ليست المرّة الأولى التي يظهر فيها المتحدث باسم «الجيش الإسرائيلي»، أفيخاي أدرعي، على «الجزيرة»، ولن تكون الأخيرة. أوّل من أمس الثلاثاء، حلّ أفيخاي ضيفاً على برنامج «الإتجاه المعاكس»، في مقابل الضابط السوري صلاح خراطة الذي أطلّ من مدريد.
اللافت هذه المرّة، كان الهجوم المنظّم لمواقع ومنصات قطرية على هذه الاستضافة، ولوم مقدّم البرامج فيصل القاسم عليها. لوهلة، يخال المتابع أنّ الشاشة القطرية بعيدة عن أجواء التطبيع مع الصهاينة، غير أنّها كانت على رأس المرّوجين لشعار «الرأي والرأي الآخر». واليوم، باتت هذه المنصات تتنصّل من علاقتها المباشرة بالكيان الغاصب.
ضمن سؤال «هل أنهى النظام السوري تفوق إسرائيل الجوي؟»، خصص القاسم حلقته للحديث عن إسقاط الجيش السوري، أخيراً لطائرة عسكرية صهيونية في «الجليل». تُرك أدرعي يعيد تباهيه بـ «التفوّق الجوي الإسرائيلي»، قبل وبعد الضربة التي تلقاها جيش الاحتلال، وأخذ يسخر من العرب والسوريين تحديداً قائلاً إنّهم «جماعة أقوال»، لا «أفعال» كما «إسرائيل». قد لا تهم هنا، إعادة سرد ما قاله المتحدث الصهيوني، ولا كيف كانت أسئلة القاسم على شاكلة «كيف سمحتم لإيران بإدخال مئات المقاتلين الشيعة الذين وصلوا الى الجولان؟»، ليردّ عليه أدرعي قائلاً: «لو كنت مواطناً لبنانياً، لكنت فضّلت أن أبقى في إسرائيل، في حالة حرب ولا أكون في لبنان مع حزب الله».
قد لا يهم كل هذا السرد، بقدر ما يجب تسليط الضوء على «صحوة» المنصات القطرية (المدن، عربي 21، العربي الجديد) وتعظيم فعلة القاسم، وإفساحه في المجال لمتحدث إسرائيلي في الظهور على الشاشة القطرية، واعتبارها «سقطة مهنية وأخلاقية»، وتصويرها كحادثة عابرة، لا تمسّ الشبكة القطرية ككل، بل تُختصر فقط بـ «الإتجاه المعاكس». هذا الأمر، بالتأكيد مجاف للواقع، فمنذ الأمس القريب، تاريخ إسقاط الطائرة الصهيونية، علت بعض الأصوات على مواقع التواصل الاجتماعي، مندّدة باستضافة المذيع اللبناني حسن جمّول لأفيخاي على «الجزيرة». قد لا يُفهم حالياً إطلاق النيران «الصديقة» على «الجزيرة» من قبل هذه المواقع، وارتداؤها لبوس مناهضة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، لكن الأكيد أنّ ما يحصل يعدّ ظاهرة لافتة، ويعطي مؤشرات عن علاقة الشبكة بهذه المنصّات الإعلامية التي تنضوي ضمن البيت الواحد.