رغم الانقسام، إلا أن حركتي «فتح» و«حماس» يبدو اتفقتا على شيء واحد، ألا وهو تعذيب معتقليهما في سجون قطاع غزّة والضفة الغربيّة، وشنّ اعتقالات تعسفية شبه يوميةكشف المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، في تقرير له صدر أول من أمس، عن أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية الموالية لحركتي «فتح» و«حماس» في كل من الضفة الغربية وغزة قامت بعمليات تعذيب ممنهجة ومخالفة للقانون بحق المعتقلين من الجانبين نجم عنها العديد من الوفيات.
وحمل التقرير عنوان «ممارسات التعذيب في السجون ومراكز التوقيف في السلطة الفلسطينية منذ أحداث حزيران 2007». وهو يغطي الفترة الزمنية التي تلت سيطرة «حماس» على قطاع غزة، في حزيران 2007، وحالة الانقسام الفلسطيني ـــــ الفلسطيني. وشهدت هذه الفترة اعتقالات وانتهاك لحقوق الإنسان من الطرفين على نحو غير مسبوق.
وأشار التقرير إلى أن ممارسة التعذيب أخذت اتجاهين: الأول، انعكاس لحالة الانقسام السياسي، والثاني على خلفيات جنائية. وأوضح أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في رام الله، وتلك التابعة للحكومة المقالة في غزة أقدمت على تعذيب الخصوم السياسيين.
وعن الجهات التي مارست التعذيب، ذكر المركز أنه جرى على أيدي أفراد من جهاز الأمن الوقائي وجهاز الاستخبارات العامة وجهاز الاستخبارات العسكرية في الضفة الغربية.
أما في قطاع غزة، فقد مورس التعذيب على أيدي أفراد جهاز الأمن الداخلي وجهاز الشرطة (المباحث الجنائية، مكافحة المخدرات والقوة التنفيذية).
وأكد التقرير أن «خلفية الانتماء السياسي هي الباعث الأبرز على ارتكاب التعذيب ومرتبطة إلى حد كبير بحالة الانقسام السياسي»، التي مثّلت المظلة التي جرت تحتها ممارسة العديد من أعمال التعذيب.
وسلط التقرير الضوء على حالات من التعذيب أدت الى الوفاة. وقال إنه رصد ثماني حالات وفاة جراء التعذيب في غزة، بعضها لناشطين من حركة «فتح» وأفراد الأجهزة الأمنية، إلى جانب معتقلين على خلفيات جنائية وتجارة المخدرات، فيما رصد ست حالات وفاة في سجون الضفة الغربية، غالبيتهم من أعضاء حركة «حماس».
وعرض المركز الحقوقي في تقريره أساليب التعذيب الجسدي والنفسي التي اتُّبعت، وقال إنها بلغت 16 نوعاً، أبرزها: عمليات الشبح، الفلقة، الضرب المبرح على جميع أنحاء الجسم، العزل الانفرادي، حلق شعر الرأس واللحية، الشتم بألفاظ نابية، والتهديد بالقتل والاعتداء الجنسي وإطفاء السجائر في الجسد. وأشار إلى أن من أحدث وسائل التعذيب إجبار المعتقلين على تنظيف الزنازين بفرشاة أسنان صغيرة، والوقوف على علبة حديد صغيرة لساعات طويلة.
كذلك أكّد التقرير وجود قصور واضح لدى جهات إنفاذ القانون في كل من الضفة وغزة بمتابعة قضايا التحقيق وملاحقة مرتكبي التعذيب، إذ لم تسجل أي حالة حوسب فيها المسؤولون عن التعذيب.
وقالت المنظمة الحقوقية إنها وجهت رسائل بشأن ممارسات التعذيب إلى القيادتين الفلسطينيتين في غزة والضفة تناشدهما فيها اتخاذ كل التدابير والإجراءات اللازمة لوقف التعذيب وحظره في السجون ومراكز الاعتقال، ومن بين هذه القيادات، الرئيس محمود عباس ورئيس حكومة رام الله سلام فياض، ورئيس الحكومة المقالة في غزة إسماعيل هنية.
وشددت في رسالتها على ضرورة الملاحقة القضائية لكل أفراد الأمن المشتبه بضلوعهم في ممارسة جرائم التعذيب وتقديمهم للمحاكمة.
(سما)