«إعادة إنشاء وزارة المغتربين لكي تتحقق المشاركة السياسية الكاملة لكلّ المواطنين الذين يحملون الجنسية اللبنانية». هو البند السابع من البرنامج الانتخابي لحركة أمل، الذي ألقاه رئيس مجلس النواب نبيه برّي أول من أمس، خلال إعلانه أسماء مُرشحي «الحركة» إلى الانتخابات النيابية.
تضمين برنامج انتخابي، اقتراحاً يعي رئيس المجلس النيابي أنّ من غير الممكن أن يتحقق من دون توافق سياسي في البلد، أتى ردّاً غير مباشر من «الأب الروحي» لوزارة الخارجية على «رغبة» الوزير جبران باسيل وفريق العمل المحيط به، في إلغاء منصب مديرية المغتربين ودمجه بمديرية الشؤون الاغترابية في الوزارة، ونقل الموظفين في الأولى من المبنى في بئر حسن إلى قصر بسترس في الأشرفية.
ولا يُمكن فصل «زكزكة» برّي للتيار الوطني الحرّ، عبر المطالبة بإعادة إنشاء وزارة المغتربين، عن الخلاف المتصاعد بين الفريقين الذي رافق خصوصاً انعقاد مؤتمر الطاقة الاغترابية في أبيدجان، وانقسام الجالية اللبنانية هناك التي تنتمي بأغلبيتها إلى الطائفة الشيعية، ومطالبة قسم من المغتربين بتأجيل المؤتمر. أدارت «الخارجية»، حينها، أُذنيها لكل الأصوات المعترضة على المؤتمر، مُصرة على انعقاده ومُشاركة باسيل فيه... ولو من باريس وعبر الشاشة.

تقول مصادر في «الخارجية» إنّ باسيل «تمكن من تسجيل هدف في مرمى خصومه»




ولكن، لم تكد تمرّ 24 ساعة على مؤتمر برّي، حتى أعاد باسيل رمي «كرة النار» بوجه مُطلقها. ولم يجد وزير الخارجية ردّاً على رئيس المجلس النيابي، أفضل من إعادة تحريك ملفّ التعيينات في مديريات الوزارة، وسحب مديرية المراسم من تحت بساط حركة أمل، التي كانت تُطالب باسنادها إلى السفير بلال قبلان. ومن أجل تجنّب أي ردّ فعل من جانب حركة أمل، من خلال «عرقلة» وزير المال علي حسن خليل لإصدار مرسوم التعيينات (باستثناء مديريتي الشؤون السياسية والشؤون الإدارية والمالية، لا تدخل بقية المديريات في «الخارجية» ضمن وظائف الفئة الأولى التي تحتاج إلى ثلثي مجلس الوزراء لتعيين شاغليها، بل يُكتفى بقرار وزير الخارجية وحده)، تقرّر تكليف الدبلوماسيين بموجب قرارٍ من الوزير. لا يؤثر هذا الإجراء بالوضع «القانوني» أو المادي للدبلوماسيين، ولكنّ تكليفهم يُعَدّ «مؤقتاً»، وعليهم أن يُرفِقوا توقيعهم بعبارة: «بالتكليف».
القرار الذي يجري العمل عليه في قصر بسترس، يتضمن تكليف كريم خليل (ينتمي إلى الطائفة السنية) «المراسم». خليل، هو ملحق اغترابي، شغل سابقاً مركز القائم بالأعمال في روما، و«يرتاح» إليه جبران باسيل. تقول مصادر مُطلعة على الملف الدبلوماسي إنّ «تكليف خليل هو رسالة مباشرة ضدّ حركة أمل». ولن تتمكن «الحركة» من القيام بأي حركة اعتراضية «بما أنّه لم يصدر مرسومٌ بالتعيين، واكتُفي بقرار تكليف». ولكن عملياً، «تمكّن باسيل من تسجيل نقطة في مرمى خصومه»، تقول مصادر في قصر بسترس مُغتبطةً.
تنفي مصادر أخرى في «الخارجية» أن تكون حركة أمل قد طالبت أصلاً بمديرية المراسم (مصادر «الحركة» تؤكد طلبها «المراسم»)، مُصرّةً أنّ «قبلان غير مُسيّس. وبالنسبة إلى باسيل، كان قبلان الأكفأ لتولّي مديريتي المراسم والشؤون الاقتصادية». فضّل الوزير أن يُكلّفه بـ«الاقتصادية» بسبب «ملّف تعيين الملحقين الاقتصاديين حالياً، وضرورة أن يكون على رأس هذه المديرية سفير. في حين أنّه يُمكن تعيين مستشار في المراسم، فوقع الخيار على كريم خليل، لا سيّما أنّ الطائفة السنية غير مُمثلة في المديريات». مع الإشارة إلى أنّ الأمين العام لـ«الخارجية» ينتمي إلى الطائفة السنية، وهو يُعدّ «رأس» كلّ المديريات. وترفض المصادر الربط بين مؤتمر برّي وقرار التكليف، «لأنّ القرار مُتخذ منذ الجمعة، ومن المفترض أن يصدر في الأيام المقبلة، ولكن ضجّ الخبر في الوزارة يوم أمس». أما السبب وراء إصدار قرار تكليف وليس مرسوما، «هو أنّ الثاني بحاجة إلى الكثير من الوقت حتى يدخل حيّز التنفيذ، لذلك سنُصدر قرار التكليف ونعمل على المرسوم في الوقت عينه».
بالنسبة إلى بقية المديريات، سيشمل القرار تكليف بلال قبلان في المديرية الاقتصادية (أراد باسيل منذ البداية تعيين قبلان في هذه المديرية)، كارلا جزار في وحدة الرموز (كانت تريد تسلّم «الاقتصادية» أو «المراسم»، بسبب «قيمة المديريتين المعنوية»)، يوسف رجّي في وحدة التفتيش، نجلا رياشي في دائرة الصحافة، كارولين زيادة في المنظمات الدولية. أما مركز الاستشارات القانونية، فقد أُبقي شاغراً بعد أن كان من المفترض تعيين يوسف صدقة فيه. والحُجة هي «وجود دبلوماسيين في المركز قادرين على تسيير الأعمال». وكان قد عُيّن سابقاً السفير غدي خوري مديراً للشؤون السياسية، والسفير كنج الحجل مديراً للشؤون الإدارية والمالية، والسفيرة فرح نبيه برّي مديرة للشؤون الاغترابية (وهي غير المديرية العامة للمغتربين الشاغرة بعد إحالة مديرها العام هيثم جمعة على التقاعد نهاية العام الماضي).