراء مقارنة غربية عجيبة. «ذكرتني هذه الحادثة بمطالبة بعض اللبنانيين بمنع فيلم The Post لأّنّ مخرجه ستيفن سبيلبرغ دعم إسرائيل بالمال الذي استخدمته لقتل لبنانيين... فلنفصل الإبداع والجمال عن هذه الأمور. لماذا ندافع عن «ذا بوست» بينما نطالب بخروج منال؟». ربط مستغرب جداً، استنكره ربّاط وطوق، لكن ليس انطلاقاً من تشجعيهما لمقاطعة العدو الإسرائيلي طبعاً، ربّما فقد اعتراضاً على افتقاد المقارنة إلى المنطق! ثم عادت غانم لتؤكد أنّها «ضد مواجهة التطرّق بالتطرّف... قد تذهب منال الآن نحو التطرّف أكثر لأنّهم فشلوا في احتضانها».
هذا التوجّه، لم يحظ بتأييد المغنية إنغريد بوّاب على الرغم من أنّها لفتت إلى ضرورة «عدم خلط السياسة بالفن»، فـ «نحن نشاهد هذا النوع من البرامج (ذا فويس) للترفيه، ولو أردنا أن نوجع رؤوسنا لشاهدنا برامج سياسية. أنا مع إنسحابها رغم جمال صوتها ووجهها. هذه الشابة قالت كلاماً عليها أن تتحمّل مسؤوليته». وفي غضون ذلك، شدّد غسّان الرحباني على أنّ «الاعتذار جاء متأخّراً، وأنّ ما يظهر على الإعلام يؤثّر في جميع الناس».
أما خبيرة الموضة، فقدّمت خلاصة «مدهشة» تفيد بأنّ انتقاد منال إبتسام للحكومة الفرنسية مثال على «النقاف»، سيّما أنّها «فرنسية، تعيس في فرنسا حيث تأكل وتشرب وتعمل»!! لتتابع قائلة إنّه «مش غلط» أن يكون لديها رأي سياسي، إلا أنّ «دعم أفعال كهذه (الهجمات الإرهابية) غير مقبول... كان عليها الإعتذار قبل المشاركة في البرنامج».
وفي نهاية النقاش الذي بدأ بخبث وسار بسذاجة، طرح بيار ربّاط سؤالاً حول لماذا لم يتنبّه منتجو «ذا فويس» إلى بوستات منال إبتسام على السوشال ميديا قبل التواصل معها وعرض عليها الانضام إلى العمل الذي تبثّه قناة TF1؟